لبنان شارف على الإنهيار من كافة النواحي الإقتصادية والمالية والإجتماعية والمعيشية
 

قد يراود إبليس اللعين المدحور والمذموم أملا والله العالم بأن يستظل تحت خيمة رحمة الله التي وسعت كل شيء ويجتاز العقبة التي تحول دون تنعمه بحنان الفردوس ويدخل ليتلطى بزاوية في جنة عرضها عرض السماوات والأرض لكن من المستحيلات المعقدة والعجائب المحظورة أن يراود الشعب اللبناني بصيص أمل بالإنتقال من حظيرة المزرعة إلى رحاب الوطن ومن حكم العصابات إلى حكم الدولة. 
فالطبقة السياسية التي استأثرت بالحكم منذ ما يقارب الثلاثة عقود أي منذ إتفاقية الطائف أواخر ثمانينات القرن الماضي ولا زالت متسلطة على رقاب البلاد والعباد فإنها أمعنت في ضرب الركائز الأساسية لبنيان الوطن وعمدت إلى إضعاف دور المؤسسات الشرعية للدولة والأجهزة والإدارات وحولتها إلى دكاكين وأملاك خاصة مستندة بذلك إلى دعم جهات حزبية وقوى سياسية ونتج عن ذلك إنحراف أخلاقي في سلوك المجتمع ضاعت معه المقاييس القانونية والموازين الشرعية لدرجة غابت معها الإستقامة والأمانة والصدق والشفافية وتحولت إلى إستثناءات نادرة في بعض السلوكيات فيما شاع الفساد في كل مفصل من مفاصل المشهد السياسي اللبناني وفي كل زاوية من زوايا الإدارات العامة والخاصة بحيث أصبح الإصلاح ضربًا من ضروب الخيال والإستحالة مع إنزلاق حكام البلد لهذا المستوى المنحط من الممارسات المحرمة والممنوعة في إدارة البلاد مع إفتقادهم للحد الأدنى من الخبرة والضمير والإختصاص والإحساس بالمسؤولية وعدم شعورهم بمأساة المواطن ومعاناته اليومية من تكاليف الحياة الباهظة التي تتجاوز حدود إمكانياته وعجزه عن تحملها. 

إقرأ أيضًا: لبنان بلد الفساد بإمتياز !
فالبلد شارف على الإنهيار من كافة النواحي الإقتصادية والمالية والإجتماعية والمعيشية بعدما بلغت الديون المترتبة عليه السبعين مليار دولار حسب تقديرات الخبراء، علمًا بأن أزمات الخدمات لا زالت تتفاقم وتتزايد يوميًا، فمشكلة الكهرباء لا زالت قائمة رغم مرور عشرات السنوات وإهدار عشرات المليارات من الدولارات لتأهيلها ولا زالت ترهق خزينة الدولة بمليارات الدولارات سنويًا والمواطن لا زال يعاني من إنقطاع التيار مع أنه يدفع فاتورتين بدل الإنارة، فاتورة لأصحاب المولدات وفاتورة لمصلحة الكهرباء وكذلك شح المياه فإن الدولة لم تجد له حلا بالسدود والتوزيع العادل للإستفادة من الثروة المائية التي تذهب هدرًا إما في جوف الأرض أو في البحر. 
أما شبكة المواصلات والطرقات التي تربط المناطق اللبنانية فإنها تفتقد إلى الصيانة والتحديث بإستمرار رغم الأموال الطائلة التي تنفقها وزارة الأشغال لتأهيل هذه الشبكة دون جدوى، هذا عدا إفتقار المواطن إلى الخدمات الإستشفائية والرعاية الصحية والتعليم وغيرها من ضروريات الحياة الملحة ومع ذلك فإن حكام البلد لا زالوا يتمادون في غيهم وإصرارهم على هدر المال العام وحرمان خزينة الدولة من مستحقاتها المالية من المرافق العامة كالأملاك البحرية والمطار والمرفأ والهبات والمساعدات الخارجية وذلك بفتح مزاريب السرقة والهدر لتسهيل مرور هذه الأموال المنهوبة في قنوات تصل إلى جيوب المتسلطين وأزلامهم من اللصوص والحواشي وديوك الزواريب والأحياء والخارجين على القانون وزعماء العصابات. 

إقرأ أيضًا: قبل سقوط الهيكل
إلا أن أسوأ ما أنتجته هذه الطبقة السياسية الفاسدة هو ضرب الأسس السليمة والقواعد الصحيحة للديمقراطية في البلد واستبدلتها بمصطلحات تتعارض مع الدستور والقوانين المرعية مثل الديمقراطية التوافقية المناقضة تمامًا لديمقراطيات العالم كي يتاح لها الإستمرار في السلطة بعد ضرب مبدأ تداول السلطة بين كافة المكونات السياسية الذي يفتح المجال للتنافس على خدمة المواطن والبلد وتطويره وتحديث المشاريع الإنمائية لتواكب قفزات العصر نحو التقدم والرقي.
ففي ظل هذا الواقع المزري قد يتاح لإبليس الإستفادة من رحمة الله وهو الرحمان الرحيم أما الشعب اللبناني فإن لا أمل له بإصلاح وضعه المعيشي والإجتماعي والسياسي مع طبقة حاكمة وفاقدة للرحمة والأخلاق والإنسانية.