المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني طالب بأن تصبح الفصائل المسلحة التي شاركت في الحرب على داعش جزءا من الأجهزة الأمنية العراقية
 

لا يبدو أن ربيع العراق شارف على نهايته مع نهاية الجماعات الإرهابية وتلاشي الدولة الإسلامية في العراق والشام واختفاء الخليفة أبو بكر البغدادي ومعاونيه وأركان دولته في ظروف غامضة لا يبشر العراقيين بمستقبل واعد.
فما ينتظرهم بعد القضاء على تنظيم داعش لا يقل معاناة وبؤسا من المرحلة التي عاشوها في ظل حكم هذا التنظيم الإرهابي الذي مارس الإجرام بكل أشكاله من قتل وتخريب وتدمير وإغتصاب وتهجير وبالغ في التوحش لدرجة أنه حول المناطق التي وطأتها أقدامه وسيطر عليها وحكمها بقوانينه الإلغائية من مدن وقرى وبلدات وأرياف على الأراضي العراقية إلى ما يشبه الأطلال وأكوام من الحجارة وبقايا من المنازل المنهارة والمدافن الجماعية للآلاف من القتلى العراقيين المدنيين من رجال وأطفال ونساء وشباب ممن كتب عليهم الموت قهرا وظلما بعد إستباحة الدماء والأعراض. 

إقرأ أيضًا: قرار ترامب والربيع العربي
والقوى التي ساهمت في القضاء على الإرهاب في العراق وشاركت في الحروب والمعارك التي دارت وأفضت إلى تحرير الأراضي العراقية من الجماعات التكفيرية والإرهابية لم تقتصر على القوى النظامية العراقية من جيش ومؤسسات أمنية وعسكرية ولوجستية بل إن ميليشيات شعبية مسلحة ومدعومة من دول خارجية اشتركت في القتال ضد داعش مثل الحشد الشعبي وعصائب أهل الحق وغيرها من المجموعات العسكرية الأخرى الخاضعة لتوجهات سياسية مرتبطة بقوى إقليمية فضلا عن التحالف الدولي والعربي الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية ولعب دورا مفصليا في تحرير العراق من الإرهاب من خلال كثافة الضربات الجوية التي أدت إلى تدمير المواقع والمراكز العسكرية التابعة لداعش وقتل وجرح من فيها. 
وهذه القوى التي انخرطت في ضرب إرهابيي العراق ومن ثم القضاء عليها هي لعمري ليست جمعيات خيرية قد قدمت خدمات إنسانية وأدت قسطها للعلى بل هي تيارات سياسية تبحث عن مساحة لها في مستقبل العراق وحصة لها في الحياة السياسية ولو كان ذلك بطرق غير شرعية ومشروعة أو بقوة الأمر الواقع رغم التطمينات التي ترد على لسان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من وقت لآخر وتشير إلى ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، سيما وأنه يسعى إلى إستثمار الإنتصار على داعش في مجال تكريس سلطته التي تفتقد إلى دعم وتأييد زعماء التحالف الوطني الشيعي الحاكم ولا تحظى بقبول مطلق من قبلهم. 

إقرأ أيضًا: إسرائيل تقضم فلسطين والعرب يصلون لأجلها
المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني طالب بأن تصبح الفصائل المسلحة التي شاركت في الحرب على داعش جزءا من الأجهزة الأمنية العراقية وهذا يعكس رغبة واضحة لدى الميليشيات المسلحة المرتبطة بإيران في البحث عن مبرر شرعي ديني وسياسي للنفاد واختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية في العراق مستبقة الدعوات الدولية المتوقع توجيهها والتي من الممكن أن تطالب بنزع سلاح الحشد الشعبي وتلافيا لتحويله ورقة ضغط ضدها. 
ومن الطبيعي فإن دمج المقاتلين في المؤسسة الأمنية والعسكرية سيجعل منهم قوة جاهزة دائمًا للتحرك عندما تقتضي المصلحة وفرض وضع أمني يمكن إيران وحلفائها العراقيين من السيطرة على البلاد بقوة السلاح وهو ما يجعل من العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية عرضة للتهديد في أي لحظة وهو ما لا ينسجم وطموحات العبادي الذي ينظر بحذر إلى الحشد الشعبي سواء إحتفظ باستقلاله العسكري أو إندمج بالقوى الأمنية أو بالجيش النظامي مما يجعل الخيارات أمامه صعبة وأبواب العبور إلى عراق مستقر وآمن لا زالت موصدة بوجهه وربما هناك من زعماء الحشد من ينتظر أن يقدم العبادي على إرتكاب خطأ برفض دعوة السيستاني للإنقضاض عليه بذريعة الدفاع عن قدسية مرجعية النجف، ما يعني وقوف العراق مرة أخرى على أبواب مصير مجهول وغامض.