رسائل محرجة متبادلة بين لبنان والخارج

 

المستقبل :

بينما يستعد اللبنانيون لمواكبة وقائع «ثلاثية» الموازنة التي تبدأ طلائعها اليوم وسط ترقب لما سيتخللها بطبيعة الحال من مداخلات ومزايدات انتخابية وشعبوية على خشبة الهيئة العامة تحت تأثير النقل المباشر للجلسات التشريعية، يعود رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى بيروت حاصداً سلة وازنة من الدعم الفاتيكاني والإيطالي للبنان، إن على مستوى ما تحقق من وعد بابوي بزيارة لبنان قريباً أو على صعيد التباحث مع نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني أمس في التحضيرات الجارية لانعقاد مؤتمري روما وباريس دعماً للمقدرات العسكرية والاقتصادية اللبنانية. في وقت جاء تصريح الحريري لصحيفة «لا ريبوبليكا» حاسماً في تحديد بوصلة عمله السياسي، وطنياً وعربياً، سواءً من خلال تأكيده العمل على تحييد الخلافات الداخلية والتركيز على صون مصلحة لبنان أولاً وحمايته من أي «تداعيات سلبية» جراء الاشتباك الأميركي ــــ الإيراني، أو عبر تجديده رفض التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية

العربية ودعوته طهران إلى عدم الإخلال باستقرار المنطقة.

وفي الغضون، كان سفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن على موعد أمس مع رئيس الجمهورية ميشال عون لتسليمهم رسائل «عرض واقع حال» كما وصفتها مصادر قصر بعبدا لـ«المستقبل» جراء أعباء النزوح السوري المتراكمة على لبنان، حثّ فيها المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته تجاه هذا الملف، مشيرةً إلى أنّ اجتماع القصر الجمهوري الذي جمع السفراء الخمسة وسفيرة الاتحاد الأوروبي وممثلين عن الأمين العام للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، يأتي في سياق استكمال تحرك عون «في الأمم المتحدة وباريس لعرض الواقع اللبناني والضغط الذي يتكبده لبنان اقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وأمنياً تحث ثقل النزوح السوري».

وأوضحت المصادر أنّ «رئيس الجمهورية لا يطرح إرغام النازحين بالقوة على العودة إلى وطنهم إنما شدد خلال الاجتماع على ضرورة إيجاد حل دولي لمعالجة الأزمة»، لافتةً إلى أنّ هذا الحل يراه عون متاحاً تحت عنوان «العودة الآمنة خصوصاً أنّ أحداً في لبنان لا يعارضها في حال تأمنت»، ولذلك، تضيف مصادر بعبدا، أتت رسالة عون بمثابة «تحرك ستليه تحركات أخرى في اتجاه تعزيز فرص العودة الآمنة ورفع عبء النزوح عن الكاهل اللبناني»، مشددةً في الوقت عينه على كون «ما يطرحه رئيس الجمهورية في هذا السياق لا يُشكل موضوعاً خلافياً على طاولة مجلس الوزراء باعتبار أنّ كل الأفرقاء اللبنانيين يؤيدون العمل على تأمين عودة النازحين بشكل آمن إلى مناطق مستقرة أو منخفضة التوتر في سوريا». أما «آلية هذه العودة»، فأكدت مصادر بعبدا أن عون لم يُثرها في رسالته إنما طلب من المجتمع الدولي سرعة التحرك لمعالجة أزمة النزوح في لبنان «بينما الآلية يتفاهم عليها اللبنانيون في ما بينهم لاحقاً». 

وإذ وضعت الرسائل التي حمّلها عون إلى السفراء في إطار «التنبيه ودق ناقوس الخطر «تداركاً لتداعيات» انفجار قد يحصل في لبنان إذا تعذرت عودة النازحين»، لفتت المصادر في المقابل إلى أنّ مداخلات السفراء خلال الاجتماع لم تخرج عن سياق «عرض وجهات نظر دولهم التقليدية والديبلوماسية بانتظار إطلاع رؤسائهم على رسالة بعبدا تمهيداً لإبلاغ لبنان لاحقاً بالأجوبة الرسمية عليها». علماً أنّ رئيس الجمهورية سلّم السفراء في نهاية الاجتماع رسائل خطية إلى كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ملكة بريطانيا اليزابيت الثانية، الرئيس الصيني كزي جيمينيغ، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، رئيس الاتحاد الأوروبي جان كلود جانكر، الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

 

الديار :

