أما آن لهذا الزمن العربي والإسلامي أن يزول ويندحر؟
 

خريطة جينية تفرز إنتماءات عقائدية ومذهبية، ( شيعي، سني، مسيحي، علوي، درزي، وثني، مجوسي، يهودي ) وغيرها من تسميات لأجل ممارسة العقيدة والطقس العبادي، فأينما توجهت في الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، تجد الكل لهم طريقة في أداء الطقوس الدينية وأدوات العبادة بوثنية قديمة أو وثنية بثوبٍ جديد، التي تمارس بدورها في إبعاد الضرر والحسد والشرور والبلية، في ما تبقَّى فينا من ميراث الذهنية السحرية الغريبة والعجيبة.

إقرا أيضا : خراب مقدَّس !

 لكن اللافت للتأمل والنظر في تاريخنا الحالي عند العرب والمسلمين، هو أننا نعاني أزمة حقيقية أفرزت إنفصاماً وتشوُّهاً فعلياً زاد البؤس بؤساً والفقر فقراً، وأفقدنا القدرة على الإحساس بالتعدد الإنتاجي والإبداعي وبالتسامح والحب  ، حتى بتنا لا نسمع شيئاً من دعاة الأدب والشعر أو من روائيين يبثون نفحات عن حبٍ وعشقٍ تتناقلها أفواهنا، وتركن إليها نفوسنا، لأنها احتكرت مآقينا صور القتل والذبح والتكفير والتهجير وصراخ المعذَّبين والمحتاجين، وصور الدماء والدم المسفوح، ووقر آذاننا صراخ الحقد والكراهية في هذا الضجيج والتلوَّث للسمع والبصر والفؤاد وكلُّ أؤلئك اعتدنا عليه، فإذا صرخ أحدنا بصرخة شعرٍ أو نثرٍ أو روايةٍ أو مقالٍ أدبيٍ إستحال إلى سراب.

إقرا أيضا: مشروع قانون معجَّل للمجلس النيابي... حوِّلوا الجامعات إلى حوزات دينية!

هل تسمعون اليوم في عالمنا الإسلامي والعربي عن الفن المسرحي والسينمائي أو عن الفن الموسيقي أو عن الفن الروائي؟ نعم نسمع وتطنب آذاننا فضائيات البث العابر للكرة الأرضية بأنَّ فلاناً إستبصر ودخل في التشيُّع، أو ذاك وصل إلى الحقيقة وبحمد الله تسنَّن، وتعقد المؤتمرات والندوات لأنَّ فحلاً من فحول القوافل القرشية هداه الله إلى الدين الصافي الحنيف، أو يُحتفى بممثلة تحجَّبت لتوِّها وقد وهن العظم منها لأنها إكتشفت الإسلام عند أول بروز تجاعيد رقبتها أو عنقها، ولأن ما ستناله من أعطيات الأثرياء البواسل من قوافل العير الذين يطمحون إلى قصور الجنة، بعد أن ملؤوا الدنيا بمفاسد قصورهم ـ وما زاد حنجول في الإسلام خردلة ـ نعم لا أريد أن أسألكم ماذا تسمعون؟ لأنَّ إفراغ ذاكرتنا من تاريخها هو المقدمة الضرورية والمطلوبة من قبل الآلهة من الدينيين والسياسيين لإفناء أكبر عدد من البشر وإقناعهم بفضيلة الإنتحار وربما بتسميات كثيرة، أما آن لهذا الزمن العربي والإسلامي أن يزول ويندحر؟ وللفن أن ينتشر وللحب أن يلملم أوراق شجر خريفنا ليبني لنا أعشاشاً في قلوبنا الباردة، وللإسلام العفوي والبدوي والشعبي أن يتخلَّص من الإسلام التطهيري والتنجيسي والتكفيري، ليبزغ لنا أوراقاً نتفيء تحت ظلاله تسامحاً وحباً من جديد؟ أما آن لرجال الدين الذين يصنفون الناس ويؤموهم إلى مثواهم الأخير أن يحملوا سواكاً أو مشطاً يمشط لحاهم الكثة ويستبدلوا الحقد تسامحاً؟ أما آن لسيوف قوافل يثرب وقريش أن تغمد في غمد الزمن وتنحني أمام الإبداعات اللامتناهية؟ 
فإلى الكل ، من شيعي وسني ودرزي ومسيحي وبوذي ويهودي وعلوي وغيرهم  واللائحة تطول أن يغنوا للحياة وللوطن وللإنسان.
 إننا نحلم بهذا اليوم الذي نرجع فيه إلى التوحيد وننبذ الشرك، وليعلم هؤلاء أن هذه الآلهة لا جنان لها وربما لا آخرة عندها.