العلاقة بين الرئيس روحاني والحرس الثوري كانت فاترة و متوترة خلال السنوات الأربع الماضية
 

في متحف بيونغ يانغ التاريخي وُضعت وثائق تاريخية تتعلق بكوريا الشمالية على مرّ العصور ومن تلك الوثائق رسالة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون الشهيرة إلى كيم إيل سونغ زعيم كوريا الشمالية السابق التي تعهد فيها الرئيس الأميركي تقديم الدعم والمساعدات لكوريا الشمالية بعد تفكيكها منشآت التخصيب للماء الثقيل وتجهيزها بمنشآت إنتاج الماء الخفيف، وتستدل حكومة كوريا الشمالية إلى تلك الوثيقة لنكث الأميركيين وعدهم وأن التنازل أمام العدو لن يخرج بنتائج إيجابية وأن الولايات المتحدة غير قابلة للثقة.
وخلال كلمته المثيرة في الإجتماع الوزاري يوم الأمس الأول قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: "إن العالم يعرف الآن من هي الدولة المارقة؟" وهكذا ردّ روحاني على نظيره الأميركي الذي عبّر خلال كلمته في الأمم المتحدة عن إيران بأنها دولة مارقة وقبيل إعلان الرئيس الأميركي عن خروج بلاده من الإتفاق النووي يبدو أن الإيرانيين متضامنون ومتوحدون أكثر من الأعوام السابقة وبينما كان موضوع المفاوضة مع الدول الكبرى بشأن القضية النووية الإيرانية محل النقاش والسجال والشقاق بين مختلف الأطراف السياسية في طهران لكن تهديدات ترامب الأخيرة تمكنت من توحيد الصفوف في الداخل الإيراني وكان لافتًا أن الرئيس روحاني قدم دفاعًا مستميتًا عن الحرس الثوري بعد تزايد التوقعات من إدراجها على لائحة المنظمات الإرهابية من قبل ترامب، وحظّر روحاني من التداعيات الخطيرة لإعتبار الحرس الثوري وهو حقيقة جيش إيران الثاني بجانب جيشها التقليدي.
وأشار روحاني إلى دور الحرس الثوري الإيجابي في العراق وسوريا ولبنان ومكافحته للإرهاب وشعبيته لدى شعوب تلك المنطقة.
علمًا أن العلاقة بين الرئيس والحرس الثوري كانت فاترة ومتوترة خلال السنوات الأربع الماضية لكن الإيرانيين أثبتوا تاريخيا بأنهم يضعون خلافاتهم جانبًا بحال شعورهم بأي تهديد أجنبي ويعرفون جيدًا كيف يديروا خلافاتهم عائليًا حتى لا يستغلها العدو الأجنبي.

إقرأ أيضًا: ماذا يعني إدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب ؟

إقتصاديًا ترك القرار المتوقع الأميركي بالخروج من الإتفاق النووي تأثيرًا على سوق العملة الأجنبية حيث شهد الدولار الأميركي إرتفاعًا ملحوظًا وصل إلى 15 في المائة خلال الأيام ماضية. 
ويرى المحللون الإقتصاديون أن أسبابًا أخرى ومنها إقتراب موعد أربعينية الإمام الحسين التي تشهد حج الشيعة الشعبي من مختلف البلدان وخاصة إيران إلى العراق لزيارة مقام الحسين الشهيد بكربلاء.
إن خروج الولايات المتحدة من الإتفاق النووي سيجعل من أي تحسن في العلاقات بينها وإيران أمرًا صعبا وأي مفاوضة معها سيكون شبه مستحيلة وستفقد الولايات المتحدة ثقة الشعب الإيراني وليس النظام فقط، بحال خروجها منه فإيران ليست منظمة دولية مثل الأونيسكو حتى يكون من السهل الخروج من العهد أو العقد معها والعودة مجدداً.
إن إيران أكبر من أن تندرج في مخيلة الرئيس ترامب وقد فهمها وتفهمها باحث أميركي موظف لدى الإستخبارات الخارجية الأميركية غراهام فولر الذي عنون كتابه القيم بـ "إيران: قبلة العالم".
والرئيس الخارجي ترامب الذي لديه شغف بالخروج من وعلى المواثيق والعهود أن يعرف بأن الخروج عن الإتفاق مع إيران سيكلف بلاده أكثر وأكبر من إيران، أول تلك التكاليف هو إثبات مظلومية إيران وبراءتها وأن الولايات المتحدة هي دولة ناكثة ومارقة ولا يمكن الثقة بها كما أكّد عليه المرشد الإيراني علي خامنئي مرات عدة. 
إن خروج ترامب من الإتفاق النووي إنتصار كبير لإيران وهزيمة جديدة لترامب ستدفع ثمنها الولايات المتحدة غاليًا.