يتبجح قياديو ومناصرو حزب الله وآخرهم أمينه العام حسن نصر الله في خطابه الأخير هذا الأسبوع، بأنه مهما كان العدوان وبكل أشكاله فإنه لن يقضي على «الحزب» وفي أسوأ الأحوال سيضعفه، ويكررون أنه باقٍ في النفوس كما يدعون. السؤال؛ هل واقع الحال يقول ذلك؟ لا شك أن حزب الله استطاع قبل عقد من الزمن، وبخاصة في حرب «تموز 2006» ضد إسرائيل، أن يروج لنفسه ومن يقف خلفه من دول كالنظامين الإيراني والسوري وبعض التيارات الإسلاموية السياسية أنهم هم محور المقاومة في المنطقة.
هذه الخديعة الكبرى انطلت على كثير من التيارات السياسية في العالم العربي، ومنها بعض القوى اليسارية التي لا تشترك بمنظومة القيم الحياتية مع هذا الحزب والنظام الإيراني ذي التوجه الظلامي، واستمرت تلك الخديعة عند بعض الجماهير العربية لما للقضية الفلسطينية من حضور وجداني في الشارع العربي، وكلنا يتذكر كيف كان يصف أنصار ذلك المحور بعض الكتاب والمفكرين والأنظمة العربية عندما ينتقدون سياسية الحزب ويصمونها بأنها غير محسوبة، بل وصل الأمر حد التخوين والانبطاح لكل من يشكك في وطنية حزب الله وأنه خنجر في خاصرة الأمة العربية. ولسخرية القدر أن الأمين العام للحزب كرر أن الاعتداء أو محاولة تحجيم حزبه الإرهابي هي مغامرة غير محسوبة. فهل انقلب السحر على الساحر؟ أم أن مسلسل الخداع الذي تمارسه ما تدعي الممانعة انكشف بعد تورط الحزب وإيران في إطلاق الصواريخ البالستية من الأراضي اليمنية على المدن السعودية وآخرها الصاروخ الذي أطلق على العاصمة الرياض.
كررنا انكشاف ألاعيب حزب الله وموقفه المخزي وهو من يدعي نصرة المظلومين، من تورطه إلى جانب النظام السوري بإبادة وتشريد الشعب السوري بعدما قرر أن يبحث عن الحرية والخلاص من النظام المجرم. التبرير الذي يكرره الحزب ومن خلفه النظام الإيراني هو أنهم موجودون في سورية لمحاربة الإرهابيين والظلاميين، والجميع يعرف أن تنظيم داعش والقاعدة هما صناعة إيرانية كما فضحتهم وثائق ابن لادن أخيراً.
وللدلالة على أن الرأي العام العربي بكل مكوناته الدينية والمذهبية بدأ يفهم مسرحية «حزب الله» هو ما دلل عليه استطلاع رأي أجراه معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى حول مواقف الشعوب العربية من هذا التنظيم الإرهابي، ففي قطر مثلاً، التي تعيش الدول الخليجية أزمة مع نظامها، نجد أن أغلبية أبناء الشعب القطري (79 في المئة) يحمّلون إيران وحزب الله وبعض جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها تنظيم الأخوان المسلمين مسؤولية الأزمة مع بلادهم مع محيطها الخليجي، عكس ما تقوله السياسية الرسمية القطرية، وحصل وكلاء حزب الله اللبناني والحوثيون على تقييمات سلبية جداً من 90 في المئة من الشريحة البالغة في قطر، إذ يرون أن أهم قضية في الوضع الراهن هي إيجاد أقصى قدر من التعاون العربي ضد السياسات الإيرانية في العالم العربي.
لن أستغرب كثيراً إذا ما تلاشت شعبية حزب الله حتى في محيطه اللبناني بعد قضية التباكي على استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، فالكل يعرف قضايا الاغتيالات التي نفذها حزب الله في الداخل اللبناني ضد مفكرين وقيادات أمنية وسياسية على مر السنوات الماضية، فهذا الصراخ معروفة أسبابه لبقاء الوضع لما يخدم أهدافهم والنظام الإيراني، أما المسألة الوطنية الداخلية فهي آخر ما يفكرون فيه، وهذا سيكشف عورتهم أمام الرأي العام العربي قريباً.

 

 

عقل العقل