رأى الكاتب في صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية ديفيد غاردنر أنّ السياسة المعيبة التي يتنهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الشرق الأوسط تعرّي ضعف الولايات المتحدة، معتبراً أنّ طهران تفوّقت على أعدائها، لأنّها وضعت خطة لسوريا والعراق لمرحلة ما بعد داعش، على عكس واشنطن
 

ورأى غاردنر أنّ سياسية ترامب تتألف من هدفيْن، يتمثّل الأول بالقضاء على "داعش"، أمّا الثاني فبإلحاق أكبر ضرر بإيران، مؤكداً أنّ الأخيرة ستكون المستفيد الرئيس من انهيار أراضي الخلافة، وذلك بفضل "وكلائها" في بغداد ودمشق وبيروت.

في هذا السياق، تطرّق غاردنر إلى تحرير الرقة على يد "قوات سوريا الديمقراطية"، لافتاً إلى أنّ الولايات المتحدة وفرت غطاء جوياً لها وتتيح لها التقدم باتجاه وادي الفرات للسيطرة على ما تبقى من الأراضي التي كانت خاضعة للتنظيم.

وعلّق غاردنر على هذا التطوّر بالقول إنّ الأكراد السوريين الذين حرّروا مساحات واسعة من الأراضي التي كانت خاضعة لهم قبل وقوعها بقبضة "داعش" باتوا اليوم في عمق الأراضي العربية، مشيراً إلى أنّ المسؤولين الأميركيين ينفون قطعهم وعوداً على "حزب الاتحاد الديقراطي" أو "قوات سوريا الديمقراطية"، الساعية إلى التمتع بحكم ذاتي بأمر الواقع في شمال سوريا.

غاردنر الذي ربط بين هذا الواقع وعمل الولايات المتحدة على استرضاء تركيا جزئياً، حذّر من التفاؤل الشديد بالتعويل على إدارة ترامب، بعدما تنحت جانباً في الوقت الذي طُرد فيه الأكراد من كركوك الأسبوع الفائت.

في هذا السياق، ذكّر غادنر بمشاركة ترامب في أيّار في قمة الرياض، حيث انضم إلى السعودية لتشكيل حلف لعزل إيران، وبترؤس وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، قمة سعودية-عراقية مؤخراً، لافتاً إلى أنّ صحيفة أميركية بارزة عنونت على الشكل التالي: "تيلرسون للإيرانيين في العراق: عودوا إلى دياركم"، وذلك بعدما أوشكت معركة القضاء على "داعش" على نهايتها.

وعليه، شرح غاردنر بأنّ تيلرسون قَصَد "الحشد الشعبي" الموالي لإيران والحرس الثوري الإيراني بتصريحه هذا، متسائلاً إذا كان يخلط بين العراق وسوريا.

كما حمّل غاردنر تيلرسون الولايات المتحدة مسؤولية ولادة "الحشد الشعبي"، الذي يتألف من 100 ألف مقاتل عراقي والذي يؤيد طهران، وذلك لأنّها غيّرت معالم الشرق الأوسط التي تبلغ القرون من العمر لصالح إيران عندما غزت العراق في العام 2003.

في ما يتعلّق بمحاولة تيلرسون فتح قنوات حوار بين السعودية والعراق، رأى غادرنر أنّه يمكن أن تكون ذات قيمة، نظرياً، إذا كانت بغداد قوية بما فيه الكفاية لوضع حد لاعتمادها على إيران.

إلى ذلك، قارن غاردنر بين سياسة ترامب وسلفه باراك أوباما، معتبراً أنّ الأخير فهم أنّ الحرب ستكون بديل الاتفاق النووي، وأنّ القضاء على "داعش" يضع الولايات المتحدة في خط واحد مع إيران، وأنّه يمكن لواشنطن حلّ الفوضى التي سببتها في الشرق الأوسط بغزوها العراق من دون إيران.


( FT)