ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، اليوم السبت، ان الاحتجاجات الشعبية والاضطرابات السياسية التي تعيشها إيران منذ نحو 10 أيام قد تهدد سيطرتها الإقليمية المتزايدة، خاصة إذا لم تنجح الحكومة الإيرانية في إيجاد تسوية مناسبة لها
 

وتضيف الصحيفة، ان التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في عدة مدن إيرانية جاءت في ظلّ اسيتاء شعبي من الاقتصاد الراكد، بينما تتفاخر إيران بنفوذها وسيطرتها على عدة عواصم في المنطقة، بعدما عزّزت دورها ووجودها كقوة في الشرق الأوسط.

ففي سوريا، تقول الصحيفة، أدّت إيران دوراً كبيراً في دعم الرئيس بشار الأسد، في حين كانت "المليشيات" الشيعية في العراق تقاتل إلى جانب القوات العراقية ضد مقاتلي تنظيم "داعش".

وفي اليمن، دعمت إيران الحوثيين بشكل كبير، وفعلت الأمر نفسه مع "حزب الله" في لبنان.

هذه التدخّلات كانت على ما يبدو مكلفة لإيران، فقد كشفت التظاهرات أن هذه التدخلات الإيرانية لا تحظى بقبول وشعبية لدى بعض الإيرانيين على الأقل، حيث رفع المتظاهرون شعارات "لا غزة ولا لبنان حياتنا لإيران"، في إشارة إلى الدعم الذي تقدمه إيران لحركة "حماس" في غزة، و"حزب الله" في لبنان.

يقول محمد بزي، أستاذ الصحافة في جامعة نيويورك، إن هذه التظاهرات تذكير بأن على القوى الإيرانية الحاكمة أن تدفع ثمن تدخلها بالمنطقة، مضيفاً: "في الأشهر القليلة الماضية، إن لم يكن في سنوات، كان يُنظر إلى إيران على أنها في حالة صعود سياسي، لكن هذا الصعود الإقليمي جاء على حساب الشعب الإيراني".

وتابع بزي: "الإيرانيون قالوا كلمتهم. إنهم لا يوافقون على صرف أموالهم في أماكن مثل لبنان وسوريا".

وإذا كانت الاحتجاجات بدأت بالتلاشي، فإنه ليس هناك ما يشير إلى أن إيران ستغيّر سياساتها الخارجية بشكل فوري، كما أن هذه الاحتجاجات أبرزت بشكل جليّ وواضح مستوى التحدّي الذي تعيشه الحكومة الإيرانية في محاولتها للحفاظ على قوتها الإقليمية الصاعدة.

يقول فواز جرجس، أستاذ سياسة الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، إنه قبل الاحتجاجات كان الجميع يتحدث بأن إيران "قوة صاعدة لا يمكن وقفها، وأنها صلبة"، إلا أن الاحتجاجات قوّضت هذا الأمر، حسب قوله.

وأضاف جرجس: "الآلاف من المتظاهرين كشفوا عن تمزّق كبير في المجتمع الإيراني وليس فقط بين الإصلاحيين والمحافظين".

من جهته قال سانام فاكيل، المختصّ بالشؤون الإيرانية في مركز تشاتام هاوس البريطاني، إن حجم الإنفاق الإيراني على التدخّلات الخارجية غير معروف، إلا أن الكشف عن بعض بنود الميزانية الإيرانية للعام 2018 أظهر زيادة في تمويل قوات الحرس الثوري إلى نحو 8 مليارات دولار، أي ما يقرب من ثلثي ميزانية وزارة الدفاع.

وتابع: "الحرس الثوري يسيطر على مصالح تجارية واسعة أدت إلى تضخم وارداته. لكنه في نفس الوقت لا يكشف عن حجم التكلفة الحقيقية للتدخلات الإيرانية في المنطقة".

ويضيف فاكيل: "معروف أن إيران تصرف مبالغ كبيرة لدعم نفوذها في الخارج، وأيضاً مبالغ كبيرة على المؤسسات الدينية الإيرانية".

ووفق تقرير لمؤسسة "راند" البحثية، فإن إنفاق إيران المليارات من الدولارات على حروبها في دول أخرى أدى إلى انخفاض مستوى المعيشة، وبات الوضع أكبر من طاقة البلد".

ويرى بول سالم، من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن التحدّي المفاجئ المتمثل بالاحتجاجات قد يؤدّي إلى تحوّل في التصورات، حتى وإن لم يظهر ذلك بشكل فوري على السياسة الإيرانية، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضعف حلفاء إيران في المنطقة.