لانه موسم الانتخابات، ستزداد المزايدات السياسية «وتلامس» «الخطوط الحمراء» دون ان تتجاوزها، «وثلاثية» اقرار الموازنة بعد 12 سنة من الغياب في مجلس النواب بدءا من اليوم، ستكون فرصة  لكل الاطراف  لاستعراض «عضلاتها» لكن الجميع محكومون بضوابط تبقي الامور تحت السيطرة، خيارات الجميع محدودة، وحدود «اللعبة» محكومة باستقرار مطلوب من الخارج قبل الداخل، فلا «خطابات» وزير الخارجية جبران باسيل، ولا ردود وزير الداخلية نهاد المشنوق، ونواب اللقاء الديموقراطي، ولا «الغضب» المتنامي للقوات اللبنانية من «اوعا خيك» التي حمل احزانها سمير جعجع الى استراليا، ولا «الحنق» المكتوم في عين التينة من «حليف الحليف»، او حتى علامات الاستفهام في حارة حريك من بعض «الشطحات»، يمكن ان تغير في قواعد «الاشتباك» السياسي المحكوم بوقائع يصعب تجاوزها، وقدرات محدودة لدى معظم القوى السياسية التي لا تملك سوى «الصراخ» لمحاولة استقطاب المزيد من الناخبين فوق «رقعة شطرنج» لا يوجد ضمن قواعدها «كش ملك»..
وازاء هذا المعادلة التي تتقاطع على تبنيها مصادر نيابية ووزارية من فريقي حكومة «ربط النزاع»، يمكن فهم تأكيد اوساط مقربة من بعبدا، عدم «رضى» رئيس الجمهورية ميشال عون عن كلام خطابي حيال مصالحة الجبل، وقد عبر الرئيس امام عدد من مستشاريه صراحة عن «انزعاجه» من المفردات التي لم تكن «موفقة» في مقاربة ملف وطني شديد الحساسية يحرص عون على ابقائه بعيدا عن السجالات والمواقف السياسية اليومية... ومن المرتقب حصول خطوات عملية «غير محددة» بعد لاعادة الامور الى نصابها في هذا الملف.
وفي سياق متصل، تؤكد اوساط تعمل على خط العلاقة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ان هذه العلاقة باتت تحتاج الى «صيانة» عاجلة قبل فوات الاوان، وسيتم الامر بعد عودة الدكتور سمير جعجع من جولته الخارجية، وقد انهت الدوائر المختصة في القوات ملف «مبكل» حيال تجاوزات التيار الوطني لتفاهم معراب، سيحمله معه «الحكيم» الى بعبدا، فيما تؤكد اوساط التيار الوطني الحر بان ما تسميه «القوات» بالتجاوزات ليس واردا في «التفاهم» وما يقوم به التيار الوطني الحر سياق سياسي طبيعي لا يمس مصالح الطرف الاخر الذي يطمح الى تطوير «التحالف»، لكن هذا الامر يحتاج الى نقاش سياسي جديد يتجاوز ما جرى التفاهم عليه في معراب، ويدخل ضمن قواعد مختلفة عن السابق.
 

 

 

 العلاقة بين الرئاستين


اما العلاقة بين الرئاسة الاولى والثالثة، فلا تحتاج برأي تلك الاوساط الى اي «مراجعة» لان الخطوط العامة المتفق عليها لا تزال سارية المفعول، ولم يتجاوزها اي من الطرفين، على الرغم من السجالات المتكررة بين باسيل والمشنوق، فرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ثبتا في اللقاء الاخير في بعبدا التزامات كل جانب اتجاه الاخر، ولم يبد اي من الرجلين رغبة في تبديل «قواعد اللعبة»، وقد حرص مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري بالامس على التأكيد للوزير باسيل بان كلام وزير الداخلية «شخصي» وليس موقف تيار المستقبل، نافيا ان يكون «التيار الازرق» في صدد الدخول في مواجهة مع العهد، وقد جرى تثبيت التفاهمات السياسية القائمة على ادراك كل طرف لحدود وقدرة الطرف الاخر على التحرك سياسيا في الداخل والخارج.
 

 ملف النزوح


وفي هذا الاطار لم تبد اوساط المستقبل اي «انزعاج» من خطوة رئيس الجمهورية بالامس ازاء استقباله سفراء الدول الخمس الكبرى في لبنان لابلاغهم بخطورة وضع النزوح السوري، والمحت الى ان هذه الخطوة نسقت مع رئيس الحكومة الذي لا يمانع باتخاذ اي خطوة في هذا السياق، طالما ان الاتصال المباشر مع الحكومة السورية لا يندرج ضمنها.. وكان رئيس الجمهورية قد عرض امام السفراء بحضور وزير الخارجية موقف لبنان من موضوع النازحين السوريين، وعبر رسائل خطية شرح مخاطر استمرار النزوح سواء السياسية او الاقتصادية او الامنية والانعكاسات التي سببتها على اليد العاملة اللبنانية بحيث ارتفعت نسبة البطالة بين اللبنانيين. واكد عون ان من مصلحة هذه الدول معالجة هذه القضية تلافياً لحصول انفجار لانه اذا حصل سيحصل نزوح معاكس برا وبحرا، واشار الى انه في الكيلومتر المربع في لبنان يوجد 153 نازحاً بينما ثمة 5 نازحين في الكيلومتر الواحد فقط في بعض الدول..ولفت الى ان امن لبنان مهم بقدر ما هو مهم امن النازح السوري، وان ثمة مناطق في سوريا خارج اطار الحرب ومناطق اخرى عاد اليها الهدوء، مشدداً على ان ما يطالب به لبنان هو عودة النازحين الراغبين وليس المقصود من لديهم مشاكل سياسية مع السلطة القائمة، وقال: «ما نطلبه هو عودة الامنين الذين هربوا نتيجة الحرب وان ما يطلبه لبنان يضع حداً لمعاناة النازحين ويمنع اي تداعيات على الساحة اللبنانية» دون ان يتم ربط ذلك بالتوصل الى الحل السياسي. وقال «ان وطني لم يعد قادراً على تحمل المزيد وهو يطلب من المجتمع الدولي والاسرة الدولية الاسراع بمعالجة قضية النازحين»... وبحسب اوساط مقربة من بعبدا فان هذا الاجتماع اليوم يعتبر «خطوة اولى» ستتبعها خطوات لاحقة، والرئيس ينتظر اجوبة وردودا محددة من المجتمع الدولي، واذا لم يحصل ذلك فان ايجاد صيغة للتواصل مع الحكومة السورية يصبح حتميا... فالرئيس بالامس وجه «رسائل» للداخل والخارج مفادها «اللهم اشهد اني قد بلغت»...
 

