توحيد الجبهة الجنوبية في لبنان مع جبهة الجولان ما هي الا شعارات خطابية لا قيمة لها
 

كل الأجواء والمعطيات كانت تنبئ بأن معارك أوشكت أن تدور رحاها بين الكرد من جهة وبين الحشد الشعبي ومعه القوات النظامية العراقية من جهة اخرى، وراح الكثير من المراقبين للقول بأن مدينة كركوك النفطية هي الحلبة الأولى التي ستدور عليها أولى الجولات الأميركية - الإيرانية في ظل التصعيد الكلامي والإعلامي بين الطرفين. 
ومن بين ضجيج أصوات طبول الحرب القادمة من كركوك حصل ما لم يكن متوقع، فجاءت خطوت انسحاب قوات البشمركة الذي أعلن عنه عضو المكتب السياسي للإتحاد الكردستاني وقائد قوات 70 التابعة لوزارة البشمركة وتسليم المدينة لقوات بغداد، وفعلًا فقد حصل الإنسحاب الفوري بدون أي شوشرة بالرغم مما اصطحبه من اتهامات كردية - كردية بالخيانة أو التواطء وما إلى هنالك. 

إقرأ أيضًا: هل بدأت الحرب الإسرائيلية على حزب الله من تدمر؟
وبسب هذا التحول الطارئ والمباغت على المشهد، طفى على وجه الحدث السؤال الكبير الذي أدى الى هذا التبدل والإنعطاف في المسار، من حرب وشيكة إلى تسوية سلسة، وللإجابة عنه كان لا بد من النظر إلى تطور المجريات عن بعد والذهاب إلى رؤية كامل الصورة ومتابعت حركة اللاعبين المعنيين خارج اطار الميدان الجغرافي. 
وعليهن فلا بد من القول بأن من الواضح ان إيران وعبر توجه قاسم سليماني إلى السليمانية، حمل معه اقتراحات التسوية للطرف الأميركي صاحب الدور والقرار النهائي عبر الكرد، وبالمقلب الاخر لا يمكن غض الطرف عن تواجد وزير الدفاع الروسي  سيرغي شويغر مجتمعًا بهذه الأثناء مع نظيره الإسرائيلي ليبلغه موافقة موسكو على توسيع ما يسمى بمنطقة "الحزام الامني" لمساحة 15 إلى 20 كلم وطرد القوات الإيرانية وحلفائها وفي مقدمهم حزب الله من المنطقة. 

إقرأ أيضًا: لماذا اصرار حزب الله على التنسيق مع نظام بشار؟؟
فاذا جمعنا قطع البازل هذه يمكن حينها أن يتضح شيء من الصورة، وبأن العنوان الأكبر للمشهد هو تسوية رباعية الأضلاع ايرانية - اسرائيلية - أميركية - روسيا، محصلتها الأولية هو مبادلة ايران كركوك النفطية مقابل الجنوب السوري، ولو أن باقي بنود التسوية لا تزال غامضة حتى اللحظة وستنجلي في االقادم من الأيام. 
ما يهمنا من الموضوع أن هذا الأداء الإيراني، كغيره يخبرنا مرة جديدة بأن الشعارات الكبرى التي يحملها هذا المحور وأهمها القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني ودعم قوى المقاومة، سرعان ما تتهافت ويدوس عليها الإيراني باللحظة التي تكون مصلحته تقتضي ذلك، وكل ما قيل ويقال عن توحيد الجبهة الجنوبية في لبنان مع جبهة الجولان ما هي الا شعارات خطابية لا قيمة لها أمام القيمة الحقيقية لنفط كركوك.