للمرة الأولى تخوض جزين وصيدا المعركة النيابية في لوائح موحدة، لوائح أحرجت بتوحدها الحلفاء، وصعّبت خياراتهم. فالتقى الأعداء وتباعد الحلفاء على مفترق أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري التي صبغت بأبعادها معظم تحالفات انتخابات 2018.

يضاف إلى الدمج البِكر بين القضاءين، وخلط الأوراق، وقانون انتخابي جديد يُصعّب عملية استباق النتائج لانتخابات صيدا – جزين، ويضيف على هذه الدائرة مزيداً من التشويق.

 


حتى الساعة يبدو أن اللوائح المشتركة بين المرشحين في صيدا وجزين، ستكون مؤلفة من ثلاث لوائح أساسية، لائحة التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، لائحة الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) مع التنظيم الشعبي الناصري، ولائحة القوات اللبنانية مع الكتائب.

تخوض هذه اللوائح المرجّح أن تبقى على الصيغة السابقة الذكر، في حال لم يطرأ أي جديد سياسي على الساحة اللبنانية من الآن وحتى تاريخ إجراء الانتخابات في 6 أيار المقبل، المعركة على خمس مقاعد نيابية (مقعدين للسنة في قضاء صيدا) يشغلهما في المجلس النيابي الحالي كل من النائبين فؤاد السنيورة وبهية الحريري، وثلاث مقاعد في قضاء جزين (مقعدين للموارنة، ومقعد للكاثوليك)، يشغلهم النواب زياد أسود، أمل بو زيد، وعصام صوايا.

ويبلغ عدد الناخبين في هذه الدائرة 116836 ناخب وفق آخر تحديث أجرته وزارة الداخلية. في صيدا 57614 ناخب يتوزعون بين (50900 سني، 6672 شيعي، 3791 مسيحي). وفي جزين 59222 ناخب يتوزعون بين (33443 ماروني، 12413 شيعي، 8597 كاثوليكي، 1487 أرثوذكسي، 1443 سني).

قضاء صيدا
يوجد في صيدا 6 أفرقاء هم: تيار المستقبل، وأسامة سعد، والجماعة الإسلامية، ورئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري وحزب الله ــ حركة أمل.

تؤكد مصادر صيداوية أن من يلعب دور "بيضة القبان" في هذا القضاء هو البزري، إذ أثبتت التجارب السابقة أنه حيث يكون البزري يكون الثقل السني، وترجّح المصادر أن يتحالف البذري مع تيار المستقبل كما حصل في الانتخابات البلدية الماضية.

حسم المستقبل ترشح النائب بهية الحريري على أحد المقعدين السنيين، واستبعد ترشيح ابنها أحمد الحريري. وفي الوقت الذي يبدو فيه أن ترشيح السنيورة يتأرجح. تؤكد المصادر نفسها لـ"ليبانون ديبايت" أن هناك خيارات ثلاثة بالنسبة للمقعد السني الثاني في صيدا، وهي "إما إعادة ترشيح السنيورة، وإما ترشيح الدكتور ناصر حمود لجانب الحريري، وإما العزوف عن الترشح على المقعد الثاني"، وهو الخيار الأوفر حظاً، الذي قد يلجأ له المستقبل على اعتبار ارتفاع حظوظ فوز سعد بالمقعد الثاني المتحالف مع الثنائي الشيعي.

وللمرة الأولى، حزب الله لن يتحالف مع حليفه الاستراتيجي التيار الوطني الحر، نتيجة قرار الأخير بالتحالف مع تيار المستقبل، الذي تؤكد التصريحات من الطرفين (حزب الله والمستقبل) أنه لا إمكانية لوجودهما على لائحة واحدة.

