اعتبرت مجلة ناشينال إنتيرست الأميركية أن المؤشرات القادمة من العراق غير مطمئنة بشأن إنهاء وجود تنظيم الدولة الاسلامية، فعلى الرغم من انحساره في أغلب المناطق، فإن المعركة العسكرية التي انتصرت فيها القوات العراقية والأميركية عليه ليست كل شيء، ويجب أن تكون مترافقة مع أخرى سياسية قادرة على طمأنة الناس، وخاصة في المناطق التي كانت تخضع لسيطرة التنظيم
 

في الموصل، المدينة الأكبر والأهم في العراق والتي احتلها التنظيم نحو ثلاث سنوات، فإنه وبعد أشهر من استعادتها من قبضة التنظيم، ما زالت تعاني الخراب، يضاف إلى ذلك أن الحالة الطائفية أنتجت ويمكن أن تنتج بشكل مستمر حالة استقطاب تقود إلى العنف، وهو أمر ما زال حاصلاً في العراق.

سيمر العراق بتحدٍّ شديد لمواجهة مشاكل ما بعد "داعش"، فمع انخفاض أسعار النفط فإن الحكومة العراقية بحاجة إلى أموال لإعادة إعمار المدن المستعادة التي خربتها الحرب، فضلاً عن مشكلة البطالة المتفشية بالمجتمع، ففي بلد قد يصل عدد سكانه إلى نحو أربعين مليوناً، فإن نسبة البطالة بين القوة الشبابية كبيرة جداً، بحسب الصحيفة.

وإذا كانت الولايات المتحدة قد أنفقت قرابة تريليون دولار في حربها على العراق منذ عام 2003، وفقدت أكثر من 5 آلاف جندي، فيمكن القول إن تكلفة ما بعد "داعش" كانت كبيرة، إلا أنها لن تكون بحجم ما قدمته أميركا منذ عام 2003.

لم تقدم الولايات المتحدة إلا بضعة ملايين من الدولارات لمحاربة "داعش"، كما أنها لم ترسل سوى بضع مئات من الجنود، كل هذا يؤكد أن مهمة ما بعد التنظيم لن تحتاج إلى كل تلك المليارات والضحايا التي قدمتها أمريكا في العراق.

سيكون من الخطأ الكبير اعتقاد أن تكاليف الإنفاق الأميركي في العراق عقب نهاية التنظيم ستنخفض؛ ومن ثم فإن واشنطن سترتكب خطأ إذا ما قررت تقليص مساعداتها للعراق.

إن التحدي الأكبر الذي يجب أن يتصدر أي اهتمام اليوم، هو إعادة بناء المدن المستعادة في شمالي وغربي البلاد، بطريقة تتجاوز الطائفية والسياسة، خاصة أن العراق مقبل على الانتخابات، وهو بحاجة اليوم لإرسال رسائل لسكان تلك المناطق بأن الحكومة المقبلة ستكون حكومة وحدة وطنية.

يتعين على رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أن يقود خطة جريئة وحاسمة لإعادة بناء الموصل، ثاني أكبر مدينة حضرية بالعراق، ويجب أن يقود فريقاً خاصاً للإعمار، يتألف من قادة محليين وإقليميين من ذوي السمعة الطيبة للإشراف على إعادة الإعمار، وتوفير الفرصة بأسرع وقت ممكن من أجل عودة النازحين وتوفير الخدمات لهم.

وتختم المجلة الأميركية بالقول إن تكاليف بناء العراق الجديد كبيرة، ولكن بالمقارنة مع ما أنفقته أميركا فإنها ستكون متواضعة جداً.

 

 

 

(ناشينال إنتيرست ـ الخليج اونلاين)