 المزيد من الواقعية؟


في هذا الوقت اكد رئيس الحكومة سعد الحريري  من روما استمرار التعاون مع حزب الله في الامور «الصغيرة» «والكبيرة» لحماية الاستقرار اللبناني، وهو موقف يؤكد تمسك رئيس تيار المستقبل باستراتيجية «ربط النزاع» مع الحزب، اوساط وزارية بارزة تؤكد ان هذا الموقف غير مستغرب وياتي في سياق طلب المملكة من رئيس الحكومة التعامل مع الواقع اللبناني بالمزيد من الواقعية السياسية التي ازدادت تجذرا بعد عودة الملك سلمان من زيارته الى موسكو، وبحسب معلومات تلك الاوساط تبلغ رئيس الحكومة من وزير خارجية المملكة عادل الجبير حصيلة  الزيارة، وفي خلاصة الموقف السعودي ان لا شيء جديداً في الساحة اللبنانية، اما في سوريا فتمت الموافقة على مندرجات اتفاقات آستانة، من خلال التعامل بواقعية مع حتمية بقاء الرئيس السوري بشار الاسد، لكن بقيت المشكلة الوحيدة العالقة هي نفوذ ايران في سوريا...
ولفتت تلك الاوساط، الى ان ما فهمه الحريري ان الرياض لا تريد تحميله ما  يتجاوز قدراته، واذا كانت دولة كروسيا عاجزة عن «التأثير» في هذا الملف، لن يكون الحريري قادرا على ايجاد حل له، فملف ايران وحزب الله في سوريا حمله العاهل السعودي الى موسكو وطالب من الرئيس بوتين  المساعدة على انهاء النفوذ الايراني في سوريا الجديدة، وتساءل عن مدى امكانية لعب موسكو هذا الدور على حساب الدور الايراني، الذي سيتراجع حكما في لبنان اذا ما تراجع في سوريا..
وبحسب معلومات دبلوماسية في بيروت ابلغ الرئيس الروسي ضيفه بصراحة ان هذه القضية ليست اولوية في اجندة بلاده، وهو ابدى نوعا من الحذر الشديد خلال مقاربته لهذه المسالة وأبلغ الملك سلمان بأن موسكو لا تستطيع  ان تعد بشيء بخصوص تطور العلاقة بين الأسد وطهران، وتحدث امامه عن «الواقعية السياسية» التي تعني أن موسكو غير قادرة على إجبار الأسد بالابتعاد عن إيران لكن موسكو وبحكم علاقاتها مع الطرفين يمكن أن تساعد في جعل تلك العلاقة أكثر إيجابية في التأثير بملفات المنطقة.
 

 «النموذج السيىء»


وتلفت تلك الاوساط الى ان الحريري كان حاضرا كنموذج «سيىء» في ادارة الحكم في لبنان خلال زيارة الملك سلمان الى موسكو، فالملف الاخر الذي حمله الملك معه كان حلا سوريا على طريقة «الطائف» اللبناني، اي تشكيل حكومة وحدة وطنية بصلاحيات أوسع لرئيس الحكومة، تقودها شخصية مقربة من  السعودية يمكن أن تؤثر مستقبلا في سياق العلاقة  مع طهران، لكن اقتراحه اصطدم باشكاليتين، الاولى النفوذ التركي الذي يرفض اي حصة وازنة للمملكة في الـ«كعكة» السنية في سوريا الجديدة..اما الاشكالية الثانية فكان فشل تجربة الطائف اللبنانية في اعادة تصويب التوازن في الحكم مع الموارنة والشيعة، وفي هذا السياق كان «طيف» الحريري حاضرا لجهة فشله في ابقاء التوازنات على حالها مع رئيس الجمهورية وتراجعه امام «سطوته» في الحكم، وكذلك فشله في مواجهة نفوذ حزب الله الذي يتحكم بمفاصل الدولة ويدير سياساتها الخارجية ويؤثر جدا في السياسة الداخلية، وبيده قرار «الحرب والسلم».. 
 

 العودة الى الحكومة


وهكذا عاد الملك سلمان الى المملكة بانطباع ان فرص نجاح هذا الامر في سوريا تبدو «معدومة»، وفشل الطائف اللبناني يعني حكما فشل محتم للطائف السوري.. وقد عاد السعوديون من موسكو دون استراتيجية بديلة لمواجهة نفوذ ايران وحزب الله، الاتكال في المملكة على استراتيجية الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ولهذا لم يطلب احد في الرياض من الحريري الاقدام على اي خطوة، يدركون هناك ان الحريري الابن ليس كوالده، ويدركون ايضا ان ظروفه مغايرة، ولذلك مهمته الان  الحفاظ على «الارث» السياسي لرفيق الحريري  واذا تم ذلك سيكون الامر انجازا، ولذلك تعتبرالانتخابات النيابية المقبلة محطة مفصلية، وعودته الى حكومة ما بعد الانتخابات تشكل الاولوية المطلقة وهذا لا يتم الا بالتفاهم مع رئيس الجمهورية وحزب الله.. 

