توتر تركي روسي على خلفية إصرار موسكو على دعوة الأكراد إلى المشاركة في مؤتمر سوتشي
 

كشفت مصادر كردية مطلعة عن بدء الولايات المتحدة تأسيس قوة عسكرية جديدة في سوريا تحت مسمى “جيش شمال سوريا”، لحماية ما يطلق عليه بحدود “غرب كردستان”.

ونقلت وكالات أنباء مقربة من حزب العمال الكردستاني عن القائد العام لـ”قوات حماية شمال سوريا”، سيابند ولات، قوله إن “جيش شمال سوريا قيد التأسيس حاليا، وسيتولى مهمة حماية أمن الحدود”.

وأوضح ولات أن “هذه القوة تأسست مطلع نوفمبر من عام 2014، وتوزعت في كامل الشمال السوري، أما الآن فيتم تنظيمها على شكل جيش، وسبق أن شاركت في الحرب على تنظيم داعش”.

ووفق القيادي الكردي، فإنه تم فتح معسكرات في الجزيرة (في محافظة الحسكة)، كوباني (عين العرب)، وعفرين، ومنبج، والطبقة، لتدريب الشبان والشابات ممن التحقوا بالخدمة العسكرية، كما كانت هناك حاجة لعدد من الضباط، وقد تم تأمينهم من خلال الأكاديمية العسكرية في عامودا.

ويقول مراقبون إن هذه الخطوة الجديدة تتناقض والتلميحات الأميركية السابقة بوقف الدعم العسكري للأكراد، وتأكيدات أنقرة في نوفمبر الماضي على أن الرئيس دونالد ترامب تعهد بنفسه في اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان بأنه سيوقف هذا الدعم الذي لطالما شكل نقطة خلاف جوهرية بين واشنطن وأنقرة في الملف السوري.

وتعتبر تركيا أكراد سوريا خطرا وجوديا بالنسبة إليها لأن نجاحهم في تشكيل إقليم حكم ذاتي في شمال البلاد سيعني دفعة إضافية لأكرادها للمضي في مشروعهم الانفصالي.

ويلفت المراقبون إلى أنه وعلى ضوء المعطيات التي قدمها القائد العام لقوات حماية شمال سوريا، فإن مهمة الجيش الجديد ستكون مختلفة نسبيا عن مهمة تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي تشكل هو الآخر في العام 2014 بدعم أميركي وضم فضلا عن الوحدات الكردية فصائل عربية وإيزيدية وكان الهدف منه القضاء على تنظيم داعش.

ويشير هؤلاء إلى أن تشكيل واشنطن لجيش مكون أساسا من العنصر الكردي يشي بأن الهدف الأساس منه هو توفير حماية لكيان سياسي كردي بات أمرا واقعا في شمال سوريا.

وكان هذا الكيان قد بدأ في التبلور في العام 2013 حينما أعلن الاتحاد الديمقراطي الذي يقوده صالح مسلم عن إدارة ذاتية في ثلاث كنتونات هي الجزيرة (محافظة الحسكة أقصى شمال شرق سوريا). والفرات (أجزاء من حلب ومن محافظة الرقة) وعفرين (شمال غرب وتقع في محافظة حلب). وفي العام 2016 وبعد أن نجح تقريبا في وصل تلك الكنتونات على حساب داعش، أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تتهمه تركيا بأنه فرع من حزب العمال الكردستاني عن نظام فيدرالي، ليتخذ بعدها المزيد من خطوات فرض أمر واقع لإقليم كردي بإجراء انتخابات محلية بدأت في نوفمبر المضي لتنتهي في يناير المقبل بانتخاب مجلس تشريعي لهذا الإقليم.

موسكو وعدت بمشاركة 155 ممثلا من المنطقة الخاضعة لسيطرة الأكراد في مؤتمر ستوشي الذي يعقد الشهر المقبل
ويحتاج هذا الإقليم طبعا إلى قوة تتولى مهمة حمايته من التهديدات التي تتربص به وما أكثرها، فكان على ما يبدو قرار إنشاء هذا الجيش الجديد.

وتلفت أوساط سياسية إلى أن خطوة تشكيل جيش في شمال سوريا، بتدريب ودعم لوجستي أميركي يعني أن الولايات المتحدة حريصة على إنجاح مشروع حكم ذاتي كردي في سوريا، لما لذلك من مزايا بالنسبة إليها لعل أهمها ضمان موطئ قدم ثابت لها في هذا البلد، وإضفاء غطاء على قواعدها العسكرية هناك.

ويستبعد خبراء استراتيجيون أن يكون لهذا الجيش دور مستقبلي مرتبط بمخطط أميركي لإسقاط النظام السوري، وأن دوره سيقتصر فقط على حماية مناطق النفوذ الكردي، وإلا لكان هناك ردود أفعال قوية من روسيا حليفة الرئيس بشار الأسد، لأنها بالتأكيد لن تسمح بهدم منجزاتها على الساحة السورية.

ونقلت، الأربعاء، حسابات رسمية لأكراد سوريا على وسائل التواصل الاجتماعي عن سيبان حمو قائد وحدات حماية الشعب الكردية قوله إن روسيا وعدت بأن يتم تمثيل المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمال سوريا في محادثات السلام التي تستضيفها في سوتشي الشهر المقبل.

كما نقلت عنه قوله إن موسكو وعدت بمشاركة 155 ممثلا من المنطقة في المؤتمر، الذي تأمل في أن يؤسس لبداية فعلية لعملية السلام السورية.

ومعلوم أن روسيا لا تجد غضاضة في دعم مطالب أكراد سوريا، رغم أنهم حلفاء استراتيجيون للولايات المتحدة، وربما هذا ما يفسر التوتر المتصاعد بينها وتركيا.

ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء نظيره السوري بشار الأسد بأنه “إرهابي” وقال إنه من المستحيل مواصلة مساعي السلام السورية في وجوده.

ويرى مراقبون أن تصعيد أردوغان اللافت ضد الأسد هو رسالة موجهة لموسكو أكثر منها لدمشق، خاصة وأن روسيا لا تبدي استجابة فعلية لجهة عدم إشراك الأكراد في مؤتمر سوتشي أو لجهة منح أنقرة الضوء الأخضر لمهاجمة عفرين.

وجدير بالذكر أن العديد من الفصائل السورية المحسوبة على تركيا قد أعلنت مقاطعتها الثلاثاء لاستحقاق سوتشي.

وحول التهديدات التركية بشنِّ عملية عسكرية في عفرين، قال سيابند ولات في معرض حديثه عن الجيش الجديد إن “أي قوة تشن هجوماً على كردستان سوريا، ستتصدى لها القوات التي تتمتع بالاحترافية والخبرة”.

وشدد القائد العام لـ”قوات حماية شمال سوريا”، “بعد الآن لن يكون بإمكان تركيا أو سوريا أو أي بلد آخر أن يتجاوز على أراضينا بسهولة”.