سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من برج البراجنة إلى المجلس النيابي !
 

دخيلة على ثقافتنا اللبنانية عموما والشيعية خصوصا، هذه اللغة التي نسمعها منذ فترة والتي تتمحور حول تعظيم وتقديس وإجلال صباط السيد، الذي ترخص عنده الأرواح والأنفس، ويفدى بالأموال والأولاد .
لم نسمع قبلا عن هذا التأليه والتعظيم لقيادات لبنانية حتى في زمن البكوات والإقطاع المتهمة بالعجرفة والتكبر، بل حتى أتباعهم يومذاك لم يكونوا بهذه الدونية والنذالة بأن يفتخر أحدهم بالهبوط على صباط بيك أو زعيم لتقبيله والتبرك منه حتى ولو كان من أراذل القوم لا من نوابها فضلا عن مثقفيها، ومن كان يتباهى من هؤلاء الأراذل بأنه صافح البيك أو جلس بقربه مثلا كان محط إزدراء ومسخرة حتى من رفاقه ومحيطه .
أن يقف نائب بقامته وبكامل وعيه العقلي على منبر في مناسبة عامة ويقول ما قاله علي عمار من سفاهة وانحطاط بحيث يعتبر أن من أعظم لحظات حياته هي لحظة هبوطه على صباط السيد لتقبيله، لهو أمر يستحق التوقف مليا لدراسة هذه الظاهرة المقيتة والمتخلفة والتي لا يمكن أن يستسيغها كل ذو عقل سليم .

إقرا أيضا: زينبية تقف على تلة رزقها المسبي وتصرخ واعباساه

وبمراجعة سريعة على منبع هذه الثقافة الدخيلة ندرك أنها  مصدّرة إلينا من بلاد فارس، فالفرس إشتهروا بتعظيم حكامهم إلى حد جعلهم آلهة، حتى أن الإسلام لم يستطع أن يقضي على الكثير من تلك العادات الموروثة وشهدنا على مر التاريخ محاولات تلاؤم بين ما هو عادات فارسية قديمة والإضفاء عليها صبغة إسلامية أو شيعية على وجه الخصوص .
حتى أن الأئمة عليهم السلام اكتسبوا عظمتهم بنظر الفرس  ليس كونهم من أهل البيت ونحن مأمورون  باتباعهم والمودة لهم  فكان لا بد من إدخال العرق الفارسي إلى دمائهم عبر أسطورة تزويج الإمام الحسين ووالدة باقي الأئمة من إبنة كسرى، ليستحقوا بعد ذلك الإحترام بنظرهم .
وهكذا كان ينظر الشاه  إلى نفسه كونه ينتمي إلى سلالة الآلهة، ويتصرف مع الرعية على هذا الأساس، وحتى بعد سقوطه لم تختلف نظرة الإيرانيين  إلى حاكمهم الجديد وأحاطوه بالكثير من القداسة فجعلوه بمثابة النبي وأنه مسدد إلهيا وأنه تكملة طبيعية لسلسلة الأنبياء وأهل البيت .

إقرا أيضا: الشرتوني - الشعب - الشعبوية

هذه الثقافة المستوردة يراد إسقاطها في لبنان، عبر تحويل السيد حسن نصرالله إلى إله لا يناقش ولا يرد عليه ( فالراد عليه كالراد على الله )، وتنتشر صوره في كل الطرقات والأزقة والبيوت وعلى الكتب والملابس ( خلافا لقرار تنظيمي أصدره الشهيد عباس الموسوي يمنع طباعة الصور الشخصية ورفعها )، لدرجة لو وفّرت هذه الأموال التي تصرف على الصور ووزعت على فقراء الضاحية لحلت أزمة الفقر فيها،  فقوله هو القول الفصل ووعده الوعد الصادق ونصره نصر إلهي يهز الدني و و و .... 
فبعد كل ما تقدم لا يعد مستغربا ما قاله النائب علي عمار المتربي على الثقافة الإيرانية والمتخرج من مدرسة الحرس ، وصار من المفهوم هذا الإنحراف في الرؤية إلى حد الشرك بالله،  بحيث يتحول المجلس النيابي إلى ملكوت، ويتحول صباط السيد إلى براق،  من ركبه دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى . فسبحان الذي أسرى بعبده ليلا من برج البراجنة إلى المجلس النيابي .