ربّ قائل إنّ العالم العربي يقع بين فكّي الكماشة اليهودية الفارسية، الإسرائيلية الإيرانية، وأن لا فرق بين أطماعهما في بلادنا
 

هو نصرٌ خالصٌ لإيران. لا تحتاج إسرائيل اليوم أيّ هدايا. يكفيها تهاوي المدن العربية من حولها، والتدمير الذاتي الذي تعانيه الدول المركزية، العلمانية – الإستبدادية سابقاً، والواقعة تحت نير الإستبداد المذهبي الإيراني حالياً.

لكنّ تسريب خبر إقتراب نقل السفارة الأميركية إلى القدس واعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، بشطريها الشرقي والغربي، هو هدية معلّبة وملفوفة بالكرامة العربية، يقدّمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إيران.

هذه الهدية نقلت النقاش في الساعات الأخيرة من الحلف العربي والإسلامي الذي ينشأ ويتمدّد في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، لمواجهة التمدّد الإيراني، إلى "يا غيرة الدين" على القدس. وقد حرف النقاش الشعبي العربي تماماً، من "التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية" إلى "الحفاظ على عروبة القدس" و"نصرة فلسطين".

إقرأ أيضا : ترامب: قررت أنه آن الأوان للإعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل

الهدية أيضاً أثبتت أنّ "منطق إيران" على حقّ (أقلّه بالشكل) في أنّ "العرب" تخلّوا فعلاً عن قضيتهم المركزية، فلسطين، وتفرّغوا لمناوشة بعضهم البعض، بدماء بعضهم البعض، في الدول الأربعة التي تتباهى إيران بالسيطرة على عواصمها.

كذلك فإنّ تهويد القدس بشكل كامل سيؤكّد تنفيذ النظرية "الهرتزلية" اليهودية، التي تعطي مبرّراً لـ"شيعية" العرب التابعين لإيران، من خلال تبرير الدول المذهبية، بديلاً من دول علمانية الشكل (وإن كانت إستبدادية المضمون)، كانت قائمة في "بعثي" سوريا والعراق، وبديلاً من دولة وطنية في اليمن، ودولة "متنوّعة" في لبنان.

هي هدية لإيران. وربّ قائل إنّ العالم العربي يقع بين فكّي الكماشة اليهودية الفارسية، الإسرائيلية الإيرانية، وأن لا فرق بين أطماعهما في بلادنا.

لكنّها هدية خالصة لإيران... برافو ترامب.