 

 

الجمهورية :

الصورة على تلبُّدِها إقليمياً، في ظلّ تطوّرات بالغة الدلالة تصَدَّرها الهجوم العراقي المفاجئ في اتّجاه إقليم كردستان والسيطرة على الأماكن الغنية بالنفط في كركوك، وهو أمرٌ يفتح باب الاحتمالات والتداعيات على مصراعيه في شتّى الميادين المرتبطة بهذا الإقليم. وكذلك الاشتباك السوري ـ الإسرائيلي المحدود في الأجواء اللبنانية الذي تجلّى بغارة الطيران الإسرائيلي على مربض سوري استهدفَه بينما كان يُحلّق في الأجواء اللبنانية. وأمّا لبنانياً، فما زال التفاهم الرئاسي هو الحاكم للوقائع الداخلية، وسيقدّم اليوم ترجمةً جديدة له في «ثلاثية الموازنة»، بمناقشات نيابية تحت سقفه، فيما دقَّ لبنان، عبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جرَس إنذارٍ من لغمِ النازحين السوريين المزروع في الجسم اللبناني، داعياً العالمَ إلى تحمُّل مسؤولياته في رفعِ هذا الثقل عن لبنان.

اليوم يبدأ العقد العادي الثاني لمجلس النواب، فيجدّد لمطبخِه التشريعي بلا تعديل، واليوم تنطلق جلسات الموازنة، مضغوطةً بازدحام نيابي على منبر الخطابة؛ فحتى ما قبل نهاية الدوام الرسمي أمس، سجّل ما يزيد عن 20 نائباً أسماءَهم على لائحة طالبي الكلام.

أهمّية جلسة اليوم ليست بالتجديد للّجان، ولا بمناقشات النواب التي اعتادت آذانُ الناس على سماعها، بل بإقرار الموازنة بحدّ ذاتها بما يُنهي وضعاً شاذّاً لبلدٍ يَصرف عشوائياً بلا موازنة منذ 12 عاماً.

وعلى رغم أنّ الموازنة المطروحة أمام المجلس مصروفة، إلّا أنّ إقرارها يؤسّس ليُبنى عليها في الموازنات اللاحقة، ولا سيّما موازنة السنة المقبلة التي يؤكّد وزير المالية علي حسن خليل أنّها ستُقَرّ قريباً جداً في مجلس الوزراء.

برّي لـ«الجمهورية»

وبحسب الأجواء السابقة للجلسة، فإنّها بجولاتها النهارية والمسائية أشبَه بمهرجان خطابي تولدُ الموازنة في نهايته، وإنْ أمكنَ غداً مساءً، إذا ما نجح المسعى بتخفيض عدد طالبي الكلام. وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الجمهورية» إنّ الجلسة مفتوحة ويُفترض أن تسير في أجواء طبيعية.
وحول المزايدات التي يمكن أن يقدّمها بعض النواب قال: «المنبر مفتوح للنواب لقول ما يريدون، وكلّ من يريد أن يزايد فهذا شأنه، وبالتالي الناس سترى المزايدين وتَحكم عليهم».

وأشار بري إلى أنّ ثمّة عملاً دؤوباً ينبغي أن ينطلق بعد إقرار الموازنة على صعيد إعادة إحياء الدولة بكلّ قطاعاتها، وكما سبقَ وقلت إقرار الموازنة يؤدّي فوراً إلى الخلاص من نسبة كبيرة جداً من الفساد الموجود، أضاف: «طريقة الصرف العشوائي التي كانت تحصل يجب أن تنتهي، وإقرار الموازنة سينهيها حتماً. أمامنا عمل كثير لإعادة البلد إلى وضعه الطبيعي مالياً واقتصادياً وإدارياً ورقابياً، وهذا يوجب تفعيلَ أجهزةِ الرقابة قبل كلّ شيء وسدَّ الثغرات القائمة فيها وجعلَها قادرةً على القيام بمهامّها، فهنا فقط تستقيم الأمور، ويجب أن تستقيم».

وردّاً على سؤال، قال: «آنَ الأوان لاجتثاثِ الفساد، ويجب وضعُ حدّ لهذا الفلتان، وآنَ الأوان لتستقيمَ الأمور، ومجلس النواب سيكون في مرحلة ما بعد إقرار الموازنة في مواجهة كبيرة مع مثلّث الفساد والفاسدين والمفسِدين».

الجلسة
وقالت مصادر مجلسية إنّ أبرز طالبي الكلام الرئيس نجيب ميقاتي، وكذلك عدد من نواب تكتّل «الإصلاح والتغيير»، فيما سيتحدّث نائبان من كتلة «الوفاء للمقاومة»، وكذلك سيتحدّث النائب ياسين جتابر باسمِ كتلة «التحرير والتنمية» وكذلك النائب بطرس حرب، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، وسيتولّى مقرّر اللجنة النيابية للمال والموازنة النائب فادي الهبر تلاوةَ تقرير اللجنة حول الموازنة، فيما طلبَ رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان الكلامَ على حِدة.

حرب لـ«الجمهورية»
وأوضَح النائب بطرس حرب لـ«الجمهورية» أنّه سيركّز على مناقشة الموازنة كمشروعٍ داعم للسياسة الاقتصادية للحكومة وعلى سُبل التوفيق بين العجز الكبير الظاهر فيها والتدابير المقترحة لكي يخفّ تدريجياً حتى لا يصبح لبنان في عداد الدول العاجزة عن تسديد موجباتها.

