إستيقظت من غفلتي بعد 20 عاما إلى أنني كنت من أغبى خلق الله تعالى حينما كنت أجاهد وأناضل من أجل إقامة سلطة سياسية إسلامية قرآنية إلهية
 

كنت مثلهم أعتقد بأن الإسلام هو الحل لكل أزمات الحياة ويقدم إجابة على كل سؤال وفيه خريطة فتاوى ومعتقدات تُفْضِي إلى بناء دولة تجري من تحتها الأنهار.
فمن عظمة عدالتها لن يكون في ظلها فقير أو مظلوم أو أمي وستكون ملجأ لكل معارض سياسي سويسري أو فرنسي أو ألماني  أو بريطاني أو أميركي أو سويدي هارب من ظلم حكومته المستبدة الظالمة الجائرة!
20 سنة كنت فيها كالببغاء أردد ما أسمعه من أفواه رجال الدين وما أقرأه في كتبهم من دون أن أفكر لحظة بأنهم ربما يقولون ويكتبون بعض السطور ما ليس له صلة بالصواب والحقيقة!
كنت مثل ملايين الشباب الإسلاميين المراهقين فكرياً الذين يعتقدون بأن الإسلام والقرآن تحديدا (فيه تبيان إلهي لكل شيء) وكنت أردد قوله تعالى للإستدلال به على صحة عقيدتي:

{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} 
[ سورة النحل آية  89 ].
وبعد 20 سنة حينما اتخذت قراراً أن أفكر وأن أتحرر من عقيدة التقليد التي تشكل أعظم تهديد للعقل وجدت أن القرآن الكريم ليس فيه آيات تكشف لنا عن وظائف السلطة السياسية.
ليس فيه آيات تحدد وظيفة وزير الكهرباء، ولا لوزير المياه، ولا لوزير الداخية، ولا لوزير الأشغال، ولا لوزير البريد والهاتف، ولا لوزير الطاقة والصناعة ، ولا لوزير الصحة والشؤون الإجتماعية، ولا لوزير الخارجية، ولا لوزير الرياضة، وليس فيه آيات تحدد فيه تفاصيل عمل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والإدارية التدبيرية ، ولا، ولا،  ولا، ولا!
فانتبهت حينها  من سكرتي واستيقظت من غفلتي  إلى أنني كنت من أغبى خلق الله تعالى حينما كنت أجاهد وأناضل من أجل إقامة سلطة سياسية إسلامية قرآنية إلهية تحكم بما أنزل الله تعالى!
حيث لم ينزل الله سبحانه شيئاً في قرآنه بخصوص السلطة السياسية!
لذلك أيقنت يقينا ما بعده يقين بأن أعظم إفتراء على اللَّه يفتريه الإسلاميون بقولهم نريد السلطة السياسية لنحكم فيها بما أنزل الله!
إنهم أنجس خلق الله وأخطر كائناته على دين الله وعباد الله.