استقالة الرئيس سعد الحريري وضعت مفهوم تحييد لبنان على المحك، لينتقل لبنان إلى قلب المواجهة
 

قال الرئيس سعد الحريري في سياق تفسير موقفه من التسوية الرئاسية قبل أكثر من عام، وما تضمنته من تسوية مع حزب الله، أنّ هذه التسوية تنطوي على ربط نزاع، في قضية السلاح غير الشرعي وفي موضوع تورط حزب الله في الحرب السورية. هذه التسوية التي تشبث بها الحريري تحت عنوان حماية الاستقرار، وفّرت لحزب الله الذي رسخ علاقته برئيس الجمهورية المزيد من تثبيت شروطه الاستراتيجية لإدارة شؤون البلد سواء في العلاقة مع النظام السوري في ترسيخ وجود السلاح، في التحكم بمفاصل الدولة الأمنية، في ممارسة دور الوصاية على الحياة السياسية. باختصار فرض حزب الله مفهوماً جديداً لتحييد لبنان، له كل الصلاحية في تجاوز الحدود ورسم موقع لبنان في المنطقة أمّا شركاؤه فلهم أن يفرحوا بالحصص التي ينالونها من إدارة الشؤون المحلية او البلدية.
ما حصل في السعودية أنّ الحريري قال بلسانه لكن بلكنة سعودية أنّ البلد مش ماشي والشغل مش ماشي، وربط النزاع انفك وثمّة قواعد اشتباك جديدة والمواجهة بدأت وعلى امتداد المنطقة مع المشروع الإيراني وأدواته.
مضمون خطاب الاستقالة الذي تفادى السيد حسن نصرالله الرد عليه لن يغير من واقع الحال شيئاً، فتحييد لبنان الذي كان مطلب الحريري وحلفائه في وقت سابق، ورفضه حزب الله على قاعدة أنّ الصراع مع اسرائيل لا يحتمل فكرة حياد لبنان، يبدو أنّنا اليوم أمام معادلة جديدة حزب الله ضد زج لبنان في صراعات المنطقة ولكن بشروطه، فيما الحريري ومن خلفه السعودية يرى عكس ذلك، أي ان لبنان في قلب المواجهة الاقليمية.
الجدل حول الاستقالة ذهب نحو البعد اللبناني وعبر البحث عن أسباب لبنانية مستجدة فرضتها… أيّاَ كان كاتب نص استقالة الحريري أكان هو أو سعودي كما اوحى نصرالله في خطابه أمس، فالمهم أنّ المرحلة المقبلة تتجاوز كل هذا الجدل لتنتقل بلبنان من لبنان قاعدة أمنة لحزب الله إلى لبنان هدف دولي واقليمي، المرحلة المقبلة تنذر بمواجهات خطيرة فالأزمة ليست بعيدة عن الحدود إنّها هذه المرة في قلب لبنان.