المواجهة بين أميركا وإيران لن تقتصر على الإتفاق النووي وتفاصيله بل ستشمل جميع ما من شأنه إضعاف إيران في جميع المستويات
 

أخفقت الولايات المتحدة في تعبئة أعضاء مجلس الأمن ضد إيران خلال الإجتماع الطارئ الذي ألحت على عقده يوم الأمس لدرس الإحتجاجات في إيران. 
وبينما تقتصر مهمة مجلس الأمن على المواضيع التي تشكل تهديدا للسلم والأمن العالمي أو الإقليمي إلا أن سفيرة أمريكا نيكي سفيرة إعتقدت بأن بلادها لا تستحي من الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران ودعم المتظاهرين. 
فضلا عن أن هناك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بفيينا ألقي على عاتقه متابعة قضايا حقوق الإنسان، كان لافتا إنحسار التظاهرات الإحتجاجية في إيران قبل عقد هذا  الإجتماع مما يجعل إلحاح الولايات المتحدة على دعمها محل للتساؤل والشكوك. وهذه نقطة مهمة أشار إليها سفير روسيا في الأمم المتحدة عندما صرح بأن الولايات المتحدة تنوي إستغلال الإحتجاجات في إيران ليس لدعم المتظاهرين بل للتملص من تعهداتها في الإتفاق النووي والخروج منه. 
ذلك لأن التضليل يسود الموقف الأميركي من التزام إيران بالإتفاق أولا ومن ملائمتها مع المصالح الأميركية ثانيا. ولهذا نرى أن الرئيس دونالد ترامب يريد شيئا ويصرح بشيء آخر ويحول الكرة إلى الكونغرس الذي بدوره يعيد بالكرة إلى الرئيس. ثم يؤكد نائب الرئيس مايك بنس على أن الرئيس ترامب سوف لا يصدق على الإتفاق النووي وبعد مضي يوم يأتي وزير الخارجية الأميركي تيلرسون ليصحح تصريح نائب الرئيس ويلمح إلى أن بلاده لا تنوي الخروج من الإتفاق النووي وإنما تريد تعديله وكأن بلاده هي التي تشرع وتقنن للعالم.

إقرأ أيضا : إنتفاضة الشعب علامة مضيئة في مستقبل إيران
ولم يكن السفير الروسي وحيدا في إنتباهه للنوايا الأميركية من وراء إشعال الإحتجاجات الإيرانية بل شاركه في الرأي والرؤية آخرون ومن بينهم السفير الفرنسي الذي أكد على ضرورة الإلتزام بالإتفاق النووي وإبقائه والحفاظ عليه. 
ولكن السفيرة الأميركية نيكي هالي تستمر في طريقها منسجمة مع الرئيس ترامب ومترجمة مواقفه إلى خطوات عملية. ويبدو أن هناك وزير خارجية للولايات المتحدة وهو تيلرسون ووزيرة خارجية للرئيس ترامب وهي هالي والتعارض في مواقفهما ظهر في قضايا عدة منها الأزمة الكورية الشمالية وقضية الصواريخ اليمنية والإتفاق النووي وصولا إلى الإحتجاجات الإيرانية. وأكثر ما يثير الإستغراب هو أن نيكي هالي في مواقفها وتصرفاتها أكثر تشددا حتى من وزير الدفاع وقادة الجيش.
ويبدو أن السفيرة هالي تستمر في عدائها لإيران بعد إخفاقها في تحشيد مجلس الأمن وإقناعه  لإصدار بيان حول الأحداث الأخيرة في إيران.
وسوف تشهد العلاقات الأميركية الإيرانية مزيدا من التوتر بعد هدوء شهدتها في الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما لأول مرة بعد الثورة الإيرانية. 
المواجهة بين البلدين لن تقتصر على الإتفاق النووي وتفاصيله بل ستشمل جميع ما من شأنه إضعاف إيران في جميع المستويات، إقتصاديا وسياسيا وعسكريا وأمنيا وهذه حقيقة لا تخفيها السلطات الأميركية. 
ساحة المواجهة بين أمريكا وإيران تبدأ من الداخل الإيراني ودعم الإحتجاجات إلى العراق وسوريا واليمن ولبنان حتى نيويورك.