ما أبرز نتائج قانون العفو العام في منطقة بعلبك – الهرمل، وهل يُشكل هذا القانون حلاً جديًا لإنقاذ المنطقة من خطورة الجرائم؟
 

يُعرف قانون العفو العام؛ بأنه "العفو الذي تُصدره السلطة التشريعية لإزالة الصفة الجرمية عن فعل هو في ذاته جريمة يُعاقب عليها القانون، فيصبح الفعل كأنه لم يُجرَّم أصلًا"، ويشمل العفو العام "بعض الجرائم بشكل كلي، أو يخفض العقوبة إلى النصف أو الربع، كما يشمل أشخاصًا محددين".
ويالتالي يؤدي العفو العام إلى محو الصفة الجرمية عن الفعل، وإذا صدر بعد ارتكاب الجريمة، وقبل أي ملاحقة جزائية، فلا يجوز ملاحقة الفاعل.
ومن هنا، تشهد منطقة "بعلبك – الهرمل" ما بين 35 و45 ألف مذكرة توقيف وأكثر بحق أبنائها، وتتوزع الجرائم بين سرقات، قتل، التسلح العشوائي، زراعة الحشيشة والترويج لها، عدا عن بيع المخدرات والمتاجرة بها، والأخذ بالثأر وفقًا لعادات أهل المنطقة، والتي مازالت قائمة حتى اليوم، وغيرها من مذكرات الإعتقال....

معالجة ملف المطلوبين في بعلبك - الهرمل
يشهد ملف المطلوبين في بعلبك - الهرمل معالجة شبه سيئة ومعدومة انعكست على الحالة الأمنية والإجتماعية والإقتصادية في المنطقة، غير أن الدولة اللبنانية مازالت تُماطل في تنفيذ قرار جدي لهذا الملف، وللأسف تعاني منطقة بعلبك - الهرمل كل أشكال الحرمان وبشكلٍ لا يُحتمل، ومعظم الأبواب مغلقة في وجه أبناءها، وكثرة الدعاوي بحق المطلوبين، زادت من حدة الأزمات في المنطقة، إذ أن الدعاوي لم تُسحب بعد، وتعيش المنطقة حالة من الفوضى، علمًا أن السعي إلى معالجتها بما يخص الحق العام وبطريقة واعية، قد يساهم في الحد من تفاقم المشكلات والمخاطر، لأن مذكرات التوقيف كبّلت حرية أعداد كبيرة من أبناء المنطقة.
ومنذ سنوات عدة يُطالب أهالي المنطقة بالعفو العام، إلا أنه لا يوجد حتى الآن أي مساعٍ جدية للوصول إلى حل جذري، وما يعرقل منح العفو العام لمطلوبي بعلبك- الهرمل، هو أهداف سياسية بحتة، عدا عن ربط الملف بمطلوبي طرابلس وعبرا والبقاع وغيرها من المناطق اللبنانية، وتُشير بعض الأطراف إلى أن قانون العفو العام لا ينحصر بأبناء منطقة بعلبك – الهرمل، إنما يشمل مناطق لبنانية أخرى...

إقرأ أيضًا: هذا ما يريده المواطن اللبناني من المرشحين للإنتخابات النيابية

ما يشمله قانون العفو العام 
لابد من طرح صيغة قانونية، تسمح بفرض قانون العفو العام، لبعض المطلوبين باستثناء مرتكبي جرائم القتل، والجرائم التي تُهدد الأمن الوطني، لأن هذه الملفات تحديدًا يُصعب التدخل فيها، ولابد من معاقبة مرتكبيها.
أما ملف جرائم المخدرات، يُعد ملفًا معقدًا، إذ أن على الدولة اللبنانية أن تُفرق بين التاجر الكبير المروج للمخدرات، وبين إبن المنطقة الفقير الذي لم يجد في بلده فرصة للعمل، فلجأ إلى تهريب المخدرات بعد إنجراره في دوامتها.
وهذا يعني أن قانون العفو العام لابد أن يشمل المخالفات البسيطة التي يكون حلها باجراءات سريعة وغير معقدة، أو تخفيف الحكم على بعض المخالفات المعقدة، والتي تتعلق بالحق العام.

نتائج هذا القانون

أ- هل يحقق هذا القانون نتائج إيجابية؟
يُساهم قانون العفو العام في نتائج إيجابية قد تساهم في إنقاذ منطقة بعلبك – الهرمل من العديد من المخاطر، وأبرز تلك النتائج:
- تخفيف عدد مذكرات التوقيف في المنطقة، إذ أن هذا العدد قد وصل إلى أكثر من 45 ألف مذكرة، وإن إستمر هذا العدد في الإرتفاع، فإن منطقة بعلبك - الهرمل ستشهد الكثير من الجرائم والملاحقات، وهذا ما سينعكس سلبًا على المواطن البعلبكي الذي يعيش جميع أشكال الفقر والحرمان بعد أن فقد التواصل والتعاطي مع المسؤولين في الدولة اللبنانية.
- فرض الدولة اللبنانية سلطتها في المنطقة، والحد من حالة الفوضى التي يعيشها أبناء المنطقة، وهذا ما سينعكس على لبنان بشكل عام.
- الحد من الجرائم، علمًا أن وجوب إقرار العفو العام يقضي بالتعهد بعدم تكرار الجرم، وهذا ما سيؤدي إلى إنماء المنطقة، بعد تحرير أهلها من الأزمات والجرائم، وتوجيههم نحو إنماء منطقتهم والمشاركة في تطويرها.
- تقليص أعباء المجتمع البعلبكي، وتخفيف أعباء تراكم الملفات على القضاء واكتظاظ السجون.
- عودة المواطن البعلبكي لاسيما الشباب إلى كنف الوطن، خصوصًا أن معظم شباب المنطقة انجرفوا في مخالفات فرضها عليهم واقع الفقر والحرمان، كتهريب المخدرات مثلاً، وهنا لابد من محاسبة مروجي المخدرات وكبار تجارها، والتمييز بين التاجر المروج، وبين الشاب الفقير الذي وجد في هذه التجارة لقمةً لعيشه، ومن هنا يأتي العفو العام ليشمل هذا النوع من الشباب المُشرد في ظل غياب الأمن وهيمنة الفقر.

ب- هل من نتائج سلبية لهذا القانون؟
قد يرى البعض، أن سبب تراكم المُذكرات في بعلبك – الهرمل، يعود إلى غياب الأمن في المنطقة من جهة، ولطبيعة التركيبة الإجتماعية لأهالي المنطقة بما تشمله من عادات وتقاليد تختلف عن عادات غيرهم من اللبنانيين من جهة أخرى، عدا أن بعض المجرمين سيجدون في هذا القانون فرصةً لإستغلاله بهدف تغطية جرائمهم والتهرب منها، وهذا ما على الدولة اللبنانية الإنتباه له وفرض قانون العفو بحذر شديد. 

وأخيرًا، إن اقرار قانون العفو العام في منطقة بعلبك – الهرمل، ليس قرار لتبرئة المجرم أو تشريع الجريمة، إنما يُشكل حلاً جديًا لإنقاذ المنطقة من خطر الغرق في بحر الجرائم، بما يشكل عودة إبن بعلبك – الهرمل إلى حضن الوطن، ولابد من عفو مشروط بعدم تكرار الجرائم خلال فترة يحددها القانون، مع التركيز على ضرورة شرح هذا القانون لأهالي المنطقة بما يضمن حقوقهم.