كذلك سيشدّد «على ضرورة وقفِ الهدر والفساد الذي يكلّف الدولة مليارات الدولارات سنوياً، الأمر الذي يحدّ من تفاقمِ العجز، إضافةً إلى ملاحظات حول الأداء الذي لا يَسمح بالمراهنة على الذهاب في الاتّجاه السليم في هذا الجوّ من الفساد الطاغي على معظم إدارات الدولة. فعندما نحوّل الدولة إلى مزارع ويتحكّم فيها أهلُ السلطة على حساب القانون والمواطنين فكيف يمكن أن تستمرّ؟

جابر لـ«الجمهورية»
وقال النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية» إنّه سيثير مجموعة ملفّات، ومنها الملف الكهربائي والصفقات وما يرتبط بها. واعتبَر أنّ إقرار الموازنة هو إنجاز حقيقي بعد 12 سنة، إلّا أنه يبقى غيرَ كافٍ، إذ يجب أن يواكب إقرارها تفعيل الأجهزة الرقابية، وإطلاق عملية إصلاح بنيوي يعيد هيكلة المؤسسات والإدارات على أساس هدفٍ واحد هو تخفيض عجزِ الموازنة والخزينة».

«المستقبل»
وعلمت «الجمهورية» أنّ نواب «المستقبل» سيثيرون «ملفّات ساخنة» عدة، فإلى جانب قطعِ الحساب وأرقام الموازنة، سيتناولون مسألة «التزامات الحكومة بالنأي بالنفس»، وكذلك «رفض سياسة المحاور وموضوع السلاح غير الشرعي والخطاب الطائفي المتطرّف والذي لم يشهد له لبنان مثيلاً حتى إبّان الحرب الأهلية».

«الكتائب»
وعلمت «الجمهورية» أنّ كتلة حزب الكتائب ستؤكّد في مناقشتها للموازنة وسياسة الحكومة، على ما ينصّ عليه الدستور، وسترفض أيّ مساومة سياسية أو مالية على حساب الدستور.

ويَعتبر رئيس الحزب النائب سامي الجميّل «أنّ اتّفاق أركان التسوية في السلطة على أيّ ملف لا يعني أنّ هذا الاتفاق يتيح لهم تخطّي الدستور وتجاوزَه وعدمَ الالتزام الدقيق به، وأنّ ربط إقرارِ الموازنة بتعليق المادة ٨٧ من الدستور يعني ابتزازاً واضحاً للّبنانيين».

ومِن هنا فإنّ نواب الكتائب سيرفضون تعليقَ العمل بهذه المادة ووقوفَهم في مواجهة أيّ معادلة تقوم على أن لا موازنة من دون تعليق العمل بالمادة الدستورية الخاصة بقطعِ الحساب، وسيواجهون المعادلة الجديدة بالقوّة ذاتِها التي واجهوا بها المعادلة السابقة».

«التيار»
وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» إنّ «الأولوية الآن لإقرار الموازنة، وهي خطوة أولى على دربِ مكافحة الفساد، إذ إنّ انتظام مالية الدولة وتبويبَ الإنفاق هو ما يزيد الشفافية في عملِ الوزارات والإدارات ويَضبطه، ويبقى أن تُستكمل كلّ التدابير الإصلاحية لترشيد الإنفاق وخفضِ الهدر ومحاربة الفساد».

النازحون
على صعيد آخر، ومِن قصر بعبدا، ألقى الرئيس عون كرةَ النازحين في أيدي سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وسفراء الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وجامعة الدول العربية. وشرَح للسفراء مخاطر النزوح وآثارَه البالغة السلبية على الواقع اللبناني.

وعلمت «الجمهورية» أنّ عون عرض للسفراء تداعيات النزوح، مشيراً إلى أنّ نسبتهم بلغت 37 % من سكّان لبنان، إضافةً إلى النزوح الفلسطيني (153 نازح في الكيلومتر الواحد)، ونسبة 60% من نزلاء السجون سوريون، وهم متّهَمون بجرائم مختلفة، يضاف إليهم عدد المجموعات الإرهابية التي تشكّل خلايا نائمة في المخيّمات.

أمّا اقتصادياً فالنموّ في لبنان انخفضَ من 8,8% عام 2010 إلى 1,1 العام 2016 بعدما توسّعت موجة النزوح بدءاً من العام 2011 وبلغَ حجم الدين العام 146,5% من الناتج المحلي وإنّ 48% من طلاب المدارس الرسمية من النازحين وهم يعانون أوضاعاً مأساوية.

وقالت مصادر رئاسية لـ«الجمهورية» إنّ تحرُّكَ رئيس الجمهورية هذا، لن يقفَ عند هذا الحد، وهناك خطوات لاحقة سيعلن عنها في حينِه لمواصلة الجهود لتحقيقِ الهدف المنشود منه، وهو إزاحة ثِقل هذا الملف الضاغط عن كاهل اللبنانيين.

عون
وقال النائب ألان عون لـ«الجمهورية»: «إنّ رئيس الجمهورية عبّر خيرَ تعبير عن رؤيته لموضوع النازحين، وهو طالبَ المجتمع الدولي بالبدء بمسار عودتهم الآمنة إلى سوريا بدل الاستمرار في دعمِ بقائهم في البلاد التي تستقبلهم. كذلك فإنّ «التيار الوطني الحر» رَفع ورقته إلى الحكومة عبر وزير الخارجية جبران باسيل، وهو بانتظار تحديد جلسة لمناقشتها لتوحيد وجهةِ نظر اللبنانية للتعاطي مع هذا الملفّ».

