تحت عنوان "معركة الـ 20 مقعداً مسيحياً في الدوائر الإسلامية" كتب آلان سركيس في صحيفة "الجمهورية": "لا يُمكن لأيّ تيار أو حزب مسيحي، بعد إقرار قانون الانتخاب الجديد، أن يكتفي بدائرة معيّنة كانت تشكّل منطقة نفوذٍ له ليدخلَ إلى مجلس النواب بكتلة فضفاضة تضعه بين اللاعبين الكبار، فالمعادلة تغيّرَت جذرياً، وما كان يَنطبق على الانتخابات التي كانت تجري على أساس النظام الأكثري لم يعُد يسري على النسبيّ.

بعد إقرار قانون "الستين" في "اتفاق الدوحة" عام 2008، وخوضِ انتخابات عام 2009 على أساسه، استرجَع المسيحيّون جزءاً من نوّابهم، في حين أنّ القوانين السابقة التي أقِرّت بعد "اتفاق الطائف" قلّصَت دورهم، وجعلت نوّابهم يَركبون "بوسطات" الأحزاب الإسلامية الكبرى.

وعلى رغم المناداة السابقة بـ"الستّين"، إلّا أنّ إقراره لم يسمح للمسيحيّين اختيار أكثر من 30 نائباً بأصواتهم، وبالتالي كان الحلّ الجزئي باعتماد النسبية على أساس الـ15 دائرة.

الشمال

في القانون الجديد، هناك دوائر جديدة ومقاعد سيكون للصوت المسيحي تأثير فيها، فعلى سبيل المثال، هناك 15 مقعداً مسيحياً في محافظتي الشمال وعكار، 10 يفوزون بغالبيّة الأصوات المسيحية، وهم في دائرة البترون- الكورة- بشرّي- زغرتا، فيما هناك مقعدان في طرابلس، واحد ماروني وآخر أرثوذكسي، يشهدان إقبالاً على الترشيح من داخل طرابلس وخارجها.

وتشير المعلومات الى وجود مرشّحين حزبيّين لـ"القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحرّ" وتيار "المردة"، فيما سيكون هناك أيضاً مرشّحون لتيار "المستقبل" والرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي. وتَعود الهجمة على المقعدين المسيحيّين، وخصوصاً الماروني، لأنّ القوى تعتبر أنّ التطاحن سيتركّز على المقاعد السنّية الخمسة، فيما الفوز بأحد المقعدين المسيحيَّين سيكون سهلاً.

وبالنسبة الى عكار، هناك 3 مقاعد مسيحية كانت من حصة تيار "المستقبل"، وفي حين يتمّ التأكيد أنّ النائب هادي حبيش سيكون المرشّحَ الماروني على لائحة تحالف "المستقبل" و"التيار الوطني الحرّ"، لا يُسقط البعض من حساباته إمكانَ تمسّكِ "التيار الوطني الحر" باسمِ القيادي جيمي جبّور، على رغم أنّ البعض يؤكّد أنّ حصّة العونيين وحلفائهم ستكون من ضِمن المقعدَين الأرثوذكسيَّين. ومع ابتعاد "المستقبل" و"القوّات" إنتخابياً، تعمل الأخيرة على خرقِ مرشّحِها العميد وهبي قاطيشا لأحد المقاعد الأرثوذكسية".

البقاع

أمّا في البقاع، فهناك 9 مقاعد مسيحية، 5 في زحلة يختارها المسلمون والمسيحيون، و2 في البقاع الشمالي وإثنان في الغربي. وكانت «القوات» أوّلَ مَن أطلقَ معركة المقعد الماروني في بعلبك عبر ترشيحِها طوني حبشي، وتُرجّح الحسابات إمكانية تحقيقِه خرقاً نظراً للبلوك القوّاتي الموجود في دير الأحمر والجوار، والانتشار في بلدتي القاع ورأس بعلبك وبلدات مسيحية أخرى.

