اندفاعة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وغياب خطة تحرك عربية بشأن القدس يضعان المنطقة على شفا المجهول
 

حسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره أمس الأربعاء تنفيذ تعهده الإنتخابي ومغازلة إسرائيل بالإعتراف بالقدس عاصمة لها وبدء عملية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، في خطوة من المتوقع أن تشعل غضبًا كبيرًا على المستويين الشعبي والسياسي في العالمين العربي والإسلامي.
وقال ترامب في خطابه: "قررت أنه آن الأوان للإعتراف رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل"، مضيفًا أنه أمر ببدء التحضيرات لنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس المحتلة"، وما كاد الرئيس الأميركي يعلن قراره حتى رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالخطوة واعتبرها يومًا مشرقًا لليهود، مؤكدًا أن لا تغييرات على الوضع القائم في الأماكن المقدسة.
وفي هذا السياق يرى متابعون للشأن الفلسطيني نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" أن القرار الأميركي غير المدروس سيعقد رغبة ترامب في استقرار الشرق الأوسط وإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وسيؤجج التوتر، مشيرين إلى أن رؤساء أميركيين سابقين امتنعوا عن اتخاذ هذه الخطوة لمعرفتهم بحساسية الوضع حول المدينة ذات المحاميل الدينية والتاريخية.
وأشاروا إلى أن تسرع ترامب وحماسه المبالغ فيه لتحقيق وعوده الإنتخابية ستحرج المؤسسات الأميركية "الدبلوماسية والعسكرية" التي تحاول تفادي أخطاء الرئيس وتأثيراتها السلبية في سوريا والعراق، محذرين من أن إثارة قضية بهذا الحجم يمكن أن تعرض مصالح واشنطن وصورتها في المنطقة إلى الخطر.

وتضيف الصحيفة أن موقف ترامب من القدس أحرج الدول العربية الداعمة لعملية السلام، وخاصة مصر التي تكافح لإنجاح مصالحة بين حركتي فتح وحماس على أرضية توحيد الموقف الفلسطيني الداعم لخيار السلام.
ومن المتوقع أن يحرج الموقف الأميركي من القدس الدول المزايدة على القضية الفلسطينية أيضا مثل إيران التي دأبت على توظيف هذا الموضوع لتبرير تدخلها في شؤون المنطقة، ومدخلا لتسليح أذرعها في لبنان، فضلًا عن اختراق غزة، وتساءل مراقبون ماذا ستفعل طهران الآن، وماذا ستفعل بفيلق القدس الذي يتزعمه قاسم سليماني، ويتدخل بإسم القدس في العراق وسوريا.
من جهة أخرى تكمن خطورة قرار ترامب في كونه يوجه ضربة موجعة للحرب على الإرهاب، وأن الجماعات المتشددة ستستفيد منه لإستعادة دورها واستقطاب أنصار جدد بعد أن تم تحييدها في سوريا والعراق، والتضييق عليها في أغلب البلدان العربية.
وفي هذا السياق يلفت المحللون نقلًا عن "العرب" إلى أن مختلف الجماعات الإسلامية استفادت من غياب حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية، وأن فرض أمر واقع جديد على المنطقة دون حوار ومراعاة لبعد القدس الروحي والديني سيذكي موجة من العنف مثلما حصل في الإنتفاضات الفلسطينية المتتالية، والتي همشت التيار الوطني في المقاومة وصعدت بحماس والجهاد، وربما تعطي مسوغًا لظهور داعش الذي تتمركز بعض فروعه في سيناء.

يذكر أن ترامب كان قد تعهد خلال حملته الإنتخابية نقل السفارة وحصد دعم شخصيات يمينية قريبة من إسرائيل مثل البليونير شيلدون أديلسون لهذه الغاية. وأقر الكونغرس في ١٩٩٥ قانون نقل السفارة، ونقضه رؤساء أميركيون متعاقبون منذ ذلك الوقت وكل ستة أشهر لتضاربه مع مصالح الأمن القومي الأميركي.