هل هناك مبررات لهكذا عقد في فكر النبي؟
 

وصل النبي (ص) بجيشه إلى أبواب مكة المكرمة وطنه وموطن ميلاده المبارك الذي طُرِدَ منه بقرار جائر  من سلطة المشركين عدوة الديمقراطية والحريات السياسية والدينية وحينما وصل طلبت السلطة منه أن يعقد معها عقد صلح على شروط منها:
1 - أن يعود من حيث أتى على أن يدخل مكة (وطنه) بعد عام لأجل أداء فريضة الحج فقط .
2 - وعلى أن يرد كل مشرك إلى مكة حينما يذهب إلى المدينة المنورة لاجئاً لأجل أن يدخل في الإسلام!
3 -  وعلى أن لا يردوا مسلما إن ترك الإسلام والمدينة المنورة ولجأ إلى مكة!
4 - وعلى أن يتم تدوين عقد الصلح بإسم محمد بن عبد الله وليس بإسم  محمد رسول الله!
وشروط أخرى ليس لها صلة بما أريد قوله هنا إن النبي (ص) كان قادرا عسكريا حين إبرام عقد الصلح على الدخول إلى مكة ( وطنه ) وتحريرها من هيمنة سلطة المشركين فيها لكن النبي (ص) كما قلت وأقول دائما ودوما كان يجتهد إجتهادا عظيما من دون أن يدخر جهدا مطلقا لكي يتفادى سفك نقطة دم ولو بإبرام معاهدات وصلح ومواثيق وعهود تنطوي على شروط تفرض عليه التنازل عن كثير من حقوقه إلى حد كان التنازل يقارب المذلة!
حتى أن بعض الصحابة قالوا للنبي (ص) لقد أذليتنا بموافقتك على شروط عقد هذا الصلح مع قدرتنا عسكريا على تحرير مكة من الهيمنة الإستبدادية الجائرة .
وكان النبي (ص) يكشف لهم عن مبررارته بقوله : 
"ما نستطيع الوصول إليه بواسطة السلام والمسالمة والصلح مع العدو بعد سنة من دون أن نسفك نقطة دم فهو خير عند الله من أن نصل إليه اليوم بواسطة حرب نسفك فيها دماء"!
ومن وحي سيرة النبي (ص) كان الفقهاء ( الأتقياء ) يحترزون من سفك الدماء ولو كانت من أجل قضية عادلة إحترازا عظيما لا حدود له ، وكانوا من وحي السيرة النبوية يجتهدون إجتهادا عظيما لإبرام المسالمة هنا والموادعة هناك والصلح هنالك كل ذلك لأجل أن يتفادوا الحروب وسفك الدماء وإزهاق الأرواح وتدمير البلدان على عكس ما يصنع فقهاء اليوم عشاق السلطة والنفوذ والشهرة والسيطرة والتوسع بالحكم بإسم الله، وبإسم الدين، وبإسم أهل البيت عليهم السلام الذين يشعلون نيران الحروب المأساوية في العالمين العربي والإسلامي مخلفين وراءها مئات الآلاف من الأرامل والأيتام والمعاقين والفقراء ، وأزمات كارثية على كل صعيد وفي كل جانب بقلوب قاسية كالحجارة وأدمغة يابسة كالخشب وويل لكل عاقل يعيش بينهم إن لم يؤمن  بمغامراتهم ومجازفاتهم على أنها بذل وعطاء وتضحيات!