إنها تمطر في الخارج و المرأة في بيتها تفتش عن مظلتها.
الساعة في معصمها تشير لها مؤنبة أن تسرع إلى موعدها، المرأة تستوقفها قليلا لتحدثها عن خصلة شعرها التي تحتاج إلى ضربة مشط الجزدان الأسود مفتوحا والذي نسيت إقفاله وقع عن الطاولة وتبعثرت محتوياته على السجادة الساعة تشير بعقاربها أنه لم يبق سوى القليل من الوقت للموعد والسماء تمطر والمظلة ضائعة والمرأة المستعجلة ضاعت أيضا بين حجرات بيتها وخزائنها الكبيرة والصغيرة وصعدت على السلم إلى التتخيتة تلك الحجرة الضيقة العلوية حيث الكراكيب والأغراض المهملة عسى أن تجد تلك المظلة.
كأنه المطر نفسه الذي كان ينهمر منذ عشرين سنة المطر في الشوارع وعلى سطوح البنايات وعلى روؤس الناس والكل مسرعا وهي أيضا كانت مستعجلة للخروج حين إصطدمت بكتفه وهي مندفعة بسرعة صوب محل الساعات لتشتري هدية لصديقتها "نجاة" بمناسبة نجاحها ومن صدمته .كان شابا في أواخر العشرينات، ربطة عنق كستنائية، عيونه سوداء ولكنها براقة بالضوء، عطره سبقه حين ضربت كتفها بكتفه كحادث سير عاطفي هذا الإرتطام سيكلفها كثيرا.. إنه الحب من أول ضربة من أول نظرة من أول إعتذار مع ضحكة.
في محل الساعات ثمة وقت لولادة قصة حب .سنسمع ذلك الرنين الخفي الناعم بين قلبين ودقات لنبضات عصفورين.. الساعات في المحل ستغار من تكتكات شاب وصبية كلقاء عقربي ساعة.
إنها تمطر في الخارج.. والمظلة المفقودة لاصوت لها لتنادي تلك المرأة التي تعصر ذاكرتها لتتذكّر أين وضعتها أين خبأتها أين مظلتي هديتي المسمومة التي حفظتها منذ عشرين سنة لأجل هذا اليوم الذي إنتظرته بالساعات والدقائق.. هذا الموعد الذي ضربته لنفسي أن أحملها معي لهذا اللقاء..
كأنه المطر نفسه من الغيوم نفسها من السماء الشتوية ذاتها حين تعرفت على هذا الشاب في محل الساعات لتشتري لصديقتها "نجاة " ساعة يد لنجاحها في الجامعة وبعد ساعة ستلتقي بها في المقهى ولكن تأخرت قليلا على باب المحل حيث إعتذرا بإبتسامتين يومها تعارفا وشاركها في إختيار الساعة الهدية لصديقتها "نجاة "وقالت له: "لماذا لاترافقني إلى موعدي مع صديقتي؟".. وفعلا رافقها الشاب الجميل الوسيم وهي سعيدة بهذا الحب منذ دقائق..
المطر خلف زجاج المقهى.. إمرأتين وشاب يحتسون ويتحدثون ولكن صديقتها وحبيبها المفترض إسترسلا في الحديث لوحدهما.. وشعرت أن ما وجدته منذ دقائق فقدته في لحظة واحدة ..شعرت بأكبر خيانة. بغدر الزمن. بقهر خفي للحظ المسروق.. إستأذنتهما وتركتهما ولم يعترضا.. وهي خارجة أخذت معها مظلة صديقتها"نجاة ".
تقول الحكاية .. الشاب صاحب العيون السوداء تزوج الصديقة "نجاة " وسافرا المرأة المغدورة إحتفظت بتلك المظلة بين أغراضها لهذا اليوم كحقد دفين لئيم ..
المرأة وجدت مظلتها وراحت مسرعة إلى موعدها حيث كانت جنازة صديقتها ومشت حاملة مظلتها التي سرقتها من "نجاة "بعد أن سرقت منها حبيبها السري ...
مظلة سوداء منقطة بالأسود في جنازة كعرس لإمرأة في الخفاء ...إنتقمت.

نقلًا عن صفحته على موقع "فيسبوك"