يتلقى حزب الله التهديدات والضغوط التي يتعرّض لها دولياً بهدوء. يعتبر أن سبب الضغوط والحملات السياسية والإعلامية التي تشنّ عليه، تزامناً مع العقوبات المالية، نتيجة اعتراضية على النتائج التي حققها عسكرياً وسياسياً، سواء أكان في لبنان أم في سوريا. ويرى الحزب أن اتساع رقعة انتشاره وتوسعه، وتنامي قدرة تأثيره، هما السبب الأساس وراء كل ما يتعرّض له. ولا شك أن ثمة مقاربات جديدة لحقيقة الوضع في لبنان والمنطقة، بدأت تظهر طلائعها من خلال التطورات والتصريحات الاقليمية والدولية.

تتزامن هذه المقاربات، مع إعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب استراتيجية بلاده تجاه طهران، ووضع الخارجية الأميركية مكافآت مالية لمن يقدّم معلومات عن قياديين في الحزب، بالإضافة إلى التصعيد السعودي ضده. ما يعني أن ثمة تحولات قد تعصف بالمنطقة في الفترة المقبلة. ويرتبط ذلك بالتصعيد الكلامي الإسرائيلي الذي جاء على لسان وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي اعتبر أن الحرب المقبلة ستكون على لبنان وسوريا معاً. لا يقيم حزب الله أي اعتبار لهذا الكلام، ويعتبر أنه جزء من حملة تهويل لن تقدم ولن تؤخر، ولن تكون مرتبطة بأي فعل سياسي أو عسكري. ويستبعد الحزب حصول أي تطور على هذا الصعيد.

أما بشان العقوبات المالية والإجراءات الخليجية المرتقبة، ففيما تلفت مصادر متابعة إلى أن الحزب منزعج جداً من ذلك، وقد يتأثر سلباً إلى حدّ بعيد، يبدو أن المسألة ليست كذلك بالنسبة إليه، إذ يقول قيادي فيه إن هذه الإجراءات لن تقدّم ولن تؤخر، باستثناء العقوبات المالية الأميركية التي ستطال البيئة الحاضنة للحزب، وهي بطبيعة الحال من المواطنين اللبنانيين. أما الحزب، مؤسساته وقيادات، فلن يتأثر لأن ليس لدى مؤسساته وقياداته حسابات مصرفية، وهو لا يعتمد أي تعاملات أو تحويلات مصرفية.

ويشير القيادي إلى أن من سيتأثر بالعقوبات المالية، هو المجتمع اللبناني والإقتصاد الوطني. ما يوجب على الحكومة والجهات الرسمية معالجته لتفاديه، مؤكداً أن العقوبات لن تؤدي إلى أي تغيير في نشاط الحزب، بل سيبقى مصمماً ومتقدّماً في المجالات التي بدأها. أما بشأن التصعيد السعودي، فيرى الحزب أنه لن يخرج عن الإطار الكلامي، لأن السعودية لن تكون قادرة على إحداث أي تغيير في لبنان أو في المنطقة، ولأنها تريد إنشاء تحالف دولي ضد الحزب، لكنها لن تنجح في ذلك.

ويعود القيادي في الحزب إلى كلام الأمين العام السيد حسن نصرالله، حين قال إن الحزب لا يريد حصول أي فتنة في الداخل اللبناني، ويريد المحافظة على التسوية. ويعتبر أن تيار المستقبل هو أكثر المتمسكين بهذه التسوية، لأنه من دونها وفي حال الإنقلاب عليها، فإن رئيسه سعد الحريري سيصبح خارج السلطة. وهذا ما يرفضه الحريري.

عدا عن الحريري، لن يكون بإمكان السعودية فعل شيء في لبنان، لأن حصانها الرابح والقادر على تغيير موازين القوى والتوازنات هو المستقبل. والمستقبل ليس في هذا الوارد في هذه المرحلة، حسبما يقول الحزب. وفي ظل معلومات تتحدث عن أنه تم قبول السفير السعودي الجديد في لبنان وليد اليعقوبي، الذي قد يتم الإعلان عنه في الأيام المقبلة، تلفت مصادر متابعة إلى أن هذا الجو الذي يتحدث به الحزب، سيعكسه الحريري بشكل صريح وواضح أمام المسؤولين السعوديين خلال زيارته المقبلة إلى المملكة العربية السعودية، التي قد تحصل بعد زيارته إلى إيطاليا. ويعتبر القيادي أن الحريري أراد من خلال اللقاء الثلاثي مع الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، إيصال رسالة إلى السعودية بأنه غير قادر وحده على مواجهة حزب الله، وهو بحاجة إلى هذين الرجلين لخوض أي معركة أو مواجهة ضد الحزب، وبما أن الرجلين ليسا في هذا الوارد حالياً، فهو لن يكون قادراً على المواجهة وحيداً.

يجزم الحزب أن العقوبات لن تؤثر على عمله، وهي ليست المرة الأولى التي يتعرض لها إلى عقوبات، ولكن بالتأكيد لا شك أن حزب الله ليس على جزيرة معزولة، وقد يتأثر كما يتأثر الناس والإقتصاد. وهذا ما يجب أن يواجه رسمياً. بالتالي، فإن التأثير سيكون محدوداً ولن يؤدي إلى أي أذى على نشاط الحزب. ويؤكد الحزب أن التسوية باقية، والحكومة مستمرّة. كذلك الحفاظ على الوضع الأمني. والجميع الآن يتجه إلى الإعداد للانتخابات النيابية.