 

 

اللواء :

لانه موسم الانتخابات، ستزداد المزايدات السياسية «وتلامس» «الخطوط الحمراء» دون ان تتجاوزها، «وثلاثية» اقرار الموازنة بعد 12 سنة من الغياب في مجلس النواب بدءا من اليوم، ستكون فرصة  لكل الاطراف  لاستعراض «عضلاتها» لكن الجميع محكومون بضوابط تبقي الامور تحت السيطرة، خيارات الجميع محدودة، وحدود «اللعبة» محكومة باستقرار مطلوب من الخارج قبل الداخل، فلا «خطابات» وزير الخارجية جبران باسيل، ولا ردود وزير الداخلية نهاد المشنوق، ونواب اللقاء الديموقراطي، ولا «الغضب» المتنامي للقوات اللبنانية من «اوعا خيك» التي حمل احزانها سمير جعجع الى استراليا، ولا «الحنق» المكتوم في عين التينة من «حليف الحليف»، او حتى علامات الاستفهام في حارة حريك من بعض «الشطحات»، يمكن ان تغير في قواعد «الاشتباك» السياسي المحكوم بوقائع يصعب تجاوزها، وقدرات محدودة لدى معظم القوى السياسية التي لا تملك سوى «الصراخ» لمحاولة استقطاب المزيد من الناخبين فوق «رقعة شطرنج» لا يوجد ضمن قواعدها «كش ملك»..
وازاء هذا المعادلة التي تتقاطع على تبنيها مصادر نيابية ووزارية من فريقي حكومة «ربط النزاع»، يمكن فهم تأكيد اوساط مقربة من بعبدا، عدم «رضى» رئيس الجمهورية ميشال عون عن كلام خطابي حيال مصالحة الجبل، وقد عبر الرئيس امام عدد من مستشاريه صراحة عن «انزعاجه» من المفردات التي لم تكن «موفقة» في مقاربة ملف وطني شديد الحساسية يحرص عون على ابقائه بعيدا عن السجالات والمواقف السياسية اليومية... ومن المرتقب حصول خطوات عملية «غير محددة» بعد لاعادة الامور الى نصابها في هذا الملف.
وفي سياق متصل، تؤكد اوساط تعمل على خط العلاقة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ان هذه العلاقة باتت تحتاج الى «صيانة» عاجلة قبل فوات الاوان، وسيتم الامر بعد عودة الدكتور سمير جعجع من جولته الخارجية، وقد انهت الدوائر المختصة في القوات ملف «مبكل» حيال تجاوزات التيار الوطني لتفاهم معراب، سيحمله معه «الحكيم» الى بعبدا، فيما تؤكد اوساط التيار الوطني الحر بان ما تسميه «القوات» بالتجاوزات ليس واردا في «التفاهم» وما يقوم به التيار الوطني الحر سياق سياسي طبيعي لا يمس مصالح الطرف الاخر الذي يطمح الى تطوير «التحالف»، لكن هذا الامر يحتاج الى نقاش سياسي جديد يتجاوز ما جرى التفاهم عليه في معراب، ويدخل ضمن قواعد مختلفة عن السابق.
 

 

 

 العلاقة بين الرئاستين


اما العلاقة بين الرئاسة الاولى والثالثة، فلا تحتاج برأي تلك الاوساط الى اي «مراجعة» لان الخطوط العامة المتفق عليها لا تزال سارية المفعول، ولم يتجاوزها اي من الطرفين، على الرغم من السجالات المتكررة بين باسيل والمشنوق، فرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ثبتا في اللقاء الاخير في بعبدا التزامات كل جانب اتجاه الاخر، ولم يبد اي من الرجلين رغبة في تبديل «قواعد اللعبة»، وقد حرص مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري بالامس على التأكيد للوزير باسيل بان كلام وزير الداخلية «شخصي» وليس موقف تيار المستقبل، نافيا ان يكون «التيار الازرق» في صدد الدخول في مواجهة مع العهد، وقد جرى تثبيت التفاهمات السياسية القائمة على ادراك كل طرف لحدود وقدرة الطرف الاخر على التحرك سياسيا في الداخل والخارج.
 

 ملف النزوح


وفي هذا الاطار لم تبد اوساط المستقبل اي «انزعاج» من خطوة رئيس الجمهورية بالامس ازاء استقباله سفراء الدول الخمس الكبرى في لبنان لابلاغهم بخطورة وضع النزوح السوري، والمحت الى ان هذه الخطوة نسقت مع رئيس الحكومة الذي لا يمانع باتخاذ اي خطوة في هذا السياق، طالما ان الاتصال المباشر مع الحكومة السورية لا يندرج ضمنها.. وكان رئيس الجمهورية قد عرض امام السفراء بحضور وزير الخارجية موقف لبنان من موضوع النازحين السوريين، وعبر رسائل خطية شرح مخاطر استمرار النزوح سواء السياسية او الاقتصادية او الامنية والانعكاسات التي سببتها على اليد العاملة اللبنانية بحيث ارتفعت نسبة البطالة بين اللبنانيين. واكد عون ان من مصلحة هذه الدول معالجة هذه القضية تلافياً لحصول انفجار لانه اذا حصل سيحصل نزوح معاكس برا وبحرا، واشار الى انه في الكيلومتر المربع في لبنان يوجد 153 نازحاً بينما ثمة 5 نازحين في الكيلومتر الواحد فقط في بعض الدول..ولفت الى ان امن لبنان مهم بقدر ما هو مهم امن النازح السوري، وان ثمة مناطق في سوريا خارج اطار الحرب ومناطق اخرى عاد اليها الهدوء، مشدداً على ان ما يطالب به لبنان هو عودة النازحين الراغبين وليس المقصود من لديهم مشاكل سياسية مع السلطة القائمة، وقال: «ما نطلبه هو عودة الامنين الذين هربوا نتيجة الحرب وان ما يطلبه لبنان يضع حداً لمعاناة النازحين ويمنع اي تداعيات على الساحة اللبنانية» دون ان يتم ربط ذلك بالتوصل الى الحل السياسي. وقال «ان وطني لم يعد قادراً على تحمل المزيد وهو يطلب من المجتمع الدولي والاسرة الدولية الاسراع بمعالجة قضية النازحين»... وبحسب اوساط مقربة من بعبدا فان هذا الاجتماع اليوم يعتبر «خطوة اولى» ستتبعها خطوات لاحقة، والرئيس ينتظر اجوبة وردودا محددة من المجتمع الدولي، واذا لم يحصل ذلك فان ايجاد صيغة للتواصل مع الحكومة السورية يصبح حتميا... فالرئيس بالامس وجه «رسائل» للداخل والخارج مفادها «اللهم اشهد اني قد بلغت»...
 

