المواطن المحزَّب يتأهب على هيئة مقاتل للدفاع عن نظرية المؤامرة ولا يتحرك لتنظيف شارعه من النفايات
 

ثمة قولٌ شائع، ولا ريب فيه، بل ولا نشك في صحته، لأن التجربة أثبتت تلك الصوابية، ألا وهو أنَّ المواطن العربي وبالتبعية معه المواطن الإسلامي، أنه يشتعل حماسةً إذا دُعي إلى كنس الإمبريالية، لكنه لا يعبأ إذا دُعي إلى كنس النفايات والأوساخ التي تملأ داره أو شارعه.
في عالمنا العربي والإسلامي تسوده غيوم سوداء متراقصة أدت إلى إحباط كبير بسبب التشرذم وغموض المصير الذي يلف الجميع، فالدليل على هذا المدعى والمعلوم بالضرورة والبديهة عائد بالدرجة الأولى إلى أنَّ المواطن العربي والإسلامي، وبالأخص المواطن اللبناني هو ليس بالإعتماد على نفسه، وإنما بالإعتماد على القرار من أعلى، أو بإنتظار أوامر الفقيه أو الزعيم أو الملك والسلطان والولي وما إلى ذلك من تسميات ريادية، أو بإنتظار البيان رقم واحد أو صفر، من الجهة القيمة والمسيطرة سواء بواسطة الثقافة والخطاب الشفوي أو عبر الإذاعة والشاشة، حتى يطمئن بال هذا المواطن الذي يشتعل حماسة وجهاداً وتلبية لدعوة القائد كي يأتيه الفرج الذي ينتظره، فنرى المواطن المحزَّب في أي حزبٍ أو جهةٍ بشكلٍ عام، لا يتحمل أي مسؤولية اتجاه الآخر سوى ألا تتعرَّض لحزبه أو مسؤوله، فحينها تثير فرائسه ويتأهب على هيئة مقاتل للدفاع عن نظرية المؤامرة ويدعو بكل قوة للتصدي إلى كنس الإمبريالية التي تريد الشر بالوطن والعروبة، لكنه غير مستعد وينام بكل طمأنية فيما لو تعدي على كرامة شعب أو سلب حقوق الناس أو يدعو إلى تنظيف شارعه ولو امتلأت قمامة، فإنَّ هذه الأمور لا تعنيه، وهذا ما يندرج تحت قاعدة "همٌّ أراحنا الله منه"، للأقل إن لم يكن بإمكانه العمل الكثير لتحسين الأوضاع العامة في الوقت الراهن، لكنه يستطيع إن أراد أن يتحمل المسؤولية المترتبة عليه من دون الإحتجاج وتقديم التبريرات والبحث عن مبررات سواء كانت دينية أو غيرها، وإلقاء اللوم على الآخرين، وإن كنا لا نستطيع تبرئة أحد وخصوصاً من هم في السلطة أو من يحتل موقعاً عاماً، سواء كان موقعاً كبيراً أو صغيراً، وهذا لا يعفي من يتصدى للمسؤولية الدينية من رجال الدين، " فكلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته".