معركة العبادي لمحاربة الفساد في العراق صعبة جدًا وشاقة وسيواجه العديد من العراقيل
 

بعد الحرب على الإرهاب دخل رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي حرباً أخطر ضدّ إرهاب آخر أشد فتكاً من الأول كونه يمثل جماعة قابضة على العراق باسم المذاهب والأحزاب والعائلات الدينية وباسم الدول المتحكمة بالعراق من إيران الى أميركا مما يعني أن العبادي قد دخل حرباً خاسرة ولن يستطيع تقليد ولي العهد السعودي في ذلك فيضع جميع لصوص العراق في السجون لمسؤوليتهم المباشرة عن أكل المال العام وعن فتح الأبواب العراقية لدخول الارهابيين وجعل تدمير العراق أمراً بغاية السهولة.
لن يستطيع العبادي مواجهة جماعة حزب الدعوة وهو الحزب الذي ينتمي اليه خاصة وأن حجم الأموال المبتلعة من قبل قيادات الدعوة ويأتي في المقدمة نوري المالكي هذا الكرش الذي اتسع لثروات العراق ولم يشبع اضافة الى آخرين أقل مسؤولية في جهاز الدعوة الذي تغلغل في السلطة ورضع من محالب ثروتها الغنية، قد فاق أحجام الأموال المنهوبة من قبل الآخرين من جماعات دينية وسياسية اعتبرت العراق بقرة حلوباً لها وأن الدولة مملوكة وخيراتها عائدة لأولي الأمر الذين يتصرفون بها كما يشاؤون لإعلاء كلمة الحق بوجه كلمة الباطل.

إقرأ أيضًا: طاعة نجاد هي طاعة الله !
هل يستطيع العبادي محاكمة حزب الدعوة وهو الحزب الذي ينتمي اليه والحزب الذي أوصل العباد والبلاد الى ما هي عليه من أطلال؟
سؤال يفتح باب الجواب على أسئلة أخرى وتطال الجميع دون استثناء في بلد كل يأكل منه بحسب قدرته على السرقة واللصوصية طبعاً مع حفظ ماء الوجه لمرجعيات دينية وسياسية نظيفة لم تتلوث بسرقة المال العام ولكن عندما نعمم فنحن نقصد أن القاعدة متهمة بالفساد المالي وأن الاستثناء بريء من مال الذئب، بتقديري أن العبادي صادق في دعوته ولكن دعوته هذه جاءت في لحظة جميلة لكنها مكلفة وهي لحظة الانتهاء من دولة الخلافة وقد أخذه النصر الى استكمال عملية التحرير بتحرير العراق من الفاسدين والمُفسدين كي يؤمن على النصر والانجاز ويضعهما في عهدة دولة نظيفة كيّ لا يتكرر مشهد الارهاب بأسماء وصور أخرى ويعود العراق ساحة أسوأ مما كان عليه في ظل أبي بكر البغدادي.
حتى الآن وفي ظل الواقع العراقي المنقسم على نفسه مذاهب وأحزاب وفي ظل عدم مركزية الدولة وفي ظل وجود أطراف أقوى من الدولة لن يستطيع العبادي محاسبة من يجب محاسبتهم على ما اختلسوه من خزينة الدولة وبالتالي فإن مرحلة تنظيف ما بعد داعش تتطلب مواجهات أخرى أكثر شراسة مع قوى تريد حضورها في المشهد السياسي بعد أن أسهمت في تحرير العراق وبات صعباً إبقاء حزب الدعوة على رأس السلطة وكأن العراق قد أولد ولدان فقط هما حزبا البعث والدعوة رغم أنهما قد أثبتا لا فشلهما فحسب بل سببهما المباشر في تدمير العراق.

إقرأ أيضًا: الثورة بين ستالين وكاسترو وخامنئي
من هنا تأتي مساعي رئيس الحكومة حيدر العبادي لتأسيس حزب جديد بمعايير الكفاءة التي قادها في مرحلة مواجهة داعش وبالنظافة السياسية والمالية التي مارسها طيلة رئاسته للحكومة بداية تصحيح سياسي وخروج من حزب الدعوة الذي أصبح مساوياً للفساد بعناوينه كافة وبالتالي لم يعد صالحاً للإستمرار في قيادة البلاد وما فتح العبادي ملفات الفساد الا من قبيل البحث عن المستقبل السياسي للعراق بأدوات قيادية غير متهمة وبعيدة عن الفسادين السياسي والمالي وهذا ما يستحضر العبادي كشخص وكفريق عمل لأن كل من عليها قد نال من المال ودخل المغارة التي لم يدخلها العبادي وحاد عن درب الحرام ليكون عنوان مرحلة جديدة من مرحلة عراق ما بعد داعش ولكن ما موقف الولايات المتحدة من العبادي وما موقف إيران؟ بتقديري أن العبادي يرفع من سقف المسؤولية حتى لا يطالها أحد ولكن معطيات السلطة موزعة بين أضراس المذاهب وبين المرجعيات الشيعية الدينية والسياسية ومن الصعب تفكيك هذا العلاقات ولا يمكن تجاوزها والحال هذه تضع الجميع في متداول البنية السياسية القائمة ويبقي أميركا وإيران موافقتان على أي شخص طالما أن لعبة الحكومة في ملاعب كثيرة من تأسيس الدولتين المذكورتين.