يكرّر الدكتور فارس سعيد منذ أيام لازمة يريد تحويلها إلى معادلة داخل «تسوية الاستسلام» على ما درَج على تسميتها منذ انتخاب الرئيس ميشال عون
 

المعادلة تقول إنّ على المستسلمين لـ«حزب الله» أن يُحدِثوا فرقاً في إعادةِ رسمِ توازنٍ ولو مِن داخل مشاركتهم إياه في السلطة، من خلال رسمِ خطّ أزرق بين الدولة اللبنانية وبين سلاح الحزب، تفادياً لِما يمكن أن يحصل في حال استمرّ التماهي الرسمي بين الدولة والسلاح.

ما هو هذا الخط الأزرق؟ يقول سعيد: الفصل يبدأ من تأكيد السلطة على عدم إعطاء غطاء شرعي للسلاح ولأجندته الإيرانية، فما يحصل اليوم على مستوى الحكم خطير. فالرئيس ميشال عون غطّى سلاح الحزب وأزالَ بذلك الخيط الفاصل القادر على التنصّلِ من ما يمكن أن يترتّب على أيّ تطوّر بما يتعلق بإمكان حدوث حرب.

يَستذكر سعيد لمحات تاريخية ليدعمَ خطه الأزرق ويقول: عندما وُقِّع «اتّفاق القاهرة» لم يذهب أيّ من أركان الحكم اللبناني الى تغطية عمليات فتح عبر الحدود، فيما الرئيس عون يتبنّى اليوم سلاح «حزب الله»، ما يَجعل لبنان كلَّه هدفاً وليس «حزب الله»، ويضيف: أعداء «حزب الله» باتوا بَعد موقف عون وصمتِ الحكومة أعداءَ لبنان، ولهذا الأمر نتائجُه الكارثية.

يعود سعَيد بالذاكرة عشر سنوات إلى الوراء: عندما حصلت عملية الخط الأزرق واندلعَت الحرب في العام 2006 اجتمعت الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة وقالت لا علاقة للبنان بالعملية. ذاك الموقف أنتجَ فيما بعد قمّةً روحية في بكركي ومضمون نقاطٍ سبع، وتحييداً كبيراً لِلبنية التحتية للبنان عن الدمار، كما أنتجَ القرار 1701 الذي تعاون فيه المجتمع الدولي مع حكومة لبنان.

أمّا اليوم، يضيف سعيد، فهل سيستطيع الرئيس سعد الحريري الذي نحبّه أن يقوم بالعمل نفسِه في حال انفجَر الصراع، وماذا سيقول للمجتمع الدولي عن موقف رئيس الجمهورية، وكيف سيتمّ تبرير الغطاء الرسمي للسلاح، وهل سيَلقى لبنان آذاناً صاغية بعد؟

الشقّ الثاني من الخط الأزرق الفاصل الذي لم يعُد موجوداً، حسب سعَيد، هو الموقف من الشرعية العربية والعلاقة اللبنانية - العربية، حيث باتت السياسة الخارجية في يد «حزب الله» ممثَّلاً بحليفه، وبدا أنّ لبنان يخالف الإجماع العربي والمصلحة العربية في كلّ محفل ومؤتمر.

الشقّ الثالث من الخط الأزرق هو الموقف اللبناني من الشرعية الدولية والقرارات الدولية، التي ينتهكها «حزب الله» أيضاً بغطاء رسمي، وخصوصاً القرار 1701 الذي أرسِلت إلى لبنان تقارير بالأدلّة عن انتهاكه جنوب الليطاني، فيما كان الرد الرسمي مجرّد أعذار لا تُقنع المجتمع الدولي ولا تحمي لبنان.

لا يَقطع سعَيد الخطوط مع التيار الأزرق، ولا مع الدائرة الحمراء، ذلك على الرغم من أنّ البعض بات ينظر له بعين حمراء. يرتاح إلى التعاون مع الدكتور رضوان السيّد، ولا يتوقّف عن ممارسة عادة الزيارات المبكرة، مع مرجعيات يتناغم معها في قراءة التسوية، وما بعدها، وبإطلاقه المبادرة الوطنية، يحضر جهوزية سياسية سوف تكون إحدى نتائجها ترتيب معركة انتخابية في دائرة جبيل كسروان وغيرها من الدوائر، تحت عنوان مواجهة وصاية «حزب الله» على القرار اللبناني، وهذه المبادرة تنتظر التوقيت الملائم للالتقاء مع قوى المعارضة التي تحضر جهوزيتها هي الأخرى.

يطرح سعيد معادلة الخط الأزرق وفذلكة التوجّه إلى قوى التسوية بمطلب «واقعي ومتواضع»، بدلاً من الطلب إليها الانسحاب منها، مع عِلمه بأنّ خروج هذه القوى من التسوية سيكون أصعبَ من الدخول إليها، لكن في الحالتين سيبقى السؤال الوحيد بعد جردة سنة على انتخاب العماد عون، سؤال النائب وليد جنبلاط الشهير: إلى أين؟