يبدو أن هناك من يساوي بين الإثنين فيضع داعش وحزب الله بمرتبة واحدة وعليه قامت الولايات المتحدة باتخاذ تدابير بحق حزب الله بعد أن شارفت أعمال التخلص من داعش على نهايتها
 

لا مجال للمقارنة بين فصيلين إسلاميين مختلفين في النوايا وفي الأهداف والأدوار رغم إنتسابهما إلى الإسلام الجهادي وإلى المشروع الديني وضرورة قيام الدولة الإسلامية باعتبارها الحل الإلهي للحصول على نعيم الدنيا وجنة الآخرة ورغم توافقهما الدائم والإستراتيجي على أن أميركا هي الشيطان الأكبر.
نحن أمام تنظيمين أثبتا قدرات هائلة وكفاءات قتالية عالية ولكن باتجاهات مختلفة وضعت تنظيم داعش في خانة الإجرام الدولي ولم يدعم هذا التنظيم أحد في العلن وشكلت الولايات المتحدة الأمريكية حلفاً دولياً لمقاتلة دولة الخلافة وإنهاء حضورها في العراق وسوريا وأبقت حزب الله في خانة المقاتل للإرهاب فسمحت له أميركا في المشاركة للقضاء على الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش كما سمحت لروسيا وإيران تبرير وجودهما في سوريا بهدف قضائهما على الارهاب.
بين تنظيم مجرم من خلال تجربته البشعة وبين حزب مقاوم لا مجال للتفاضل بين جهادين واحد له من يبرره وآخر لا تبرير له وهذا ما جعل من داعش عدوًا للعالم أجمع في حين أن حزب الله يتمتع بتأييد ضيق دوليًا ويتسع شعبيًا ولولا مشاركته في الحرب السورية لكان راية مرفوعة على كل بيت عربي ولكن شاءت المصالح السياسية أن تضع الحزب وسط هذه المصالح لتجعل منه طرفًا في حروب كل من دخلها خسر ولم يربح الا المزيد من الخسائر.

إقرأ أيضًا: أباطرة الشرق الأوسط

يبدو أن هناك من يساوي بين الإثنين فيضع داعش وحزب الله بمرتبة واحدة وعليه قامت الولايات المتحدة باتخاذ تدابير بحق حزب الله بعد أن شارفت أعمال التخلص من داعش على نهايتها باستكمال التنظيف من وراء الإرهاب في العراق واسترجاع ما سيطر ويسيطر عليه التنظيم من مُدن سوريا وتبيّن من خلال الدعوة الأمريكية لمحاربة حزب الله أن هناك استحضارًا لخطة مدروسة لإنهاء ملف التنظيمات الجهادية والتي بدأت بتنظيم داعش.
ليس من قبيل الصدفة أن يحصل التوافق الفلسطيني – الفلسطيني وأن تسلم حماس ما أخذته من السلطة الفلسطينية وأن تضع العلاقات الفلسطينية على سكة السلامة وأن يمر كل ذلك من الممر المصري الإلزامي بحكم السياسة والجغرافية بعد أن فشلت محاولات عديدة من قبل المصريين أنفسهم وآخرين من دول مؤثرة في الوضع الفلسطيني فما الذي استجد كي ترضخ حماس للشروط المسبقة وتسلم ما أخذته بقوّة السلاح على طبق من ذهب لحركة فتح لتفتح بذلك مرحلة جديدة في الحياة السياسية الفلسطينية؟
تفيد مصادر مطلعة إلى أن حماس أدركت ومن خلال معلومات وفرتها لها قيادة جماعة الاخوان المسلمين بأن أميركا جادة في التخلص أو في تحجيم أدوار الحركات الإسلامية الجهادية وما نهاية دور داعش الا مقدمة لإنهاء الأدوار الأخرى والمتصلة بالإسلام الجهادي لا السياسي وهذا ما يتطلب انخراط الجهاديين في الأعمال السياسية وإلقاء البندقية ريثما تنضج ظروف أفضل وبغية تمرير مرحلة قناعة أميركا بمحاربة الجهاديين الإسلاميين أيًّا كانوا وتحتى أيّ مسمى فطالما أنهم يحملون السلاح فهم مصدر للإرهاب وعلى أميركا وحلفائها مواجهة هذا الإرهاب.

إقرأ أيضًا: ملك القيصر أم قيصر الملك؟
من هنا لم تكن مبادرة حماس خدمة إنسانية تبرعت بها للشعب الفلسطيني كي يتخلص من عبء الإنشقاق الداخلي بل هي مبادرة مفروضة عليها لتقطيع مرحلة صعبة لا تريد حماس أن تكون كبشًا لها فأرادت حماية نفسها والتماهي مع العمل السياسي الذي يفرض عليها استجابة مع الدعوات العربية والغربية في تصحيح المسار السياسي الفلسطيني على قاعدة التمسك بشرعية السلطة الفلسطينية ودون السلطة لا شرعية لحماس.
في العودة الى حزب الله ومحاصرة أميركا له من خلال دفع ملايين الدولارات للحصول على معلومات تخص قياديين بارزين فيه ومن خلال الدعوة لمحورأو حلف لمحاربة الحزب يبدو أن أصحاب هذه الرؤية أقرب الى حقيقة الموضوع من إعتباره مجرد احتمال ومن هنا سيتماهى حزب الله أكثر مع مشروع اللبننة الذي وفر له أكثر من غطاء وطني حماه من ظروف قاسية ومرّة.
يبدو أن لقاء كليمنصو بين أقطاب السياسة اللبنانية احتمال كبير على ما ورد لحاجة حزب الله الى أقوياء في الخارج لتحسين مستوى الصورة في مرحلة كستها سوادًا عربيًا وغربيًا وباتت بأمس الحاجة الى من يمسح عنها هذه الكثافة خاصة وأن أميركا قد أعلنت عن سواد قاتم في الصورة الحزبية من هنا يحُسن الرئيس بري كعادته في تلميع الصور ويبدو أن الإنتخابات النيابية أداة أساسية في تحسين صورة المشهد السياسي لصالح حزب الله من خلال تحالف يتسع لحلفاء المملكة العربية والولايات المتحدة الأمريكية مما يعني أن هناك ولادة لدور منقذ للحزب مما يحضر له الشيطان الأكبر.