رسائل سياسية عبر صاروخ حوثي ترسلها واشنطن لطهران
 

في سابقة هي الأولى من نوعها في العلاقات الدولية ، قامت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هالي بعرض الصاروخ الذي أطلقته جماعة الحوثي من اليمن على الرياض.
إتهمت هالي غي مؤتمرها الصحفي إيران بأنها هي من صنعت الصاروخ وأرسلته للحوثيين وقالت :" عندما تنظرون إلى هذا الصاروخ ، إنه مرعب. إنه مرعب بكل تأكيد ، فقط تخيلوا لو أن هذا الصاروخ أطلق على مطار دولس أو مطار جون كينيدي أو على المطارات في باريس ، لندن أو برلين ".
وسرعان ما نفت طهران المزاعم الأميركية وإتهمت واشنطن بفبركة الأخبار.

إقرأ أيضا : استراتيجية احتواء إيران: ماذا لو التقت قدرة الغرب بعزيمة العرب
لكن المراقبين توقفوا عند كلام هالي وشكل العرض الذي حصل وأكدوا أنها رسالة أميركية شديدة اللهجة لطهران لردعها عن تكرار هذه الفعلة.
ولا تريد واشنطن الإكتفاء بهذا الحد بل تود الذهاب بعيدا في الإستثمار ب " الخطأ الإستراتيجي " الذي إرتكبته طهران عندما أطلقت الصاروخ في توقيت سياسي ترافق حينها مع إستقالة الرئيس سعد الحريري من الحكومة اللبنانية في الرياض ما فهم  على أنها أول رد إيراني على ما جرى في لبنان ضمن إستراتيجية إيران لربط الساحات و الجبهات.
ويشير هذا العرض أيضا إلى نية واشنطن القاطعة في الرد على أي تصرف تقدم عليه طهران في المنطقة وعدم غض النظر عنه كما كان سائدا في عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
وإن كانت قضية الصاروخ الحوثي له علاقة بالحرب الدائرة في اليمن مباشرة إلا أن عرض أميركا للصاروخ في نيويورك وتصديها للموضوع يؤكد أن واشنطن تربط القضية بإستراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد طهران والرامية إلى تقليم أظافر إيران في المنطقة كما أعلن ترامب ذلك في مرحلة الإنتخابات الرئاسية الأميركية.
وهي أيضا على صلة بما سيقرره ترامب لاحقا في الأسابيع القادمة بموضوع الملف النووي الإيراني وإذا ما كان سينسحب منه أو لاء.
وبالتالي ، فإن أبعاد الصراع بين السعودية وإيران بدأت تأخذ بعدا عالميا أكثر وضوحا بعد عرض الصاروخ وتتجه الأمور إلى المزيد من التصعيد.
وفي نفس السياق ، تحاول واشنطن خلق هواجس ومخاوف في الداخل الأميركي من " الخطر الإيراني " وتصور الوضع القائم على أنه لا يختلف عن تهديدات القاعدة وداعش وكوريا الشمالية للأراضي الأميركية وهي محاولة لتوجيه الرأي العام الأميركي نحو هذا الخطر.

إقرأ أيضا : بانوراما لبنان الجديد : المسار القانوني للتنقيب عن النفط إنطلق وتصعيد أميركي ضد إيران
أما الملفت أكثر في كلام هالي فهو ذكرها لمطارات برلين وباريس ولندن وهي تريد من ذلك تخويف الأوروبيين من أجل تليين مواقفهم أكثر إتجاه الملف النووي الإيراني كون هذه العواصم قد شاركت واشنطن إبان إدارة أوباما في التوقيع على الإتفاق النووي وترفض الضغوطات الأميركية عليها للإنسحاب منه.
وصحيح أن الصاروخ العسكري الذي عرض في نيويورك هو للإستخدامات العسكرية إلا أن واشنطن تريد إستغلاله لغايات سياسية للجم إيران في منطقة الشرق الأوسط.
لذلك ، تبدو قضية الصاروخ أبعد من كونها مخاوف أميركية على حليفتها في السعودية بل هي مرتبطة بالمقام الأول برؤية ترامب للدور الإيراني ككل في المنطقة وكيفية تهذيبه.
ويبقى أن مجرد عرض صاروخ عسكري في قاعات مخصصة للديبلوماسية والحوار هو إشارة واضحة لنوايا تصعيدية أميركية ضد طهران لا رجعة عنها.
فكيف ستتصرف إيران مع هذا الوضع الجديد ؟