28 و29 الجاري، موعدٌ جديد حدَّده أساتذة التعليم الخاص للإضراب. «حُسِم الأمر»، وفقَ ما أكّده نقيب المعلّمين في المدارس الخاصة رودولف عبود لـ«الجمهورية»، مشيراً إلى أنه سيَعقد اجتماعاً عند الرابعة بعد ظهر غدٍ الخميس، «لتحديد الخطوات التصعيدية نتيجة تمنُّعِ بعضِ الإدارات عن تسديد حقوق الأساتذة». في موازاة ذلك، تستعدّ لجان الأهل والاتّحادات لعقدِ اجتماعٍ مساء غد الخميس للاتّفاق على خطوات تصعيدية تَقيهِم مرارةَ كأسِ زيادات الأقساط.
«التعليم بالتنقيط». عبارةٌ تختصر واقعَ حال هذه السنة الدراسية التي تشهد منذ انطلاقتها إضرابات، اعتصامات، اجتماعات. إرتباكٌ عام في صفوف الإدارات، الأساتذة، الأهالي والتلاميذ على حدٍّ سواء، نتيجة إقرارِ سلسلةِ الرتب والرواتب وما منحَته للأساتذة من حقوق، في وقتٍ يتعذّر على إدارات المدارس الخاصة تأمين مستحقّاتهم من دون رفعِ الأقساط، فيما الأهالي على موقفِهم «ما منِدفَع ولا ليرة زيادة».

في التفاصيل...

إنتهَت فترة الاسترحام في حسابات أساتذة التعليم الخاص، ولم يعُد ينفعُ إمهالُ إداراتِ المدارس لتبادرَ وتُسدِّدَ ما عليها مِن مستحقّات لأساتذتها، فقرّروا رفعَ الصوتِ عالياً مجدّداً.

في هذا الإطار، يوضح عبود لـ«الجمهورية»: «هناك مدارس دفعَت جزءاً من مستحقّات الأساتذة، وعددٌ منها وعدَتهم خيراً، فيما النسبة الأكبر لم تُسدِّد لا بل تتصرّف وكأنّ السلسلة لم تُقَر، لذا وبعد عقدِ الأساتذةِ جمعياتٍ عمومية، إتّخَذنا قرار الإضراب يومين متتاليَين».

أمّا بالنسبة إلى طبيعة المدارس التي لم تُسدِّد ما عليها، فيُجيب عبود: «إنّها خليط من المدارس الكاثوليكية، العلمانية، والتابعة لجمعيات إسلامية»، نافياً تلمُّسَ النقابة وجودَ قرارٍ مركزي لدى اتّحاد المؤسسات الخاصة بعدم الدفع: «بحسب البيان الأخير الصادر عن الاتّحادات الأجواءُ إيجابية، ولكن كم على الأستاذ الانتظار؟».

طالما الأجواء إيجابية لماذا الإضراب؟ يجيب عبود: «سبقَ وأمهَلنا الإدارات، والدليل أنّنا لم ندخل حتى الآن في إضراب مفتوح، بل أبدَينا كلَّ مرونةٍ وعُدنا إلى التدريس، ولا نتحدّث إلّا بالاضراب يوماً ويومين، فيما الإدارات «على الوعد يا كمّون». نحن لسنا هواةَ إضراب، وهدفُنا العِنب وليس قتْلَ الناطور»، مؤكّداً «أنّ الأساتذة ليسوا ضدّ الإدارات والتي بدورها لا يجب أن تكون ضدّ القانون».

أمّا بالنسبة إلى الأساتذة الذين يَشكون من حسمِ رواتبِهم نتيجة مشاركتِهم في الإضراب، فيقول عبود: «لا يحقّ للإدارات الحسمُ في هذه الحال، وللأستاذ المنتسِب إلى النقابة الحقُّ في تلبيةِ النداء، لذا سنتدخّل حيث يجب بواسطة محامي النقابة».

وحيال «هجمة» الأساتذة للانتساب إلى النقابة، يوضح عبود: «نشهد وتيرةً متقدّمة في الانتساب نتيجة مبدأ المحاسبة والمطالبة الذي تنتهجه النقابة، وبعض الأساتذة لم يُجدّد اشتراكَه منذ 12 عاماً وأكثر، فتراكمت عليه الدفعات، لذا اتّخَذ المجلس قرارَ إجراء حسومات محدّدة»، مؤكّداً إصرارَ النقابة على «توسيع صرختها بطريقةٍ سِلمية، حضارية دفاعاً عن حقوق جميعِ الأساتذة»، آمِلاً من وزارة التربية «تشديد مراقبتِها على موازنات المدارس».

الأهل... «عم نِغلي»

حالٌ غليان مشتركة يعيشها الأهالي، والهواجسُ نفسُها يُعبّرون عنها للِجان الأهل. وفي هذا السياق تقول ميرنا خوري رئيسة اتّحاد لجان الأهل في كسروان الفتوح: «سنجتمع مساء الخميس لتحديد الخطوات المرتقَبة، وبَعدها نُعلن موقفَنا المشترك، ولكنّ الوضع لم يعُد محمولاً، شبحُ الأقساط يطارد الأهالي مِن شهرٍ إلى آخر، خصوصاً أنّنا لم نعُد نسمع باجتماعات لجنة الطوارئ».

أمّا عن موقف الأهل من إضراب الأساتذة وملازَمةِ التلاميذ منازلَهم، فتُفضّل خوري التريّثَ قائلةً: «سيكون لنا موقفٌ موحَّد كلِجان أهل بعد اجتماعنا، على أمل أن تتوضّحَ الصورة بعد اجتماع نقابة المعلّمين».

«الطوارئ» في الطوارئ

عبثاً حاولت لجنة الطوارئ التي شكّلها وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة بطلبٍ من رئيس الجمهورية ميشال عون تصويبَ الأمور بين المدارس والأساتذة والأهالي، لمعالجة الأزمة المتفاقمة.

وقد راهنَ الأساتذةُ عليها لنَيلِ حقوقِهم، كذلك الأهالي، لكنّ هذه اللجنة علّقَت اجتماعاتها منذ استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، ووُضِع الملفُّ التربوي جانباً في الوقت الراهن. فيُجمع المعنيّون: «منذ استقالة الحريري لم ندعُ إلى اجتماع، هذا لا يعني أنّ التواصل مع المؤسسات التربوية انقطع، ولكنّ الحلول الحاسمة كأنّها مؤجّلة، والملفّ التربوي وُضِع جانباً».

في انتظار ما سيَبتُّه الأساتذة والأهالي يومَ الخميس، يبقى أنّ ما بَعد 28 و29 الشهر الجاري لن يكون كما قبله، في حسابات الطرفين.