 المزيد من الواقعية؟


في هذا الوقت اكد رئيس الحكومة سعد الحريري  من روما استمرار التعاون مع حزب الله في الامور «الصغيرة» «والكبيرة» لحماية الاستقرار اللبناني، وهو موقف يؤكد تمسك رئيس تيار المستقبل باستراتيجية «ربط النزاع» مع الحزب، اوساط وزارية بارزة تؤكد ان هذا الموقف غير مستغرب وياتي في سياق طلب المملكة من رئيس الحكومة التعامل مع الواقع اللبناني بالمزيد من الواقعية السياسية التي ازدادت تجذرا بعد عودة الملك سلمان من زيارته الى موسكو، وبحسب معلومات تلك الاوساط تبلغ رئيس الحكومة من وزير خارجية المملكة عادل الجبير حصيلة  الزيارة، وفي خلاصة الموقف السعودي ان لا شيء جديداً في الساحة اللبنانية، اما في سوريا فتمت الموافقة على مندرجات اتفاقات آستانة، من خلال التعامل بواقعية مع حتمية بقاء الرئيس السوري بشار الاسد، لكن بقيت المشكلة الوحيدة العالقة هي نفوذ ايران في سوريا...
ولفتت تلك الاوساط، الى ان ما فهمه الحريري ان الرياض لا تريد تحميله ما  يتجاوز قدراته، واذا كانت دولة كروسيا عاجزة عن «التأثير» في هذا الملف، لن يكون الحريري قادرا على ايجاد حل له، فملف ايران وحزب الله في سوريا حمله العاهل السعودي الى موسكو وطالب من الرئيس بوتين  المساعدة على انهاء النفوذ الايراني في سوريا الجديدة، وتساءل عن مدى امكانية لعب موسكو هذا الدور على حساب الدور الايراني، الذي سيتراجع حكما في لبنان اذا ما تراجع في سوريا..
وبحسب معلومات دبلوماسية في بيروت ابلغ الرئيس الروسي ضيفه بصراحة ان هذه القضية ليست اولوية في اجندة بلاده، وهو ابدى نوعا من الحذر الشديد خلال مقاربته لهذه المسالة وأبلغ الملك سلمان بأن موسكو لا تستطيع  ان تعد بشيء بخصوص تطور العلاقة بين الأسد وطهران، وتحدث امامه عن «الواقعية السياسية» التي تعني أن موسكو غير قادرة على إجبار الأسد بالابتعاد عن إيران لكن موسكو وبحكم علاقاتها مع الطرفين يمكن أن تساعد في جعل تلك العلاقة أكثر إيجابية في التأثير بملفات المنطقة.
 

 «النموذج السيىء»


وتلفت تلك الاوساط الى ان الحريري كان حاضرا كنموذج «سيىء» في ادارة الحكم في لبنان خلال زيارة الملك سلمان الى موسكو، فالملف الاخر الذي حمله الملك معه كان حلا سوريا على طريقة «الطائف» اللبناني، اي تشكيل حكومة وحدة وطنية بصلاحيات أوسع لرئيس الحكومة، تقودها شخصية مقربة من  السعودية يمكن أن تؤثر مستقبلا في سياق العلاقة  مع طهران، لكن اقتراحه اصطدم باشكاليتين، الاولى النفوذ التركي الذي يرفض اي حصة وازنة للمملكة في الـ«كعكة» السنية في سوريا الجديدة..اما الاشكالية الثانية فكان فشل تجربة الطائف اللبنانية في اعادة تصويب التوازن في الحكم مع الموارنة والشيعة، وفي هذا السياق كان «طيف» الحريري حاضرا لجهة فشله في ابقاء التوازنات على حالها مع رئيس الجمهورية وتراجعه امام «سطوته» في الحكم، وكذلك فشله في مواجهة نفوذ حزب الله الذي يتحكم بمفاصل الدولة ويدير سياساتها الخارجية ويؤثر جدا في السياسة الداخلية، وبيده قرار «الحرب والسلم».. 
 

