مصادر سياسية تقول إن الزعيم الكردي المخضرم خطط للاستقالة حال نجحت خطته في إجراء الاستفتاء، ولم يتوقع فشلها
 

 قالت مصادر سياسية رفيعة تتابع الكواليس السياسية بين بغداد وأربيل إن “رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، أصبح يفكر في الاستقالة بجدية وأنه قد يعلن عن ذلك في اجتماع برلمان الإقليم الخميس″.

وذكرت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن البارزاني تلقى إشارات واضحة من السياسيين الشيعة في العاصمة العراقية، بشأن ضرورة الاستقالة من منصبه قبل بدء أي مفاوضات حقيقية تقود إلى تسوية الأزمات بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم.

وأضافت أن “البارزاني يتعرض لضغط من داخل عائلته لحثه على الاستجابة”، مشيرة إلى أن “الزعيم الكردي المخضرم خطط للاستقالة في حال نجحت خطته في إجراء الاستفتاء، ولم يتوقع أن تتجه الأمور إلى هذا المستوى من التداعي”.

وتقول المصادر إن “استقالة البارزاني تجسد هزيمة سياسية مدوية في مواجهة رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، الذي يكسب يوميا المزيد من الثقة داخليا وخارجيا”.

وتتداول وسائل إعلام كردية في أربيل، نقلا عن ساسة في الإقليم، تسريبات تتعلق بـ”قرب الإعلان عن استقالة البارزاني من منصب رئيس إقليم كردستان”.

وتقول المصادر إن “البارزاني قد يستغل التئام برلمان إقليم كردستان في جلسة طارئة، اليوم الخميس، لإعلان استقالته أمامه. وتنقل المصادر عن شخصيات سياسية كردية توقعات بأن يعلن برلمان كردستان “تجميد منصب رئيس الإقليم”، بعد استقالة البارزاني منه على أن تنقل صلاحيات المنصب إلى حكومة الإقليم وبرلمانه.

وإذا كانت أربيل التي تخضع لنفوذ عائلة البارزاني، منشغلة بالتسريبات المتعلقة بمصير منصب رئيس الإقليم، فإن السليمانية المجاورة التي تخضع لنفوذ عائلة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، بدأت جني ثمار الصفقة التي أبرمتها مع بغداد وطهران لتسهيل إعادة انتشار القطعات العسكرية العراقية في مناطق محاذية للإقليم.

وأعلنت طهران رسميا، الأربعاء، إعادة فتح معبر حدودي مع السليمانية بعد إغلاقه عدة أيام، استجابة لبغداد في إطار إجراءات عقابية ضد استفتاء كردستان.

وقالت قنصلية طهران في كردستان العراق، إن السلطات الإيرانية فتحت معبر “باشماغ” مع العراق بناء على طلب تقدمت به السليمانية.

وتؤكد المصادر أن السليمانية لديها ضوء أخضر من بغداد بإعادة فتح مطارها أمام الرحلات الدولية، لكن خلافات حزبية تؤخر الاستجابة.

وتخلى إقليم كردستان في العراق، رسميا، عن استفتاء الاستقلال الذي أجراه في الخامس والعشرين من الشهر الماضي واختار تجميد نتائجه، والطلب من الحكومة المركزية بدء حوار “على أساس الدستور”.

وجاء إعلان الإقليم في وقت تواصل بغداد تحركاتها العسكرية في محيط المنطقة الكردية، مقلصة مساحتها إلى حدود غير مسبوقة منذ العام 1991، عندما رسم التحالف الدولي الذي انبثق إثر الغزو العراقي للكويت خطا وهميا أزرق للكرد، وطلب من الجيش العراقي في زمن الرئيس الأسبق صدام حسين عدم تجاوزه.

وصيف العام 2014 تحول الخط الوهمي إلى اللون الأخضر، بعدما ملأت قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان الفراغ الذي خلفته القوات العراقية المنسحبة من المناطق المجاورة، إثر اجتياح تنظيم داعش مدينة الموصل ومناطق أخرى.

ومنذ السادس عشر من الشهر الجاري بدأت بغداد سلسلة من الإجراءات العسكرية للرد على الاستفتاء الكردي، تلت حزمة من العقوبات الاقتصادية التي طالت مطارات إقليم كردستان وتعاملاته المالية.

ووفقا للإعلان الرسمي الذي سبق إطلاق الإجراءات العسكرية منتصف الشهر الجاري، فإن القوات العراقية تنوي إعادة الانتشار في المناطق التي غادرتها صيف 2014. وتشمل هذه المناطق أجزاء واسعة من محافظات نينوى وديالى وكركوك وصلاح الدين. ولكن تطورات العملية العسكرية أكدت أن القوات العراقية فرضت سيطرتها، خلال الأيام القليلة الماضية، على جميع مناطق الخط الأخضر تقريبا، وربما تهدد مناطق واسعة داخل الخط الأزرق مستغلة التداعي المفاجئ في صفوف القوات الكردية.

وأجبرت هذه التطورات حكومة إقليم كردستان على إطلاق مبادرة للحوار مع بغداد، معلنة استعداداها لتجميد نتائج الاستفتاء.

وطلبت الحكومة الكردية من بغداد، في بيان فجر الأربعاء، “وقف إطلاق النار بشكل فوري وإيقاف جميع العمليات العسكرية”، مؤكدة استعدادها لتجميد نتائج الاستفتاء.

وعللت حكومة كردستان مبادرتها، بـ”الوضع الخطير الذي يتعرض له كل من كردستان والعراق”، مشيرة إلى أن هذا الوضع المتوتر “يفرض على الجميع أن يكونوا في مستوى المسؤولية التاريخية”.

وقال البيان إن “الهجمات والصدامات بين القوات العراقية والبيشمركة منذ منتصف الشهر الجاري أدت إلى وقوع خسائر من الطرفين وقد تؤدي إلى حرب استنزاف وتدمير للنسيج الاجتماعي العراقي”، واقترح البيان على بغداد “البدء بحوار مفتوح على أساس الدستور”.

وسرعان ما ردت أطراف سياسية تنتمي إلى التحالف الشيعي الحاكم في بغداد على المبادرة الكردية بالرفض.

وقال النائب عباس البياتي، وهو قيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، إن مبادرة رئيس حكومة إقليم كردستان، نيجرفان البارزاني، هي “لعبة ماكرة لتبييض وجه عمه”، في إشارة إلى زعيم الحزب الديمقراطي مسعود البارزاني.

ورد المتحدث باسم الحشد الشعبي، النائب أحمد الأسدي، بالقول إن المبادرة الكردية “لا قيمة لها” مؤكدا أن الحكومة المركزية تريد “إلغاء” نتائج هذا التصويت.