وفي ما يخص الإسلاميين في صيدا، باءت حتى كتابة هذه السطور الدعوات لتوحيد الصف الإسلامي والاتفاق على مرشح، بالفشل، وبينما أعلن الناشط في "أحرار صيدا" والمقرب من الأسير عبد الغني القطب ترشيحه، لا تزال الجماعة الإسلامية التي كانت تترشح من قبل (عُرفاً) لجانب تيار المستقبل محتارةً في أمرها، ولم تحسم حتى الآن خيارتها. وبحسب مصادر مقربة منها، الاجواء الجديدة الطارئة على دائرة صيدا، تجعلها تعتمد التريث إلى حين تتبلور صورة التحالفات أكثر.

وقد تتجه الجماعة التي تشكل 1500 صوت في صيدا نحو التحالف مع التيارين الأزرق والبرتقالي، وهذا أمر غير مستبعد لا سيما أن الوطني الحر منفتح على الجماعة الإسلامية، وقام عدد من قادته بزيارات عدة لمراكزها العام الماضي، من بينهم النائب زياد أسود. إلا أن المؤكد أنها تتعامل مع كل منطقة بخصوصيتها الانتخابية ولا تعتمد مبدأ موحد في كل الدوائر، ما يعطيها الهامش الأكبر لعدم حسم خياراتها قبل أن توضح الصورة.

قضاء جزين
أما في الجزء الثاني من هذه الدائرة الانتخابية المتمثل بقضاء جزين، ثمة أربعة أفرقاء أساسيين، هم: التيار الوطني الحر، ثنائي حزب الله – أمل، القوات اللبنانية والكتائب، فضلاً عن آل عازار. 

تجزم أوساط جزينية مقربة من الوطني الحر أن الأخير تجاوز أزمة تعدد الترشيحات، إذ حسم اسمَي مرشحّيه لجهة المقعدين المارونيين. وبعدما حاول الزج بداية باسم الإعلامي جان عزيز تبين أن ليس لعزيز قبول قوي في المنطقة، فاضطر للعودة إلى أسود "رغم وجود إشارات استفهام عليه"، لأن أرقامه في الانتخابات الداخلية للتيار كانت مرتفعة، وإن لم تتجاوز أرقام بو زيد. علماً أن خسارة زياد من اللائحة قد تتيح للخصوم الخرق على مستوى الصوت التفضيلي.

لا تنفي الأوساط خطر مرشح حركة أمل ابراهيم عازار على المقعدين المارونيين، لا سيما أن عازار حصد في الانتخابات الفرعية في جزين عام 2016 ثلث الأصوات، بينما حصل بو زيد على ثلثي الأصوات، في وقت كانت أصوات حزب الله تصب لصالح الوطني الحر على عكس اليوم إذ يصب صوت الحزب لصالح حركة أمل.

أما المقعد الكاثوليكي، يتجه حتى الساعة التيار لترشيح جاد صوايا، وقد حاز على نسبة 12 في المئة من نسبة الأصوات في الانتخابات الداخلية، واستبعد التيار ترشيح سليم الخوري كون أصواته لم تتجاوز 1 في المئة.

وتستبعد أوساط محلية أخرى إمكانية الخرق في حال اكتملت اللائحة من "أسود، وبو زيد، وصوايا" وإذا تم التعاون والتنسيق بين الثلاثي البرتقالي. وتعوّل على تحالف الوطني الحر مع "المستقبل"، وهو الأقوى في صيدا. كما أن أبناء جزين من الطائفة الشيعية لديهم خصوصية باتباعهم الصوت المناطقي أكثر من الحزبي، ما يحفظ حصة بو زيد (ابن مليخ) من الصوت الشيعي.

وفي ما يخص القوات التي أعلنت مرشحها عن المقعد الكاثوليكي عجاج حداد، فهي أمام خيارين، إما خوض المعركة إلى جانب الكتائب وعائلات جزينية، "إذا أرادت أن تسجّل موقفاً". وإما أن تنضم للائحة التيارَين، وهو الاحتمال الأوفر حظاً، حتى الساعة، والذي تمهّد له اللقاءات الثنائية بين القوات والوطني الحر في محاولةٍ لتخفيف التشنج الذي أصاب العلاقة بين الطرفين أخيراً.