الحشد الشعبي يسيطر على كركوك بتهييج الأحقاد القومية، والأكراد يجهزون لانتفاضة تعيد لهم المدينة الغنية بالنفط
 

تجتاح مدينة كركوك العراقية، الغنية بالنفط، حمى تنافس قومي بين الأكراد والتركمان، فيما يتحدث مقربون من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، عن “بوادر انتفاضة في صفوف أبناء المدينة، ضد احتلال القوات الاتحادية والحشد الشعبي لها”.

وشهدت كركوك، منذ السادس عشر من أكتوبر، عندما تمكنت القوات العراقية الاتحادية من الدخول إليها، عقب مغادرتها صيف العام 2014، هجمات محدودة على مقار أمنية ودوريات للشرطة، وصفت بأنها “انتقامية”.

ويقول رئيس حكومة إقليم كردستان، نيجرفان البارزاني، إن خطة إعادة الانتشار، التي نفذتها القوات العراقية، ردا على استفتاء الانفصال الكردي، الذي أجراه إقليم كردستان في الخامس والعشرين من سبتمبر، تسببت في تهجير الآلاف من الأكراد من منطقة طوزخورماتو، قرب كركوك، التي يسكنها خليط من مكونات قومية.

وبالرغم من أن طوزخورماتو، تتبع محافظة صلاح الدين إداريا، إلا أنها تمثل امتدادا ديموغرافيا لكركوك.

وتقول مصادر عراقية رفيعة لـ”العرب”، إن “التركمان، الذين اشتكوا من قمع سياسي كردي في كركوك، عندما كانت قوات البيشمركة تسيطر عليها، يدفعون أبناءهم إلى التطوع في ميليشيات محلية، تحاول أن تلعب دورا في تأمين المدينة”.

وبالرغم من أن تركمان هذه المنطقة، ينقسمون مذهبيا بين الطائفتين الشيعية والسنية، إلا أن التطوع شمل الجميع.

وتضيف هذه المصادر أن “عملية تطويع التركمان في هذه الميليشيات، تحظى بتشجيع قيادات شيعية بارزة في قوات الحشد الشعبي”.

وتوصل هادي العامري، وهو زعيم منظمة بدر، التي تعد من أهم فصائل الحشد الشعبي، إلى اتفاق مع قيادات تركمانية، سنية وشيعية، على تولي “قوات محلية تأمين طوزخورماتو، ومحيطها”.

ولدى منظمة بدر، قوة محلية في هذه المنطقة، من المقاتلين الشيعة.

وتقول مصادر محلية، إن “التركمان استغلوا وصول الحشد الشعبي والقوات العراقية، في إطار خطة إعادة الانتشار، إلى مناطقهم في كركوك، لينفذوا أعمالا انتقامية ضد السكان الأكراد ومصالحهم”.

ويقول مقربون من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، إن “بوادر ثورة، ضد المحتلين، تلوح في كركوك”.

ويقول هؤلاء إن “فصائل في الحشد الشعبي، تدعمها إيران، تحاول السيطرة على كركوك، باستخدام المشاعر التركمانية السلبية ضد الأكراد”.

وسجلت المدينة، ليل الخميس، هجوما بالقنابل اليدوية على مقر أمني في المدينة، قيل إن “متطوعين أكرادا نفذوه”.

ولأول مرة منذ أعوام، تتولى شخصية عربية، منصب محافظ كركوك، بعد هيمنة كردية عليه منذ العام 2003.

ويماطل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في تحديد موعد للمفاوضات بشأن الملفات الخلافية بين بغداد وأربيل، بالرغم من أن نيجرفان البارزاني، وهو رئيس حكومة المنطقة الكردية في العراق، أعلن مطلع الأسبوع التزام إقليم كردستان بوحدة الأراضي العراقية، ما يشكل تخليا صريحا عن نتائج استفتاء الانفصال.

ويخشى العبادي أن يقود أي تفاهم مع الأكراد، المنبوذين حاليا من قبل الأغلبية الشيعية العراقية، إلى تضرر صورته الشعبية، التي ازدهرت بعد سلسلة الانتصارات في الحرب على داعش، وخطة إعادة الانتشار في 16 أكتوبر الماضي، التي أخرجت البيشمركة الكردية من كركوك، وأراض واسعة كانت تحت سيطرتها منذ اجتياح تنظيم داعش لأجزاء واسعة من البلاد، صيف 2014.

ومنذ مطلع أكتوبر، ما زالت مطارات كردستان مغلقة في وجه الرحلات الدولية، فيما خسر الإقليم نحو ثلثي صادراته النفطية، بعدما اضطرت البيشمركة إلى مغادرة مواقعها قرب حقول نفط كركوك، إثر بدء القوات الاتحادية عملية إعادة الانتشار، ما يفاقم الأزمة المالية لسكان المنطقة الكردية الذين يفوق تعدادهم 5 ملايين نسمة.

وتحذر قيادات سياسية كردية من أن استمرار بغداد في تجاهل الدعوات الكردية لبدء مفاوضات التسوية، والتفاهم بشأن وضع المناطق التي غادرتها البيشمركة بعد السادس عشر من أكتوبر، وتقاسم عائدات النفط، وحصة كردستان من الموازنة العامة للبلاد، ربما يفجر نزاعا أهليا مسلحا في كركوك.

وتتحدث مصادر محلية في كركوك عن “استعداد أبناء القومية التركمانية، لمواجهة الأكراد في المدينة، للحفاظ على المكاسب التي تحققت في 16 أكتوبر”.

ويقول التركمان إن الأكراد، الذين احتكروا أهم المسؤوليات الأمنية في كركوك، نفذوا ضدهم عمليات تصفية عرقية، لتغيير التركيبة الديموغرافية في المدينة.

ويحظى الموقف التركماني المتصلب في كركوك، ضد الأكراد، بتأييد شخصيات عربية سنية عديدة، في المدينة الغنية بالنفط.