يسعى رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل جاهداً كي يكون وريث الشمعونية لا العونية
 

كان كميل شمعون واحداً من قلّة أسهمت في تطوير لبنان وتوريطه في آن معاً نتيجة ذهنية سياسية شبيهة بالإيديولوجية الحزبية التي تبني من جهة وتهدم ما بنته وما هو موجود من جهة أخرى ولكن في كلا الحاليين لعب الرئيس كميل شمعون في السلطة وخارجها دوراً ريادياً جعل منه " ثعلباً " سياسياً في التجربة اللبنانية ونموذجاً يتطلع المسيحيون ويقتدون به باستمرار .
من عام 1958 وحتى عام 1975وما بعد الحرب الأهلية اللبنانية وسمت المرحلة السياسية بالمرحلة الشمعونية لدور رئيس يملك فائضاً من الوعي السياسي مكّنه من أن يكون تيّاراً لا فرداً وقد حشد داخل التيّار جماعات من الطوائف اللبنانية لتصبح الشمعونية صفة لبنانية لا طائفية رغم نشأة التيّار على حق الموارنة الحصري في السلطة والذي لا يتسع لحق المشاركة السياسية من قبل طوائف استلحقوا بالقيادة المارونية .

إقرأ أيضا : المحاصصة مستمرة بعد عام واحد على حكم الرئيس ميشال عون
طبعاً لا نبحث في هذا الموضوع ونحن في عجالة مقالة ولكن نؤشر على رابط زمني بين تجربتين لتياريين مارونيين أحدهما قضى نحبه بعد أن أدّى قسطاً كبيراً من الدور الماروني في حين أن التيّار الوطني الحر مازال صاعداً مارونياً ويسعى إلى إحتكار المشهد السياسي لطائفة تنشّأت على التعددية وتمزّقت بفعل النزعة المستبدة لدى أفراد حاولوا حصر النفوذ الماروني داخل عصبية الزعيم وكانت القوّات طليعة من سعت إلى حصر المسؤولية بيد القائد التاريخي ويلعب التيّار الوطني الحرّ نفس الدور رغم عدم توفر القائد التاريخي الذي توفرّ للقوّات في بشير الجميل .
أنهى بشير  الجميل دور الجبهة اللبنانية برموزها وأبعد الأحرار وهمّش حزب الكتائب و أحجار سياسية صغيرة الحجم في التمثيل السياسي المسيحي عموماً والماروني خصوصاً وبعد إغتيال الجميل صحت هذه الأحزاب من سكرة الموت وعادت لتتنفس الصعداء ولكن بنسبة محدودة وبقيت القوّات وحدها المسيطرة على المشهد السياسي إلى أن خسرت مشروعها في السلطة بعد مجيء الرئيس أمين الجميل وبعد صعود نجم الجنرال ميشال عون أثناء معارك الجيش المفتوحة ضدّ الغرباء من جهة وضدّ الأعداء من جهة ثانية وكانت الحرب على القوّات شبيهة بالحرب التي شنتها القوّات بقيادة الرمز التاريخي بشير الجميل ضدّ حزب الوطنيين الأحرار وغيرهم ولكن لم يستطع الجنرال حسم المعركة فبقيت القوّات واستمر الجنرال في خصومة مستمرة معها وبوتيرة أعلى مع التيّار العوني الذي أعاد العمل بعقل كميل شمعون  من خلال لبننة التيّار لصالح الطائفة .

إقرأ أيضا : جمال عبد الناصر ... أنور السادات ... جبران باسيل
وصل الجنرال إلى الرئاسة كما وصل من قبل كميل شمعون في حين أن القوّات لم تصل من خلال بشير بفعل الإغتيال ومن خلال الحكيم بفعل فيتو خارجي وداخلي وهذا ما دفع بقائد القوّات إلى إعادة النظر في العلاقة الخصمية مع العونيين رهاناً منه على المستقبل طالما أن الحاضر لم ينصفه نتيجة تاريخ قيّده بسلاسل من حديد .
في محاولة منه لبلوغ المشهد السياسي الداخلي للطائفة المارونية يسعى رئيس التيّار الحرّ جاهداً كي يكون وريث الشمعونية لا العونية رغم أن الثانية إمتداد للأولى ولكن صغر وزنه لا يساعده كثيراً على أن يرث عملاقاً وازناً في التجربة السياسية اللبنانية فكميل شمعون مدرسة سياسية في حين أن الآخرين مجرد طلاب في المدارس وهنا تكمن الهوّة في التمثيل السياسي المسيحي فالمسيحيون والموارنة شهدوا حضوراً بحجم كميل شمعون وأحجام أخرى أقلّ مما كان عليه التمثيل الأوّل للحضور المسيحي في لبنان سواء في السلطة أو في المعارضة .