سكتت المعارضة بعد أن انتفى الدور العربي وباتت المعارضات العسكرية السورية أسيرة الخطط الروسية الآيلة إلى أكل كل معارضة على حدة
 

أكثر الناس يظنون بأن المعارضة السورية المفاوضة ما هي إلا جمع لنفر مختلفين على أدوار مستقبلية في المرحلة المقبلة الموعودة بعد أن اختلفوا على عدد المقاعد وأيّهم يجلس في المرتبة الأولى لتحسين شروط المواصفات الشخصية على حساب المستقبل السوري.
لن نعود إلى الوراء في الكتابة عن وهن المعارضة المفاوضة وعن دورها المفقود في التجربة السورية فهي نفسها معترفة بحجم الأزمة التي حاصرتها ولفّت دورها وألغت من تأثيرها المباشر في التسوية وخارجها وقد استفاد النظام السوري كثيراً من مصابها الجلل، لكن هذه المقدمة مطلوبة كونها حجر الاثافي في موقدة التسوية المزعومة سواء من قبل مقررات جنيف واجتماعات دي مستورا المقفلة بمفتاح النظام لحظة انتفاخه بجرعة زائدة من النصر الروسي أو من قبل تفاهمات كل من روسيا وايران وتركيا على لمّ الوضع السوري ببقاء النظام وإرضاء المعارضة.

إقرأ أيضًا: التاجر الأميركي باع القدس لإسرائيل والآخرون وقّعوا على عقد البيع
وصل الموفد الدولي هو والمعارضة إلى تفاهم متصل بمقررات جنيف أي التمهيد لمرحلة إنتقالية بصلاحيات كاملة بعد نقاش في الدستور والانتخابات ولكن رفض النظام لمقابلة المعارضة بقرار من حلفائه جعل تفاهم دي مستورا والمعارضة بلا أفق وهذا ما دفع المستر دي مستورا إلى مطالبة روسيا بالضغظ على النظام كي يتجاوب وإلا فتقسيم سورية هو الواقع السوري الجديد طالما أن النظام لا يريد حلاً ولا يريد الإلتزام بمرجعية جنيف وبالتالي ستكون مرجعية سوتشي متاحة لعودة ميمونة للحرب.
طبعاً هذه مضامين الخوف عند دي مستورا إذا رفض النظام جنيف وقرر عدم التجاوب مع الموفد الدولي والمرجعية الدولية وهو بالطبع سيرفض المرجعية الدولية بقرار من الروس تحديداً باعتبار أن الروسي يسهل الحلول التي تبقيه ممسكاً بالورقة السورية وهو غير مستعد لإعطائها إلى أي مرجعية أخرى وإن كان طرفاً أساسياً فيها كونه يلحظ سورية كجزء استراتيجي من مصالحه القومية وهو غير مستعد للتفريط بموقع قدمه الوحيد في الشرق الأوسط.
من هنا وبعد سماح أميركا بانتصار الروس في سورية بات بوتين اللاعب الأساس في الملعب السوري ولم تعد الأطراف الأخرى وازنة في الأزمة السورية باستثناء إيران الممسكة بالأرض ولكنها لا تستطيع الحفاظ عليها دون روسيا وبات المشروع العربي خارج دائرة التأثير وهو يراهن كعادته على الدور الدولي و الأميركي تحديداً لنجدة العرب بولادة نظام سياسي غير شبيه بنظام الأسد وغير مرتبط بالهلال الإيراني بل متصل وملتحق بالدور العربي الرسمي، لذا سكتت المعارضة بعد أن انتفى الدور العربي وباتت المعارضات العسكرية السورية أسيرة الخطط الروسية الآيلة إلى أكل كل معارضة على حدة ووفق خدع متعددة من تخفيض التوتر إلى المساكنة والتعايش مع الواقع تمهيداً لمرحلة الإنقضاض على الخارجين عن النظام إذ لا يوجد القانون في سورية.

إقرأ أيضًا: السيد الأميركي والعبد العربي والإسلامي و الأوروبي والروسي
يبدو الموقف التركي أسوأ المواقف كونه موقفاً مستوراً وهو خاضع لمزاج إخواني غير غريب وغير عجيب على من يؤمن بالعقل الفقهي الذي يحلل ويحرم بالطريقة التي يراها المرشد صالحة من هنا تسعى تركيا إلى تطعيم النظام بعدوه القديم والتاريخي جماعة الإخوان المسلمين لتصحيح العلاقة وتحسين الصورة ليكون المشهد السياسي القادم على سورية مشهداً يضم حزب البعث وجماعة الإخوان ويبدو أن تركيا تراهن على المستقبل القريب والذي يجعل سورية إخوانية باعتبار أن الشعب في أكثريته يميل للشعارات الإسلامية وهو غير علماني ولا يفقه العلمانية وستكون أوّل محطة إنتخابية ربيعاً إخوانياً تحصد فيه الجماعة حصة الأسد وبذلك تكون تركيا قد ربحت في السياسة ما لم تستطع تحصيله في الحرب.