لماذا اللجوء إلى خيارات ووسائل تثير الريبة والشكوك في أنفس المواطنين وتفقدهم ما تبقى من أمل بأي إصلاح حقيقي في هذا البلد ؟
 

أصبحنا في العام 2017 ولا تزال الكهرباء في لبنان تشكل أزمة يومية للمواطن اللبناني وخزينة الدولة وتشكل أحد أهم أعمدة الهدر والفساد والصفقات المشبوهة منذ بدء مرحلة إعادة الإعمار في لبنان بعد الحرب الأهلية.
توالى على وزارة الطاقة العديد من الوزراء من مختلف التوجهات السياسية ولم يستطع أي من هؤلاء الوزراء تقديم خطة مدروسة وناجحة ومتكاملة لإيجاد حل جذري ونهائي لهذه الأزمة العصية وبقي اللبنانيون يعانون نقصا في التغذية الكهربائية وتكلفة إضافية لإضطرارهم لدفع فاتورتين واحدة للدولة والثانية لأصحاب مولدات الإشتراكات.
وعندما تسلم التيار الوطني الحر عبر الوزير جبران باسيل الوزارة وعد بتأمين الكهرباء 24/24 أكثر من مرة وقدم خطة لذلك على أساس إستئجار بواخر فكانت الباخرة الشهيرة " فاطمة غول " التي لم تقدم الحل الموعود.
يتهم خصوم التيار باسيل بأنه عقد صفقات تجارية مستغلا وزارة الطاقة التي حولها إلى ملكية خاصة له ولمستشاريه ويرد باسيل على هؤلاء بالتحدي أن يبرزوا دليلا على كلامهم ويحملهم مسؤولية التأخير وعرقلة تنفيذ خطته الذي يعمل عليها وطورها الوزير الحالي للطاقة سيزار أبي خليل.
وبين الإتهامات والرد عليها تبقى مشكلة الكهرباء أزمة حقيقية وفضيحة للدولة اللبنانية حيث  تشكل عبء على الخزينة وتستهلك نسبة كبيرة من حصة الموازنة من دون أي إنتاجية تذكر بالمقابل.

إقرأ أيضا : البواخر.. مشروع اشتباك

 

 

مناقصة البواخر 

وبعد الجدل الذي أثير لأكثر من مرة داخل أروقة الحكومة اللبنانية حول ضرورة أن يكون لإدارة المناقصات دورا في حسم موضوع البواخر وإستجابة الجميع للأمر في النهاية ، فضت بالأمس هذه الإدارة 3 عروض تقدمت بها شركات من أجل مناقصة الكهرباء حيث لم تستطع هذه الشركات حتى تأمين الجزء الأول من دفتر الشروط.
إستطاعت الشركة التركية الرابعة  " كارادينيز " أن تستوفي كافة الشروط الموجودة في الدفتر ما أثار الشبهات من جديد حول أن تكون هذه الشروط تعجيزية وعلى مقاس الشركة التركية الرابعة والذي يفرغ بالتالي المناقصة من محتواها وتتحول إلى مجرد مسرحية وضحك على اللحى.
ومن الشبهات التي أثارها مدير عام إدارة المناقصات في التفتيش المركزي جان العلية لجريدة " الجمهورية " هو مسألة الوقت المعطى للشركات لتحسين شروطها حيث يعتبر العلية أن المهل القصيرة تقتل المنافسة وهو ما لم تتوفر لهذه الشركات حيث أعطيت فقط مهلة 3 أسابيع ولم يسمح لها منذ البداية بمهل طويلة لتأمين الشروط ولكي تكون المنافسة شريفة ومهنية.
ومع أن العرض الرابع والرابح إلى الآن للشركة التركية " كارادينيز " لم يفتح بعد فإن جان العلية إعتبر أن المهلة التي إقترحتها إدارة المناقصات وهي مهلة الشهر والنصف قد إستهلكت من دون أي نتيجة والكرة الآن أصبحت في ملعب الحكومة اللبنانية لكي تتخذ القرار المناسب.

إقرأ أيضا : الكتائب : الحزب يعارض مبدأ استئجار البواخر
لكن المثير للريبة أكثر هو إصرار وزير الطاقة على تلزيم بواخر لتأمين الطاقة الكهربائية بمبالغ ضخمة ستكون أنفع على الخزينة لو إستثمرت بمشاريع بديلة لتأمين الطاقة الكهربائية كإنشاء معامل على البر وهناك عقارات جاهزة ومناسبة لذلك كما قال الرئيس نبيه بري في إحدى تصريحاته وكما دعا النائب سامي الجميل في أكثر من مناسبة إلى الإستثمار في الطاقة الكهربائية بطريقة مستدامة لا مؤقتة.
 خصوصا أن المبالغ المخصصة لإستجرار الطاقة الكهربائية بواسطة البواخر أو حتى من سوريا يمكن إستثمارها في إنشاء هذه المعامل والتكلفة تكون لمرة واحدة فقط وبعدها تتحول هذه المعامل إلى مصادر تمويل وإنتاج للخزينة.
أضف أن هناك بدائل نظيفة لتأمين الكهرباء كالطاقة الشمسية حيث يستطيع لبنان الإستفادة من الشمس لحوالي ال 10 أشهر في السنة الواحدة وهي مدة كافية لإنتاج الكهرباء ، كذلك طاقة الرياح والمياه عبر بناء السدود والمحطات المتخصصة في تحويل هذه الطاقات الطبيعية والنظيفة إلى كهرباء 24/24 وعلى مدار العام.
فلماذا لا تعمد وزارة الطاقة إلى تبني هذه الحلول المستدامة التي تنفع العباد والبلاد ؟ ولماذا اللجوء إلى خيارات أخرى تثير الريبة والشكوك في أنفس المواطنين وتفقدهم  ما تبقى من أمل بأي إصلاح حقيقي في هذا البلد ؟