اعتمد عهد الوصاية السورية القمع المبطن في إسكات الصحفيين والإعلاميّين وقطع دابرهم، وذلك عبر تصفيتهم بالاغتيال والتفجير
 

لطالما تعرّض أهل القلم والإعلام والرأي الحر للقمع وكمّ الأفواه وخنق الحريات، وكانت أساليب الحكم تختلف وتتنوع، من إغلاق الصحف وإقالة الصحفيين الرسميين (مصر مثالاً)، إلى سجنهم وتشريدهم ونفيهم، وصولاً إلى اغتيالهم، والقافلة طويلة (كامل مروة،سليم اللوزي ونسيب المتني ورياض طه، ناجي العلي وجبران تويني وسمير قصير)، حتى وصلنا اليوم في عهد الرئيس ميشال عون القائم على ركائز عجيبة غريبة، إلى استعمال القضاء في معركة قمع الحريات الصحفية والإعلامية..تختلف الأساليب والنتيجة واحدة.

أولاً: الوصاية السورية والقمع المبطّن

اعتمد عهد الوصاية السورية القمع المبطن في إسكات الصحفيين والإعلاميّين وقطع دابرهم، وذلك عبر تصفيتهم بالاغتيال والتفجير، ويستطيع الجاني أن يفلت من عقاب جريمته النكراء، فلا يترك وراءه أثراً، وإن وُجد يتمُّ اخفاؤه والتغاضي عنه، وهكذا يستطيع القاتل أن يغسل يديه من دم القتيل، وربما مشى في جنازته ورثاهُ بأبلغ العبارات وأحرّ التعازي.

اقرأ ايضا: بخلاف رأي المعترضين ... يمكن فتح سفارة لبنانية في القدس الشرقية

ثانياً: أسلوب الرئيس الهراوي الفريد

لم يلجأ الرئيس الراحل الياس الهراوي للقضاء للاقتصاص من صاحب مجلة الشراع البيروتية، والذي كان قد دأب على التعرض للرئيس الهراوي، وانتظر الرئيس الفرصة المناسبة للنيل من صبرا، فخلال حفل استقبال، تقدم صبرا للسلام على الهراوي، فما كان من الرئيس إلاّ أن صفعهُ على وجهه، مع ما يلزم من عبارات التهجم والتأنيب.

ثالثاً: أسلوب الوزير جريصاتي، استعمال القضاء

 يستعمل اليوم أسلوب جديد في ملاحقة الإعلاميين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، أسلوب الملاحقات القضائية، وهو أخطر الأساليب وأشدّها عُنفاً، ذلك أنّ سيف "قضاءٍ مُسيّس" يظلّ مُسلّطاً على رقاب أصحاب الكلمة الاعتراضية والمناوئة لحكم الفساد والصفقات والتّفريط بالسيادة والاستقلال، وصولاً إلى قمع الحريات العامة و"تقنينها" ومن ثم "تدجينها" أو إلغائها، وليس ثمةّ فرقٌ واضح.
لعلّ قدر مارسال غانم أن يكون باكورة الضحايا، ولعلّ هذا الإعلام يتّعظ، فيكُفّ عن التبخير والتهليل وفتح أبواقه مُشرّعة أمام رموز القمع والتهديد ونشر الأفكار الظلامية صبح مساء.