مساء يوم الأحد الماضي ومن على شاشة تلفزيون “الجديد” قال الزميل جان عزيز المستشار في القصر الجمهوري: “تلقينا رسائل خارجية مباشرة تقول أن أزمتنا الحالية ليست داخلية وهي مؤشر الى هجوم كبير على لبنان. تلقينا رسالة مباشرة خارجية تقول إن ما يحصل الآن هو عودة الى عشية 1982 (الغزو الاسرائيلي)، وهناك قرار كبير اتخذ على المستوى الدولي الأعلى. اللعبة انتهت. وعليكم أن تتكيّفوا معه”. والزميل عزيز رزين ويحترم موقعه الرسمي ولم يكن ساعياً الى “سكوب إعلامي”. ويعني ذلك أنه حصل على موافقة رئيس الجمهورية على الإفصاح عن المعلومة. لكن السؤال الذي لا يعرف الكثيرون جواباً عنه الآن هو الآتي: هل المعلومة صحيحة؟ أم أن الهدف منها تخويف اللبنانيين ودفعهم الى التضامن لحل الأزمة التي فجّرتها السعودية بدفع الرئيس سعد الحريري الى الاستقالة، ولاعادة العمل بالتسوية التي أنتجت حكومته والاستعداد لمواجهة كل طارئ.
والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله قال في آخر ظهور تلفزيوني له إن السعودية طلبت من إسرائيل شن حرب على لبنان و”حزب الله”، مضيفاً أنه يمتلك معلومات عن ذلك. فهل كان ذلك لدفع اللبنانيين الى احتواء الأزمة الحالية ذات البعدين الداخلي (الطائفي والمذهبي) والاقليمي (السعودي والايراني)، علماً أنه لم يعتد التهويل سابقاً؟
الأجوبة عن كل ذلك ليست سهلة. لكن محاولة البحث عنها ضرورية. وقد بدأتُها بلقاء مع صديق يتابع أخبار “الحزب” ومقاومته وإيران من قرب، قال: “يجب أن لا تغيب عن البال رغبة إسرائيل في “القضاء” على “حزب الله”. كما يجب أن لا يغيب عنه أيضاً أن حرب السعودية في اليمن أو عليه فاشلة، وأنها منشغلة بداخلها في ضوء المشروعات المتلاحقة لولي عهدها العامة والشخصية ذات الآثار الكثيرة السلبية والايجابية في وقت واحد، وأن خطتها في بيروت (استقالة الحريري وحكومته ووضع اللبنانيين في وجه “الحزب) قد فشلت، وأن خطتهم في كردستان فشلت أيضاً. أضاف: “يعرف الجميع أن السعودية جزء من محور يضم أميركا وإسرائيل ومصر ودول عربية خليجية والأردن، لكنه فشل في تحقيق أي إنجاز أو انتصار كامل حتى الآن. وربما يدفعه ذلك الى التحرّك أمنياً في لبنان. أي تحريك خلايا نائمة لـ”داعش” والتكفيريين الآخرين. وهو اعترف سابقاً وعلانية بلسان حمد بن جاسم، العضو في المحور نفسه سابقاً، باستعمال هؤلاء وتدريبهم وتمويلهم، وكذلك تحريك المخيمات الفلسطينية والمتشدّدين داخلها فضلاً عن النازحين السوريين، والقيام بتفجيرات واغتيالات. لكن ذلك لا يعني إلغاء احتمال الاعتداء الاسرائيلي المباشر. فالحرب السورية تكاد أن تصل الى نهايتها ولم تجنِ منها إسرائيل ما كانت تتوخاه أي إبعاد “حزب الله” وإيران عن الجولان (على الأقل حتى الآن)، و”داعش” الدولة دمّرت، لكن “داعش” الفكر والايديولوجيا لا يزال ناشطاً وخطيراً، والالتحام السوري – العراقي (ومع ايران) حصل في البوكمال وسيعود بعد انتفاضة الموت التي نفّذها “داعش” أخيراً. وربما يقرّر الرئيس السوري الأسد توجيه مدافعه وصواريخه في اتجاه الجولان السوري المحتل. كما أن بوتين الذي له علاقة جيدة باسرائيل لا يستطيع ضمان عدم حصول ذلك، لأن إيران تؤيّده ولا يمكن فرض موقف عليها ترفضه. لذلك فإنها قد تفكر في حرب في الجولان. لكن “حزب الله” الذي عمل على توحيد جبهتي لبنان وسوريا ضدّها، هل يسكت عن حربها على سوريا؟ وهل ستتجنّب إسرائيل ضربه في لبنان؟ الأجوبة تختصر في أن “الحزب” لم يردّ على ضربات عدة لمواقع له ومستودعات في سوريا. لكن ذلك لا يعني أنه لن يردّ على الاطلاق، فاستهدافه جدياً في سوريا ثم الاعتداء عليه في لبنان سيجعله يردّ وبقوة، ونتيجة ذلك قد تبدأ الحرب. علماً أن ذلك كله يبقى مرتبطاً بعوامل عدة لا تزال غير متوافرة كلها”.
أما إسرائيل، واستناداً الى مصادر أميركية مطلعة ومتصلة بها كما بدول المنطقة كلها فلن تشن حرباً على “حزب الله” بل على لبنان برمته إلّا اذا تأكدت من وجود مصانع صواريخ باليستية، على أرضه. فذلك خط أحمر عندها ولا تتساهل فيه، هل يعني ذلك حرباً كالتي تحدث عنها الزميل عزيز والتي لم يؤكد نصرالله وقوعها بل طلبت السعودية من اسرائيل شنّها، ستقع؟
لا أحد يعرف. علماً أن أميركا لن تنفّذ ضربة عسكرية ضد أهداف لإيران إلّا إذا تحرّشت بها الأخيرة جدّياً وفي مياه الخليج.