"سيتابع وزراؤنا عملهم في الحكومة، إذا استمرت، كما سابقاً، وسيستمرون بلعب دور المعارضة من داخل الحكم، بعدما باتت اللعبة مكشوفة"... قالها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في قصر بعبدا، بُعيد جلسة التشاور التي جمعته برئيس الجمهورية ميشال عون، ناسفاً بذلك مواقف القوات السابقة التي اعتادت التلويح الجدي بالاستقالة طوال الفترة الماضية، بما فيها مواقفه اللافتة التي أعقبت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض.

يصف بعض المتابعين مواقف القوات اللبنانية الأخيرة من الحكومة والاستقالة منها، بـ"المترددة"، ويردّ آخر: "ليس هذا تقلّباً بقدر ما هو موائمة للأحداث المستجدة على الساحة اللبنانية، ومرحلة اليوم هي مرحلة جديدة من المفاوضات السياسية الجدية التي قد تصب في الخانة التي تريدها القوات اللبنانية، وبالتالي هذه المواقف نتيجة حتمية لكل ما يحصل في البلد". لكن ماذا يقول أهل البيت القواتي أنفسهم؟

يرفض مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية العميد المتقاعد وهبي قاطيشا وصف عودة القوات عن الاستقالة بتقلّب المواقف، ويؤكد في حديث لـ"ليبانون ديبايت" على أن القوات لا زالت ثابتة على مواقفها، وعندما تحدثت عن الاستقالة كانت تحاول لفت النظر إلى أن هناك تجاوزات تحصل في الحكومة، فـ"حاولنا رفع الصوت ولكنهم لم يستجيبوا لنا ربما لأن حجمنا التمثيلي في الحكومة هو 3 وزراء من أصل 30 أي 10 في المئة. واليوم عندما استقال الحريري حصلت الصدمة، وهي أكثر بكثير من صدمة، كونها نهائية تعيد تصويب الخيارات، وكنا متفاجئين كيف استطاع الحريري أن يصبر كل هذا الوقت لأننا نعرف كم كان حجم معاناته مع الفريق الآخر. فالصدمة قام بها الحريري وأجبر الفريق الآخر باستقالته على أن يفتش على تسوية عملية كي نستطيع الإكمال سويةً، ولكن صدمتنا وحدها لا تكفي للوصول إلى التسوية أو الحل الذي نبحث عنه". 

ويرى قاطيشا أن اليوم بدأت مرحلة جديدة من المفاوضات، والبحث جارٍ عن حلول، "لإعادة تصويب التسوية، والحكومة التي أنشئت على أساسها، والتي حاول الفريق الآخر جرها خارج التسوية ليضعها بالمقلب الآخر في حضن النظامين السوري والإيراني لذلك علت الصرخة. فالفريق الآخر عليه الآن ان يفتش عن حلول ليعيدنا إلى التسوية التي كنا اتفقنا وإياه عليها وقوامها ألا نتدخل بصراعات الدول العربية".

ولا ينفي قاطيشا إمكانية عودة تلويح القوات بالاستقالة من جديد في حال وجدت في البيان الملحق المفترض صدوره في آخر أول جلسة لمجلس الوزراء بعد أزمة الاستقالة والتراجع عنها، شيئاً لا يتوافق مع قناعاتها ومبادئها وبالتالي مصلحة البلد، أو في حال عدم التوصّل لحلول مناسبة، مؤكداً أن القوات مستمرة بالنضال في هذا الاتجاه إذا لم تستقم الحكومة.

ورداً على المعلومات التي تقول إن القوات اللبنانية تتجه للاستقالة عقب استقامة الحكومة، وإعادة السير بها، يقول قاطيشا إن "هذا من بنات أفكار الصحافة الصفراء التي تتمنى أن نستقيل ليرتاحوا منّا، فنحن حريصون على العهد، ومعولون عليه أن يضع لبنان على السكة الصحيحة، ومن يحاول تخريب علاقتنا مع العماد عون لن ينجح لأننا داعمين للعهد ولإنجاحه وانجاح الرئيس عون في هذه المسيرة".

ويضع العميد المتقاعد مواقف القوات اللبنانية من التلويح بالاستقالة في كفة إعادة الاستقرار للبلد الذي كان يتجه نحو الهاوية. فـ"كل موقف يترتب عليه مواقف معينة".

ورداً على سؤال حول ما إن كان للقوات سقف معين للحل المنتظر، يلفت قاطيشا إلى أنه "في علم التفاوض لا أحد يقول إن هذا سقفي وإلا عندها لن يكون هناك حوار حقيقي أو تفاوض، فسقفنا عالٍ جدا لا نقول ما هو، وبقدر ما سنستطيع أن نحصّل ما هو خيراً لاستقرار هذا البلد ولمستقبله سنحصّل".