عكست أحدث تغييرات عسكرية قام بها المرشد الأعلى للنظام الإيراني في قيادات الجيش تنامي مخاوف طهران من زعزعة أركان حكمها في منطقة مضطربة، وسط مزاعم مكافحة الإرهاب داخليا تارة، وتغيير التكتيكات في الصراع الدائر في الشرق الأوسط تارة أخرى
 

دفع قلق طهران المستمر وسط منطقة متوترة، المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إلى إدخال تعديلات جديدة بشأن كبار قيادات الجيش، وذلك في أحدث حلقة من مسلسل التغيرات الذي بدأه منذ مطلع العام.

ويرى متابعون للشأن الإيراني أن النظام متخوف من حصول مفاجآت غير سارة على ضوء الاضطرابات التي تعيشها المنطقة، كما أن التعيينات تعطي انطباعا بأن خامنئي يمر بأوقات حساسة.

وأصدر خامنئي بشكل مفاجئ الأحد ثلاثة أوامر منفصلة جدیدة للجيش، وفق وكالة “إرنا” الإيرانية للأنباء، الأمر الذي أثار جدلا واسعا حول توقيت إجراء التعديلات.

ونصت القرارات على تعیین العمید محمد حسین دادرس نائبا للقائد العام للجیش، بعد إقالة أحمد رضا بوردستان من المنصب، كما أقال الأمیرال حبیب الله سیاري من سلاح البحرية، وتم نقله مساعدا للقائد العام للجیش لشؤون التنسیق، وتعيين المرشد الأعلى الإيراني الأمیرال حسین خانزادي قائدا البحرية التابع للجیش بدلا من سياري.

وجاءت التعيينات بعد يوم من لقاء الرئيس الإصلاحي حسن روحاني بقادة الجيش والذي دعا فيه المؤسسة العسكرية إلى الابتعاد عن التيارات السياسية، والتي تشهد صراعا شديدا بين المحافظين والإصلاحيين.

وقال روحاني مخاطبا قادة الجيش إن “أکبر ثروة للجیش الإيراني هي الإیمان والثقة وعدم الانتماء إلی التیارات السیاسیة”.

وربط المتابعون هذا التصريح باستياء روحاني من تدخل المؤسسة العسكرية سواء الجيش أو الحرس الثوري في السياسة، الأمر الذي عبر عنه في حملته الانتخابية خلال مايو الماضي.


حسن روحاني: أکبر ثروة للجیش الإيراني هي الإیمان وعدم الانتماء للتیارات السیاسیة
لكن محللين يرون أن التعيينات تدخل في إطار ما تحوم حوله التكهنات من أن خامنئي يعمل على إعداد المؤسسة العسكرية للظروف العاصفة المتوقعة، في ظل ما يعيشه الشرق الأوسط من توتر غير مسبوق.

وقالوا إن التطورات المتسارعة مع الولايات المتحدة تزيد من قناعة خامنئي بالاستعداد لما هو أسوأ خاصة مع انتهاء عصر سياسة واشنطن القائمة على التراضي مع طهران مع انتهاء ولاية الرئيس السابق باراك أوباما.

ونشبت مطلع الشهر الماضي، حرب كلامية بين الولايات المتحدة وإيران محورها الحرس الثوري الإيراني الذي تتمسك واشنطن بأنه لا يمكن التعامل معه، إلا بكونه كيانا إرهابيا مثله مثل حزب الله والقاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة الأخرى.

ويرى خبراء عسكريون أن عقوبات الولايات المتحدة على الحرس الثوري ربما تؤدي إلى التأثير على الصراعين في العراق وسوريا، حيث تدعم طهران وواشنطن أطرافا متناحرة تحارب تنظيم داعش المتطرف.

وتزرع طهران مدعومة بأذرعها المنتمية للحرس الثوري في عدة دول ولا سيما تلك الواقعة تحت الحرب مثل العراق وسوريا واليمن، العديد من الكيانات الإجرامية تتولى القيام بعمليات تستهدف تنفيذ مخططاتها الاستراتيجية.

وقام خامنئي في يناير الماضي، بتعيين الجنرال محمد حسين باقري قائدا للقوات المسلحة، خلفا للواء حسن فيروز عبادي، وعين العميد غلام حسين غيبابرافار قائدا للباسيج في الحرس الثوري وقد يكون هذا أهم التغييرات الكبيرة، بحسب المراقبين.

كما عين العميد عبدالرحيم موسوي نائبا لقائد القوات المسلحة واللواء علي عبدالله نائبا لمنسق القوات المسلحة، ليحل محل الجنرال حسين حسني سعدي.

وفي أعقاب الهجوم الذي شنه مسلحون ينتمون لداعش الصيف الماضي على البرلمان، عين خامنئي، حسين رحيمي قائدا للقوات الأمنية في طهران الكبرى خلفا لحسين ساجدي. وكان رحيمي الشخصية العسكرية الرابعة التي تم تعيينها بعد الهجوم.

ولطالما تمسك مرشد إيران بأن بلاده ستبقى صامدة أمام ضغوط إدارة الرئيس دونالد ترامب التي تحاول تقويض اتفاقها مع الدول الكبرى حول برنامجها النووي وسترد على أي خطوة تتخذها بشأنه.