 العودة الى الحكومة


وهكذا عاد الملك سلمان الى المملكة بانطباع ان فرص نجاح هذا الامر في سوريا تبدو «معدومة»، وفشل الطائف اللبناني يعني حكما فشل محتم للطائف السوري.. وقد عاد السعوديون من موسكو دون استراتيجية بديلة لمواجهة نفوذ ايران وحزب الله، الاتكال في المملكة على استراتيجية الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ولهذا لم يطلب احد في الرياض من الحريري الاقدام على اي خطوة، يدركون هناك ان الحريري الابن ليس كوالده، ويدركون ايضا ان ظروفه مغايرة، ولذلك مهمته الان  الحفاظ على «الارث» السياسي لرفيق الحريري  واذا تم ذلك سيكون الامر انجازا، ولذلك تعتبرالانتخابات النيابية المقبلة محطة مفصلية، وعودته الى حكومة ما بعد الانتخابات تشكل الاولوية المطلقة وهذا لا يتم الا بالتفاهم مع رئيس الجمهورية وحزب الله..

 

 

الاخبار :

على وقع الصواريخ السورية والاسرائيلية، وإدراكاً من صنّاع القرار في تل أبيب لخطورة الرسالة الصاروخية السورية، التي لم تستطع إسرائيل تجاهلها وردّت عليها برسالة مضادة مشابهة، أكد وزير الامن الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن إسرائيل «تتصرف بمسؤولية وحزم»، مشدداً على أن إسرائيل «لن تسمح لإيران وحزب الله بتحويل الاراضي السورية الى موقع متقدم ضد إسرائيل، ولن نسمح بنقل السلاح المتطور من إيران، عبر سوريا الى لبنان».

واختار ليبرمان إطلاق هذه المواقف خلال لقاء مع نظيره الروسي سرغي شويغو، جمع إليهما كلاً من رئيس الأركان غادي آيزنكوت، ورئيس شعبة الاستخبارات اللواء هرتسي هليفي ورئيس الشعبة الأمنية السياسية زوهر بلتي.
من جهته، أصدر رئيس وزراء العدو بياناً أكد فيه أن «سياستنا واضحة، من يحاول ضربنا سنضربه»، موضحاً أنه «جرت اليوم محاولة لاستهداف طائراتنا، وهذا غير مقبول بالنسبة لنا». وأضاف نتنياهو أن «سلاح الجو عمل بدقة، وسرعة، ودمر ما ينبغي أن يتم تدميره». وفي رسالة تهدف الى القول إن هذا الاستهداف لن يردع العدو عن مواصلة الاعتداءات في سوريا، قال نتنياهو: «سنواصل العمل في المنطقة كلمّا تطلب الدفاع عن أمن إسرائيل ذلك».
وبرّر وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس الاستهداف الاسرائيلي لبطارية سلاح الجو السورية بالقول إنه «تم تجاوز الخط الأحمر، ولن نسمح بذلك». وأقرّ بحساسية الوضع، مشيراً الى أن السياسة الاسرائيلية «حذرة وصحيحة، وهي تدمج بين الهجوم والحكمة السياسية والرؤية الدولية». في المقابل، ذكرت القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي أن «تقدير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنه لا يتوقع تصعيداً في أعقاب الحادثة الموضعية، لكن الاستثنائية، التي وقعت هذا الصباح في الشمال». وأضافت القناة أن إسرائيل وجّهت رسالة إلى سوريا مفادها أنها «غير معنية بالتصعيد».
وتساءل معلق الشؤون العسكرية في القناة نفسها، ألون بن ديفيد، عمّا إذا كان وزير الدفاع الروسي أحضر معه «قيوداً لإسرائيل، وهل سيقول الروس لإسرائيل كفى؟». وأضاف أن «هناك منظومات في سوريا يمكن أن تعيق عمل سلاح الجو الإسرائيلي. الآن المنظومات الروسية خارج اللعبة، الأمر يتعلق فقط بمنظومات سورية تعمل ضدنا». وأعاد بن ديفيد التذكير بأن «الحديث الأخير مع الروس لم يكن لطيفاً بعد الهجوم السابق» (الغارة الإسرائيلية على مصياف في حماة السورية قبل نحو شهر)، مؤكداً أن «المحادثة على الخط الساخن بين سلاح الجو والقيادة الروسية في سوريا لم تكن جيدة».
وتناول معلق الشؤون العسكرية في القناة الثانية، روني دانييل، أهمية تحليق الطائرات الاسرائيلية فوق الاراضي اللبنانية، بالقول إن «هناك حاجة أمنية فعلية لمواصلة جمع المعلومات، عن كل ما يحدث حولنا»، مشيراً الى أن «حزب الله هو التهديد الأكثر فاعلية على الحلبة الشمالية، وهذا ما كان يحصل اليوم، فلقد كان هناك طلعة جوية تصويرية يفترض أن تتابع استعدادات حزب الله والصواريخ التي يحصلون عليها، كذلك تحصيناتهم، فوق الأراضي اللبنانية». وأضاف دانيال أن ما قامت به إسرائيل هو «نقل رسالة قاطعة وواضحة». ودعا الى عدم الاستخفاق بحزب الله، «ولكن يجب عدم الخوف منه»، ولفت الى ضرورة عدم الاستخفاف بالرسالة السورية والموقف السوري «إنهم سيردّون، لكن هنا أيضاً لست متأكداً من أن الأمر سيحصل».
في السياق نفسه، ذكر موقع يديعوت أحرونوت أن ما جرى ينطوي على أهمية كبيرة جداً، باعتبار أن «الطائرات المأهولة التابعة لسلاح الجو والطائرات المسيّرة تحلق بشكل دائم في الأجواء اللبنانية لتعقّب عملية تسليح حزب الله وتحصينه، وأن إطلاق النار من قبل السوريين على الطائرات الإسرائيلية فوق الأراضي اللبنانية يشكل تآكلاً وضربة لقدرة الجمع الاستخباري» الإسرائيلي.