في السابع من كانون الأول 1941 نفّذت الإمبراطورية اليابانية هجوما غير مبرر على قاعدة بيل هاربر الأميركية، كان عملا عسكريا غادرا وكاسحا، أغرق القاعدة العسكرية الأميركية في بحر من الدماء، ودمر بالكامل أسطولها البحري وطائراتها في المحيط الهادي، وخلف غضبا لا مثيل له.
 

كانت غارة جوية مباغتة سددتها البحرية اليابانية على الأسطول البحري الأميركي في جزر هاواي بالمحيط الهادي، لقد غير الهجوم وجه التاريخ تماما، وتحولت معه الولايات المتحدة إلى دولة عظمى وانحسرت اليابان إلى دولة شبه محتلة.

إلا أن أبلغ عبارة قيلت في وصف ذلك الهجوم، هي ما قاله الأدميرال الياباني وقائد الهجوم “أيسوركو ياماموتو”: “أخشى أن كل ما فعلناه هو إيقاظ مارد عملاق ملأناه بعزم عظيم ورهيب”، لقد كان الأدميرال محقا، ففي غضون أيام فقط كانت الطائرات الأميركية تعبر المحيط باتجاه البر الياباني ملقية قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناجازاكي، مغيرة وجه العالم ومحطمة الإمبراطورية اليابانية للأبد.

لقد أصر الجنرال “ماكارثر” قائد الهجوم الأمريكي المضاد أن تستسلم اليابان قبل وقف الحرب النووية، بل وأن يعلن الإمبراطور الياباني بنفسه ذلك، يا لها من لحظات تاريخية، فطوال تاريخ الإمبراطورية اليابانية لم يكن الشعب يرى أو يسمع إمبراطوره الذي كان شخصية غامضة أقرب ما تكون إلى إله، وعبر الإذاعة الوطنية يتقدم إمبراطور اليابان لأمته معلنا الهزيمة، معتذرا عن جسامة الخطأ الذي ارتكب، وموقعا على وثيقة الاستسلام.

قبل أسابيع هبطت طائرات نقل مدنية إيرانية في بيروت محملة بصواريخ مفككة إلى أجزاء، نقلت عبر المطار المحتل والذي تتحكم فيه ميليشيا حزب الله إلى مناطق الضاحية الجنوبية، هناك تم تخزين الصواريخ، ثم حملت على سفن شحن صغيرة مع بضائع متنوعة باتجاه ميناء الحديدة اليمنية، وصلت السفن للميناء الذي بقي مفتوحا لدواع إنسانية إلا أنه استغل لتهريب الأسلحة، استطاع خبراء الحزب نقل الصواريخ المفككة ونقلها بمساعدة ميليشيا الحوثيين لمناطق نفوذهم.

بعد ذلك قام خبراء حزب الله بإعادة تجميع الصواريخ وتركيب منصات الإطلاق في مخابئ بصعدة، ومنها أطلق الصاروخ الباليستي الذي لم تكن تمتلكه الميليشيا قبل بدء عمليات عاصفة الحزم، وليس من ضمن السلاح اليمني الذي استولى عليه الحوثيون.

إن وصول الصاروخ الإيراني بتآمر وتخطيط وتنفيذ “حزب الله” هو بمثابة إعلان حرب كاملة قادها الحزب ضد الرياض، ولعل التاريخ سيعيد عما قريب نفس العبارة التي أطلقها الأدميرال الياباني، ولكن على لسان حسن نصر الله: “أخشى أن كل ما فعلناه هو إيقاظ مارد “سعودي” عملاق ملأناه بعزم عظيم ورهيب”، وهذا ما حدث بالفعل، فعلى مدى عقدين تقريبا، عمل الحزب “المارق”، كمقاول قذر لإيران نفذ أوسخ العمليات وأكثرها إجراما بحق السعودية وأهلها، وعلى الحزب أن يتحمل “اليوم” عواقب أفعاله وما اقترفته يداه، وعلى لبنان شعبا ودولة وهم الحاضنان له أن يعلنا براءتهما من مد يده باتجاه العاصمة الرياض.

وعلى الخائفين على لبنان أن يتساءلوا كيف تحولت ست الدنيا “بيروت” من باريس الشرق إلى قاعدة خلفية للإرهاب الإيراني وبؤس أيديولوجيا الملالي المنحرفة العابرة للعقول، بيروت الفنون والموسيقى، بيروت بمقاهيها ومسارحها بفيروز ومنصور وعاصي الرحباني، بنهر العاصي وصيدا وصور وطرابلس بالأعمدة والقلاع الرومانية، ببحرها وجبالها وضبابها وأرزها، أصبحت رهينة “المحبسين” نظام طهران وميليشيا حزب الضاحية.

لم تعد بيروت تلك المدينة الواعدة التي نعرفها ويعرفها العالم، لقد تحولت بفعل إرهاب نصر الله وزمرته إلى عاصمة للجواسيس والقتل والاغتيالات وبائعي الضمير، وتولى قيادتها زعران المواخير وحراس الملاهي الليلية.

اليوم وبدلا من أن يقف عقلاء بيروت ضد من اختطف حياتهم، يقفون ضد المملكة التي منحتهم الحياة عندما كانت الحرب الأهلية تدك بيوتهم وتقتل أبناءهم، استضافت ملايين اللبنانيين وأفسحت لهم في مجالس العمل وأغدقت على جيوبهم الأموال.

كان بإمكان الرياض أن تخرج الجالية اللبنانية من السعودية منذ مقتل الحريري، بل منذ العام 1996 عندما قام حزب الله بتهريب المتفجرات إلى السعودية من لبنان والقيام بعملية تفجير أبراج الخبر، بالطبع فجور الحزب لم يتوقف عند ذلك، بل استضاف الإرهابيين في قواعده بالبقاع ودربهم وأرسلهم مرة أخرى للعمل على تقويض الأمن في العوامية شرق السعودية، فهل حان الفراق بيننا وبينكم، هو اختياركم فتحملوه.