لا شك أن زلزال الإستقالة هو نذير شؤم على ما ينتظر البلاد من تصعيد قد تصل بنهاية الأمر إلى المواجهة العسكرية
 

أن يستقيل رئيس حكومة في بلد ديمقراطي فيه تداول للسلطة هو حدث من المفروض أن يكون طبيعي وعادي أو بأكثر الأحوال يكون مؤشر على أزمة سياسية تمر بها البلاد، ويمكن تخطيها بسهولة من خلال إتباع الخطوات الدستورية المنصوص عليها في مثل هذه الحالات .
أما إستقالة الرئيس سعد الحريري في هذه اللحظة تحديدا، وبما تضمنه خطاب الإستقالة والمكان الذي منه صدرت تجعل من مقاربتها على أنها حدث سياسي محلي هو ضرب من الجنون. 
فالحريري ومن المملكة العربية السعودية تحديدا برر إستقالته ليس بأسباب داخلية أو عُقد سياسية محلية، فلم يستقل إعتراضا منه على التعيينات القضائية الأخيرة، ولا بسبب صفقة بواخر الكهرباء المشبوهة أو على خلفية فرض حكومته لسياسة ضرائبية تطال فقراء اللبنانيين كل هذا وغيره من  أسباب موجبة كانت لتشكل سبب محترم للإستقالة لو أن السياسيين عندنا يولون شؤون المواطنين الحد الأدنى من الإهتمام .
فعلى عكس كل ذلك فقد جاء ببيان الإستقالة أن السبب الأول والأخير هو التدخل الإيراني والهيمنة الإيرانية على مفاصل اللعبة السياسية بلبنان الذي فجأة أدركه الشيخ سعد وهو القادم إلى رئاسة الحكومة عبر تسوية أعطت حزب الله كل ما يريده وسلم له تسليما .

إقرأ أيضا : كتلة المستقبل: نؤكد التأييد والدعم الكاملين للحريري ومواقفه
وإذا أضفنا إلى ما تقدم اللغة المرتفعة التي جاءت بنص الإستقالة من وضع حد للهيمنة الإيرانية في المنطقة ومن القول لأول مرة بقطع يد الشر ويقصد إيران ( أينما ذهبت تزرع الشر )، والتوجه إلى حزب الله بالمباشر عبر سرد تدخلاته في العالم العربي من البحرين واليمن مرورا بسوريا والعراق ندرك سريعا بأن هذه الإستقالة هي أولا وأخيرا تصب في سياق المواجهة الإيرانية السعودية ونفهم على ضوئها رفع السقوف التي جاءت مرارا في تغريدات السبهان وما هذه الخطوة إلا مقدمة لما ستؤول إليه الأمور .
لا شك أن زلزال الإستقالة هو نذير شؤم على ما ينتظر البلاد من تصعيد قد تصل بنهاية الأمر إلى المواجهة العسكرية بين حلفاء السعودية من جهة وبين حلفاء إيران ويكون لبنان إحدى هذه الساحات المضافة إلى الساحات الأخرى .
أعتقد بأن الكرة الآن هي في ملعب حزب الله، وبيد السيد حسن خصوصا،وهو الذي يقرر طبيعة المرحلة القادمة وهل سوف يذهب إلى حد المواجهة عبر الإصرار على التعاطي الإستقوائي والتصرف بلبنان على أنه ساحة خلفية لإستراحة محاربيه المنتشرين في كل أصقاع العالم العربي أو أن يقرر أن لبنان  بلد عربي مستقل فيه دولة ومؤسسات يجب أن تحترم ولو  أدى ذلك إلى تنازلات ضخمة لا بد منها ؟! وحدها الأيام  القادمة هي التي ستجيب على هذا السؤال الكبير ولو كنت أنا أشك بذلك.