بسم الله الرحمن الرحیم
 
السيدات والسادة
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته

إنه لَمِن دواعي السعادة والامتنان أن أتشرف باستلام هذه الجائزة التكريمية بحضوركم الكريم، في الوقت الذي اَعتَبرُ استلام هذه الجائزة فخرا لي فأنني أود أن أنوّه بأنها تعد تقديراً للجوهر الحقيقي للدين الإسلامي ولرسالته في إشاعة المحبة وتعزيز السلام والعدالة الاجتماعية  والتعايش الإنساني من خلال التأكيد على الوسطية والاعتدال والاحترام للكرامة البشرية.
 
وأكد أيضاً أنني اَعتَبرُها تكريما للحوزة العلمية والمرجعية الدينية العليا ولمدينة السلام  النجف الأشرف في العراق والتي تدافع دائما عن تلك المبادئ النبيلة. هذه المدينة تاريخياً تعتبر مركزا ً لتدريس العلوم الدينية في الاسلام المستمد من مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
 
إن مدرسة النجف الاشرف ترى دور علماء الدين لا يقتصر على الدور الثقافي والتربوي فحسب بل ان لهم دورا رياديا من أجل تعزيز العدالة الإجتماعية والتعايش السلمي وتعزيز المواطنة ما يجعلهم صوتاً للجماهير وخاصة الفئات المحرومة والمستضعفة في المجتمع. إن دور علماء الدين يتجلى بتعزيز السلام ونبذ العنف والتطرف والإرهاب والتمييز والإقصاء والتهميش على كل المستويات وبين مختلف الأديان والمذاهب والأعراق واحترام حقوق جميع المكونات وعدم الإعتداء على رموز ومقدسات الآخرين.
 
إن الدور الإيجابي الذي يمكن أن تقوم به القيادات الدينية من أجل تعزيز التعايش السلمي بين المجتمعات لا يزال غير مستثمر إلى حد كبير من قبل المؤسسات والمنظمات الدولية والمحلية وإن هذا الدور للقيادات الدينية لايتمّ بالطريقة المثلى إلا بالابتعاد عن التدخل في الشؤون السياسية مباشرة لأن دور علماء الدين يتجلى بالحفاظ على القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية العليا من دون الوقوع في إخفاقات المناورات السياسية التي تسعى في كثير من الأحيان إلى مكاسب سياسية ومادية على أساس مصالح ذاتية ضيقة وشخصية بدلا من التمسك بجوهر القيم والمبادئ الأساسية.
 
لقد ساهمت الحوزة العلمية في النجف الأشرف وما زالت بإبراز الدور الإيجابي  للدين متصدية للقوى التي تحاول إساءة إستخدام الدين لتأجيج الخلافات الطائفية لخدمة مصالح ضيقة سياسية وشخصية وإقليمية. وقد رأى الجميع ما قامت به المرجعية الدينية العليا للمسلمين الشيعة في العالم بزعامة الإمام السيستاني من دور فعال لوقف التوترات الطائفية.
 
وللأسف فقد برزت في عالم اليوم أقلية متطرفة من الأصوات تمارس الإرهاب باسم الدين وتدعو إلى التكفير والكراهية، بدلا من ابراز الدور الإنساني للدين في الحياة العامة . وكلنا يشهد اليوم كثيرا من الجرائم البشعة من الهجمات العشوائية التي تستهدف المدنيين الأبرياء، وتدمير دور العبادة والمزارات واضطهاد للأقليات الدينية والعرقية في أجزاء كثيرة من العالم.
 
أملي ودعائي أن تشكل هذه الجائزة تفعيلا لمساهمتنا في إحلال السلام والمصالحة بين الشعوب ووضع برامج حقيقية فاعلة لحل النزاعات لخدمة جميع شرائح المجتمع. إننا نطمح أن يصل دور علماء الدين الى مرحلة أكثر تقدماً لبناء مجتمعات مستقرة والمساعدة على معالجة مشاكل المجتمع كالفقر والحرمان الإجتماعي، وتعزيز الرعاية الإجتماعية والإهتمام بالبيئة، وتشجيع المواطنة الصالحة، وإحترام دور القانون.
 
كما يجب العمل لتعزيز علاقات أفضل بين الأديان وجعل المراكز الدينية مراكز معنية بالتماسك الإجتماعي والإهتمام بشؤون المرأة والشباب والأسرة.
 
وفي الختام يجب ألا ننسى أن نقف ضد الظلم والإضطهاد والتهميش في مختلف أنحاء العالم لدعم حرية الشعوب وإرادتها  والوقوف أي إنتهاكات لحقوق الإنسان الأساسية.
بإسمي وبإسم زملائي في بغداد والنجف أشكركم جزيل الشكر على حسن الإستماع، وأسأل الله تعالى أن يبارك لكم جمیعاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.