إرحمونا وارحموا هذا الشعب وهذا البلد الحبيب
 

من كربةٍ إلى كربةٍ تحلُّ بنا وبهذا البلد، وما زلنا ننتظر نصراً بعد فاقةٍ وهجرةٍ وتهجير، لا ندري بأي أرضٍ نموت، وفي أي قطرٍ نزحف إليه، كربات ما كفاكم وكفاها أنها تحبس أنفاسنا وأقلامنا عن أي حركة حالت بيننا وبين مصيرنا المجهول، نعيش في صخبٍ وضوضاءٍ وضجيج، وأصوات تملأ الفضاء بالنصر والإنتصار، وكظة الأرض والسماء والبحار والأنهار حتى الغلاف الجوي، أوصلتمونا إلى مسلكٍ أضل مسالكها، ووضعتمونا بين ماضغي الأسد الإيراني والظبي السعودي فذاك الأسد يهيمن على مصيرنا حتى بتنا لا نعرف ما يُراد لنا، وهذا الظبي لا نجد من يرد إليه رشده، وما بينهما لا نرى من يمد إلينا يده الخيِّرة ليأخذ بنا من هذا الظلام الحالك والليل الداهم والمدلهم.

إقرأ أيضا : مخاطر إستقالة الحريري اليوم ... مخاطر خطاب السيد نصرالله اليوم
فيا فخامة الرئيس ودولته، ويا حضرة الأمين المؤتمن، ويا حضرة الزعيم والبيك، أيُّ خيرٍ تطلبون لهذا البلد وشعبه بعد أن فرقتموه شِيَعاً وفِرَقاً وأحزاباً، وصنفتموه بين وطنيٍ شريف وبين عميلٍ مستأجر، وبعد أن صيرتموه ذاك شيعي وهذا سني وما بينهما من تسميات، لقد قطعتم أوصاله وألقيتم العداوة والبغضاء بين أبنائه، حتى وصلت بين الجار وجاره وبين جميع مكوناته، ووصل الأمر بهذا الشعب الشريف الذي يعاني ما يعانيه، من أنَّ كل فردٍ من أفراده  ركب رأسه ومشى لسبيله، فتناكرت الوجوه واستوحشت النفوس،وأصبح هذا البلد كأنه ساحة حربٍ مفتوحةٍ على جهاته الأربع، لا نرى فيها إلاَّ طبول الحرب تقرع، وناباً يقرع ناباً، وصدوراً مليئة وتغلي حقداً، ونرى قلوباً تختنق خوفاً ورعباً.
نحن نتفهم غرضكم هو أنكم تزعمون أنكم تطلبون الخير لهذا الشعب الصامد وتتمنون له السعادة والهناء، ولكن هيهات هيهات، لقد أضعتم له فرصة الإتحاد والحب، في الوقت الذي تريدون لهذا البلد وشعبه الخير وتفرضوه عليه، في حينه لا يريد هذا الشعب الخير الذي تريدونه.
 إرحمونا وارحموا هذا الشعب وهذا البلد الحبيب، ولنكن صادقين ببناء جسور المحبة والإتحاد والإئتلاف، وأن نتبايع جميعاً بين يدي الله والوطن على الصفاء والإخلاص، سدد الله الخطى وأنار بنا الطرق والسبل وأفاض علينا وعليكم بشبائب الرحمة والإحسان، وفرَّج همنا وغمنا من أجل أن نعيش بسلام، والسلام.