مفاوضات مع الصدر والحكيم لضمهما إلى تيار حيدر العبادي العابر للطائفية
 

يوشك رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على كتابة الحروف الأخيرة، في المسيرة السياسية لزعيم حزب الدعوة ورئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، بعدما “جرده من كل شيء تقريبا”.

وبدا مطلع الأسبوع الماضي أن المالكي وضع العبادي في زاوية حرجة، عندما ذهب إلى تسجيل حزب الدعوة في مفوضية الانتخابات، ضمن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه، ليجد الثاني نفسه مرغما على الترشح للانتخابات في قائمة يتزعمها الأول.

ولكن ليلة السبت، كانت حاسمة في مستقبل العبادي السياسي، إذ سدد خلالها ضربتين موجعتين للمالكي، الأولى بتحالفه مع جميع الممثلين السياسيين للحشد الشعبي، والثانية بإرغام حزب الدعوة على الخروج من السباق الانتخابي.

وقال سياسي عراقي مطلع على كواليس المفاوضات في بغداد لـ”العرب”، إن “العبادي خير قيادة الدعوة بين استقالته من الحزب أو سحب الدعوة من سباق الانتخابات”.

وأضاف أن “حزب الدعوة بنى مجده في العراق منذ العام 2005، على حيازته منصب رئيس الوزراء ولا يمكن له التفريط به”.

وتابع أن “قيادة الحزب لمست جدية العبادي في الاستقالة من الدعوة، لذلك رضخت لطلبه بسحب الحزب من الترشح للانتخابات”، بعدما “حصلت على موافقة المفوضية بالسماح لأعضاء الدعوة بالترشح منفردين للانتخابات المقبلة”.

وبهذا، خسر المالكي أبرز أسلحته السياسية والانتخابية بحكم أنه الأمين العام لحزب الدعوة.

وكان ذلك أمرا محتما وحدثا متوقعا، أن يتم التخلي عن المالكي في المرحلة المقبلة. فالرجل الذي لا يزال مهووسا بفكرة الحكم تحوم حوله شبهات عديدة من بينها ما هو أخطر من شبهة الفساد.


وقال مصدر إعلامي مقرب من حزب الدعوة “إن شيعة الحكم ومنذ سنوات صاروا يتهامسون في ما بينهم بحثا عن الوسيلة التي يتمكنون بواسطتها من محو ما يمكن أن أسميه بـ’عار المالكي’. وإذا ما كان العمل على استبعاده صعبا في هذه المرحلة، كونه لا يزال زعيما لحزب الدعوة الذي حكم العراق إثني عشر عاما فما يجري اليوم على مستوى التحالفات سيؤدي بالضرورة إلى طي صفحته على المستوى السياسي”.

وعكس رضوخ حزب الدعوة لرغبة العبادي، الصعود السياسي المتسارع لنجم رئيس الوزراء العراقي الذي اعتاد على لعب الأدوار الثانوية حتى العام 2014.

ولم تقف خسائر المالكي عند تجريده من حزب الدعوة ذي الثقل السياسي الكبير في العراق، بل امتدت لتشمل حلفاء محتملين لزعيم ائتلاف دولة القانون.

ووقع ممثلون عن العبادي وفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران، الأحد، اتفاقا لخوض انتخابات 2018 في قائمة واحدة. وحتى أشهر مضت كان الحشد حليفا للمالكي، وخوضهما الانتخابات معا كان مجرد مسألة وقت.

وفاجأ العبادي المراقبين بتحالفه مع ميليشيات الحشد الشعبي التي طالما انتقدها مطالبا بوضع سلاحها تحت تصرف الدولة.

ولم يتبق مع المالكي حلفاء معروفون، إذ غادره إلى العبادي حتى حليفه القديم حسين الشهرستاني مع كتلة “مستقلون” التي يتزعمها. كذلك التحق بالعبادي وزير خارجيته إبراهيم الجعفري ومستشار الأمن الوطني فالح الفياض. وهؤلاء جميعا كانوا مرشحين محتملين للتحالف مع المالكي.

وتخلو قائمة المالكي الانتخابية من أي اسم معروف. وأبرز من تضمهم الآن صهره ياسر صخيل، ونجل شقيقه علي المالكي، وموفق الربيعي زعيم حزب الوسط، والمحاور في قناة الشرقية أحمد ملا طلال عن الحزب المدني.

وعلمت “العرب” أن “العبادي بدأ، الأحد، مفاوضات فعلية لجذب تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر إلى تحالفه الجديد”.

ووفقا لمصادر مطلعة، فإن هذه الأنباء أثرت على الأجواء الإيجابية بين العبادي والحشد، و”كادت تدمر تحالفهما الجديد”.

ولم ترد أنباء مؤكدة عن مصير اتصالات العبادي مع الصدر والحكيم.

وحتى الساعة، تضم خارطة التحالفات الانتخابية مجموعة متنوعة من الأحزاب والكتل.

العبادي بدأ مفاوضات فعلية لجذب تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر
ويقول مراقبون إن تحالف العبادي بات الأوفر حظا لتحقيق أغلبية مريحة في الانتخابات القادمة.

ويضم التحالف الذي يقوده العبادي حاليا كلا من “مستقلون” بزعامة حسين الشهرستاني، والمجلس الإسلامي الأعلى بزعامة همام حمودي، وحركة “عطاء” بزعامة مستشار الأمن الوطني فالح الفياض، ومنظمة “بدر” بزعامة هادي العامري، وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وحزب الله/ تنظيم العراق بزعامة حسن الساري، وكتائب الإمام علي بزعامة شبل الزيدي، وهي ميليشيات شيعية مدعومة من إيران شكلت الحشد الشعبي.

ويتساءل مراقبون عن مزاعم العبادي بأن تياره عابر للطائفية، بينما جميع من انضموا إليه من الميليشيات المتهمة بجرائم تطهير طائفية.

وبالرغم من قرار وزير الدفاع السابق خالد العبيدي الترشح منفردا في الانتخابات المقبلة، إلا أن مصادر تؤكد تفاهمه مع العبادي على التحالف لاحقا. ومن بين حلفاء العبادي السنة يبرز وزير الكهرباء قاسم الفهداوي ورئيس ديوان الوقف السني عبداللطيف الهميم وآخرون.

ويتوقع مراقبون أن يفوز تحالف النصر الذي يتزعمه العبادي، بنحو 100 مقعد في البرلمان القادم، فيما يمكن أن يفوز حلفاؤه المحتملون بنحو 50 مقعدا أخرى، ما يؤمن أغلبية برلمانية مريحة.

وإذا ما كان العبادي قد سعى إلى توسيع آفاق التحالف من خلال حث عدد من الأطراف السنية على التحالف معه فإن هناك أطرافا شيعية لا تزال غير قادرة على هضم فكرة تخطي عقدة هيمنة الطائفة الواحدة على السلطة. واعتبر عضو سابق في مجلس النواب العراقي أن الحديث عن تحالفات عابرة للطوائف هو مجرد كلام نظري لا يجد له ما يناسبه على مستوى التطبيق العملي.

وقال في تصريح لـ”العرب”، “الطائفيون بغض النظر عن طائفتهم لا يمكنهم الوصول إلى منطقة تقوم التفاهمات فيها على أساس وطني شامل. وكما يبدو فإن الجميع يعمل على استبعاد العمل السياسي المتحرر من النزعة الطائفية. وهو ما يعني أن الانتخابات المقبلة ستعيد إنتاج النظام الطائفي لكن بصيغة متحررة من أعباء المرحلة السابقة التي كان شبح المالكي مخيما عليها”.