ومع بروز إسمِ المرشّح باتريك فخري، إبنِ بلدة بتدعي، والمقرَّب من «التيار الوطني الحرّ»، وإعلان ترشيحِه وقيامه بنشاطات انتخابية ومحاولاته استمالة الناخبين من مختلف الطوائف، تُطرَح علامات استفهام عن مصير النائب إميل رحمة، وعمّا إذا كان «التيار الوطني الحرّ» سيتخلّى عنه لمصلحة فخري، وكذلك بالنسبة إلى «حزب الله» الذي يهمّه الفوز بالمقعد الماروني.

وبالنسبة إلى المقعد الكاثوليكي في بعلبك، فإنّ إسمَ النائب «القومي» مروان فارس ما زال مطروحاً، بينما يشير البعض الى نيّة «التيار» ترشيحَ أحدِ المقرّبين منه، في حين أنّ «القوات» لن ترشّح كاثوليكياً لأنّها تريد التركيزَ على المقعد الماروني.

وتبقى المعركة الأهمّ في البقاع الغربي، حيث هناك مقعد ماروني يَشغله حاليّاً النائب روبير غانم، وآخر أرثوذكسي من حصّة النائب أنطوان سعد، وتدخل عوامل عدّة على خطّ المقعدين المسيحيَين، خصوصاً أنّ تيار «المستقبل» متمسّك بأحدِهما على اعتبار أنّه قادر على الفوز بمقعدين في هذه الدائرة، لكن ليس المقعدين السنيَّين، بسبب وجود الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وبالتالي يتطلّع إلى الفوز بمقعد سنّي وآخر مسيحي، في حين أنّ «القوات» و»التيار الوطني الحرّ» سيخوضان الانتخابات بمرشّحين يدورون في فلكهما.

الجنوب

في الجنوب، أعطى قانون «الستّين» فرصةً لأبناء جزين لاختيار مرشّحيها الثلاثة بأصواتهم، وبالتالي ليس هناك مشكلة تمثيل، أمّا بالنسبة الى المقعدين المسيحيَين في الزهراني ومرجعيون - حاصبيا، فإنّ أحداً لم يَحسم خيارَه بدخول المعركة نظراً إلى الثِقل الشيعي، وعدم قدرة الأحزاب المسيحية على تحقيق خرقٍ يُذكر.

جبل لبنان وبيروت

أمّا في الشوف وعاليه، فهناك 7 نوّاب مسيحيّين كان النائب وليد جنبلاط يوزّعهم على «اللقاء الديموقراطي» وحلفائه في «14 آذار»، لكنْ وبعد تغيُّرِ المعطيات نظراً إلى القانون الجديد، لم يعُد جنبلاط قادراً على الفوز بهم.

وبعد ترشيح «القوات» لأنيس نصّار في عاليه، والإبقاء على النائب جورج عدوان في الشوف، تتّجه الأنظار إلى التحالفات، وإلى خطوات «التيار الوطني الحرّ» الذي سيرشّح الوزير سيزار أبي خليل في عاليه ومارونياً في الشوف، وهل سيَقبل بمرشّحين فقط من أصل 7 أم أنه سيخوض معركةً في مواجهة تحالف جنبلاط؟

وبالنسبة إلى العاصمة بيروت، وبعدما أصبحت الدائرة الأولى تضمّ 8 مقاعد مسيحية، ينتظر الجميع كيف سيتبلور تحالف التيارين في بيروت الثانية التي تضمّ مقعدين مسيحيَين، خصوصاً مع ارتفاع منسوب الكلام عن ترشيح «التيار الوطني الحر» مسيحياً في هذه الدائرة على لوائح «المستقبل»، في حين أنّ بقيّة الأحزاب المسيحية لن تقدِم على مِثل هكذا خطوة.

إذاً، تدخل الأحزاب والقوى المسيحية الأساسية في معارك انتخابية جديدة، وهناك 20 مقعداً مسيحياً موزّعة على المحافظات كلّها ستشهد تنافساً من نوعٍ جديد، فهل ستُحسِن الأحزاب إدارةَ المعركة أم أنّها ستقع في المحظور نتيجة جهلِها لطبيعة الأرض؟