يستعدّ الرئيس دونالد ترامب لتبنّي استراتيجية جديدة إزاء إيران تفتح خط مواجهة معها، مباشرة وغير مباشرة، وترسم منعطفاً أساسياً يشكّل انقلاباً على نهج سلفه باراك أوباما، ويبدّل المسار الاستراتيجي لواشنطن في المنطقة، لا سيّما إذا أدرجت واشنطن «الحرس الثوري» الإيراني على لائحة التنظيمات الإرهابية وشددت عقوبات على «حزب الله» اللبناني.
وأعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، أن بلاده ترغب في الحفاظ على الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست، «ولكن ليس بأي ثمن»، وزاد: «إما أن يبقى الجميع ملتزمين الاتفاق أو يخرج الجميع». وحذر من أن إدراج واشنطن «الحرس الثوري» على لائحة الإرهاب يشكل «إعلان حرب» على إيران.
وكرّر ترامب تنديده بالاتفاق، إذ قال لشبكة «فوكس نيوز» إنه «الأسوأ إطلاقاً»، وزاد: «لم نجنِ منه شيئاً. أبرمناه من منطلق ضعف فيما أننا نتمتع بكثير من القوة». وأشار إلى أنه سيعلن «قريباً جداً» قراره في شأن مصيره.
ودعا رئيس مجلس النواب الأميركي بول راين، إلى وضع استراتيجية شاملة في شأن إيران، منبّهاً إلى أن ممارساتها ساءت منذ إبرام الاتفاق.
ولدى ترامب مهلة حتى الأحد لإبلاغ الكونغرس هل تلتزم إيران الاتفاق، وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن الرئيس قد يبلغ المجلس بأن الاتفاق ليس في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، على رغم التزام طهران. واستبعدت أن يطالب الكونغرس بإعادة فرض العقوبات التي رُفعت بموجب الاتفاق.
وأشارت إلى ان ترامب يميل إلى دفع أعضاء الكونغرس لتعديل قانون يُلزم الرئيس المصادقة على التزام إيران الاتفاق كل 90 يوماً. وأضافت أن هناك نسخاً جديدة لتعديل القانون بحيث تصبح مهمة الرئيس في هذا الصدد نصف سنوية، لا فصلية.
وتحدثت عن مشروعَي قانون يوسّعان معايير المصادقة الأميركية على الاتفاق، بحيث تشمل بنوداً هي من مهمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتطلب من أجهزة الاستخبارات الأميركية تحديد هل تنفذ طهران نشاطات غير مشروعة في منشآت لا تفتّشها الوكالة.
كما ستطالب المصادقة أجهزة الاستخبارات، بإصدار أحكام تطاول سلوكيات إيرانية، لا يشملها الاتفاق النووي، بما في ذلك اختبار صواريخ باليستية وتطويرها، ودعم «حزب الله» ونظام الرئيس بشار الأسد، وتشكيل تهديد بالنسبة إلى إسرائيل والشرق الأوسط. ويُرجّح أن يأمر ترامب فريق الأمن القومي بتصعيد الضغط على الدول الموقعة على الاتفاق، لإصلاح ما يعتبره أبرز إخفاقاته.
ولفت مسؤولان أميركيان إلى أن اللغة النارية لترامب تزعج كثيرين من مساعديه، وبعضاً من أقرب حلفاء الولايات المتحدة والذين سأل بعضهم مسؤولين أميركيين هل يسعى الرئيس إلى شنّ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية. وقال مسؤول إن النقاش في شأن إيران أزعج كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي ووزيرَي الدفاع جيمس ماتيس والخارجية ريكس تيلرسون «الذين حاولوا نصح الرئيس بأن هناك أخطاراً كبرى في المسار الذي سيختار المضيّ فيه. لكن الجميع يسلّم بأنه صاحب القرار».
وكان أوباما يأمل لدى دخوله البيت الأبيض بإنهاء العداء مع إيران، كما فعل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون مع الصين. وتفادى أوباما طيلة عهده مواجهة مباشرة مع طهران، سواء في العراق أو سورية أو لبنان أو في أمن الخليج. وجاء الاتفاق النووي ليكرّس هذه المعادلة، وكانت التوقعات لدى إبرامه عام 2015 أن يشكّل محركاً لتغيير سلوك إيران وتحفيز اعتدال في سياستها، إقليمياً ودولياً.
لكن أجهزة الاستخبارات الأميركية ترى أن رهان أوباما فشل، مشيرة إلى أن السياسة الإقليمية لإيران ازدادت توسعاً وتشدداً منذ توقيع الاتفاق. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ «الحياة» في هذا الصدد، إن واشنطن «قلقة جداً من الأفعال التحريضية لإيران ودعمها الإرهاب وزعزعتها استقرار المنطقة»، مضيفاً: «نحن ملتزمون محاسبتها على سلوكها».
ورجّح الخبير في معهد الدفاع عن الديموقراطيات أمير توماج، أن تدرج الإدارة «الحرس الثوري» على لائحة وزارة الخزانة للإرهاب. لكن جيمس دورسو، وهو رئيس مؤسسة «كروس آير» الاستشارية وضابط سابق في البحرية الأميركية، قال لـ «الحياة» إن هذا الأمر سيأتي بـ «عواقب سيئة على الجيش الأميركي».
إلى ذلك، قال ناطق باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إن لندن لن تتكهن في شأن ما سيحدث إذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. وأعلن مسؤول في الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتزم زيارة طهران بحلول نهاية العام، للمشاركة في اجتماع يضمّ نظيريه الإيراني والأذري.