ليس من الجيد أن يوصف العام الأول للرئيس بأنه عام إنجازات بل هو عام المحاصصة بإمتياز
 

تحل الذكرى الأولى لإنتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتعود معها التساؤلات حول الإنجازات التي حققها الرجل في عامه الأول.
وإن كان العام الواحد غير كافي لشخص سياسي أن يغير في طبيعة النظام اللبناني إلا أن هذا الشيء ليس مبررا له لكي لا يقدم هو ومن ناحيته على فعل التغيير.
فبدل أن يأتي تيار الرئيس بباقي القوى السياسية إلى ملعبه ويضع لهم قواعد اللعبة ذهب هو إلى ملعبهم وشاركهم لعبتهم المحببة على قلوبهم وهي المحاصصة.
من ملف قانون الإنتخابات والتشكيلات القضائية والتشكيلات الدبلوماسية إلى خطة الكهرباء والإتصالات وقوانين التنقيب عن النفط والموازنة وسلسلة الرتب والرواتب وغيرها من ملفات تجد أنها أنجزت لكن بطريقة مشبوهة ومنقوصة.
فكل هذه الملفات تم الإتفاق عليها على أساس المحاصصة وما ينتج لاحقا عنها من فساد وهدر في الميزانيات القادمة وتكريس واقع ما قبل وصول عون على أنه عرف يستمر مهما تغيرت الشخصيات التي تسكن قصر بعبدا.
وحقيقة الأمر أن القضية لا تبدأ من لحظة وصول عون إلى قصر بعبدا بل هي نتاج تصرفات متراكمة للتيار الوطني الحر خصوصا بعد إتفاق الدوحة الشهير عام 2008.

إقرأ أيضا : بالصورة: ميشال عون رئيسا

 

 

فلسفة التيار تغيرت :

بعد توقيع إتفاق الدوحة ، دخل العماد ميشال عون مع تياره نادي الطبقة السياسية من بوابة الحكومة اللبنانية وبدأ يتصرف وزراؤه في الوزارات التي إستلموها بطريقة شبيهة بأسلافهم فلم يقدموا على خطوات تغييرية جوهرية بل إكتفوا ببعض " الروتوش " وإستغلوا الفرصة لتوظيف المقربين منه.
لم تظهر نية جدية في عمل التيار توحي بأنه مصمم على إجراء الإصلاح الحقيقي بل إستغل فقط هذا الشعار لمآرب سياسية كما حصل عند تأليف كتاب :"  الإبراء المستحيل " الذي هاجم فيه السياسة المالية للحريرية السياسية ليتراجع فيما بعد عنه عند إعلان الرئيس سعد الحريري تبنيه ترشيح الجنرال عون رئيسا للجمهورية.
كان هذا التحول لحظة تاريخية بحياة التيار الوطني الحر ، حينها فقط تم الإعلان رسميا عن إستبدال فلسفة الإصلاح والتغيير بفلسفة المحاصصة والمشاركة بالحكم.
وعند معالجة هذه الإشكالية في أداء التيار وتحوله من معارضة تطالب بالإصلاح إلى شريك في السلطة وعدتها، نرى آراء متنوعة عن الأسباب.

إقرأ أيضا : في عهد الإصلاح والتغيير تعيين محامين للدولة كلهم من التيار الوطني الحر!!
فثمة من يرى أن النظام الطائفي في لبنان أقوى من الأشخاص وأقوى من قدرة ميشال عون على التغيير والإصلاح وهو بحاجة إلى ثورة حقيقية والثورات في لبنان لا تنجح ما جعل عون بإعتقاد هؤلاء يستسلم للأمر الواقع ويطالب بالحصة المسيحية فقط وإسترجاع حقوقها المنهوبة منذ إتفاق الطائف.
وهناك من يرى أنه من الظلم والإجحاف أن يحكم المرء على مسيرة الرئيس منذ العام الأول فقط ولا بد من إعطائه الوقت الكافي والمتبقي من ولايته.
أما آخرون فيرفضون هذه المعالجة ويرون أن تيار الرئيس هو من بدأ الترويج لإنجازات العام الأول وهو من إفترى على نفسه ما سيفتح الباب على الإعلام للبدء بالنقاش حول ما يسمى إنجازات ويضيف هؤلاء أنه مقارنة مع باقي العهود الرئاسية فإن إنطلاقة هذا العهد على مستوى مؤشر التنمية والنمو الإقتصادي هو الأقل.

إقرأ أيضا : الإصلاح والتغيير ... بالمقلوب
وبطبيعة الحال ما تحقق حتى الآن هو إغلاق ملفات أو تسويتها لأنها كانت عالقة لسنين بسبب الإشتباك السياسي في البلد لكن طريقة إغلاقها تثير الريبة والقلق ولا تبشر بالخير.
وإذا ما إستمر الأداء على حاله وبقيت التبريرات فإن الإصلاح والتغيير سيبقى حلما بعيد المنال لكن يبقى الرهان مستمرا على قدرة الرئيس عون على القيام بهذا الأمر وقلب الطاولة على رؤوس الجميع، ورهاننا على ذلك ينطلق بأنه إستخدم صلاحيات دستورية جريئة هي الوحيدة التي يمكن وصفها بإنجازات.
وعليه ، سيكون السؤال على الشكل التالي : من إستخدم صلاحياته الدستورية لوقف عمل المجلس النيابي لمدة شهر ضاربا بعرض الحائط كل التهويلات التي حصلت ، لماذا لا يستخدمها لمكافحة الفساد ؟
الجواب تحمله الأيام المقبلة وإلى ذلك الوقت الموعود ليس من الجيد أن يوصف  العام الأول للرئيس بأنه عام إنجازات بل هو عام المحاصصة بإمتياز.