التقى أمس أكثر من ستين شخصية شيعية معارِضة في فندق «مونرو»، وأصدر وثيقة سياسية بعنوان «مدَني»، معلنةً البدء بورشة ترتيب «البيت الشيعي المعارِض» قبل الانتخابات النيابية والهدف كما لم يعد سرّاً تشكيل لوائح تخوض الانتخابات في المناطق ذات الأكثرية الشيعية، وتقديم خيار مختلف يشكل نموذجاً الى حدّ التناقض مع ثنائية حركة «أمل» و»حزب الله».وأبرز ما يمكن قراءته على هامش اللقاء الملاحظات الآتية:
 

ـ أولاً، استلزم جمع هذه الشخصيات جهداً استمرّ لأشهر، إذ ضمّ اللقاء معظم أطياف مَن يعارضون مشروع «حزب الله»، سواءٌ جغرافياً في البقاع أو الجنوب أو بيروت، أو سياسياً بجمع يبدأ من ناشطي اليسار وشخصياته والشخصيات المستقلّة، وفي حضور مدَني ومُعمّم، ولا ينتهي بممثلي العائلات السياسية (خليل كاظم الخليل وممثل عن وائل كامل الأسعد) والشيخ صبحي الطفيلي الذي حضر الاجتماع ممثّلاً بالرئيس السابق لبلدية بريتال عباس زكي اسماعيل، فضلاً عن عضوَي حركة «التجدّد الديموقراطي» الدكتور حارث سليمان ومالك مروة.

ـ ثانياً، استلزم البحث في الورقة السياسية نقاشاً طويلاً بين هذه الأطياف، وتمّ صوغها لكي تكون عنوان التقاء على عناوين ثابتة أبرزها عنوان «بناء الدولة ومواجهة الدويلة»، مع تقديم رؤية مختلفة لواقع الطائفة الشيعية وأولوياتها الوطنية، تحت عنوان «نحن لبنانيون أوّلاً وشيعة ثانياً، نرفض الفتنة وهدر الدم وتأييد نظم الإستبداد»، وهي إشارة الى رفض الفتنة السنّية ـ الشيعية، ورفض انخراط «حزب الله» في القتال الى جانب النظام السوري.

ـ ثالثاً، شدّدت وثيقة الشخصيات الشيعية على أولوية التغيير داخل الطائفة الشيعية، واعتباره مدخلاً الى كسر الإنسداد الوطني، فمِن دون فتح الباب على هذا التغيير من داخل الطائفة الشيعية،لا يمكن توقّع حصول تغيير حقيقي على المستوى الوطني، والمقصود بالتغيير خوض الانتخابات النيابية وفق أولويّة كسر احتكار الثنائية الشيعية، وبالتحالف مع مكوّنات سياسية تسهّل تحقيق هذا الهدف.

الواضح أنّ لقاءَ الشخصيات الشيعية هو الأوّل منذ فترة طويلة، وقد نجح في توحيد رؤية المعارضة الشيعية، وهو يسعى الى إنتاج مشروع شيعي مستقل، قادر بعد الوصول الى جهوزية معيّنة على التحاور بندّية مع بقية المكوّنات المعارِضة.

وفي المعلومات أنّ الشخصيات الشيعية التي اجتمعت في «مونرو» وضعت هدف إنتاج معارضة من داخل البيئة الشيعيّة أولوية، وهذا يعني أنّ هذه المعارضة أو المبادرة، تعرف ماذا تريد، من دون أن تضطر الى الالتحاق بأيّ إطارٍ سياسي، وهي تحاول الإفادة من درس سابق، استخلصته منذ العام 2005 وتحديداً في العلاقة مع قوى 14 آذار السابقة، وهو يقول بضرورة تظهير موقف شيعي مستقل، على أن يُصار بعد تأكيد الاستقلالية وتشخيص الدور والهدف، الى تحديد العلاقة مع بقية مكوّنات المعارضة التي تتلاقى معها في الأهداف.

ترجمةُ هذا الكلام تعني أنّ خوض الانتخابات النيابية سيكون اختياراً للأفضل قدرة على خوض المعركة النيابية من داخل اللقاء أو خارجه، على أن يحدّد اللقاء ظروف التحالف مع القوى السياسية الأخرى، سواءٌ في البقاع أو الجنوب أو بيروت، أو جبل لبنان (بعبدا وجبيل).

ماذا عن تحرّكات اللقاء المقبلة؟

يقول المنظّمون إنّ البداية أمس كانت بدايةً حقيقية لتحرّك يطمح الى أن يكتسب شخصية مستقلة، وهذا ما سيرتّب عليه الاستمرار في محطات مقبلة يتمّ الإعدادُ لها بتأنٍّ لكي لا تسجّل أيّ «دعسة ناقصة»، أما التحاور مع بقية مكوّنات المعارضة فهو قائم بالمفرّق على أن يحصل باسم اللقاء بعد نضوج عدد من الخطوات التنظيمية، التي ستحدّد شكلَ اللقاء وآلية عمله، وتشير الى أنّ العمل في المناطق سيتمّ تفعيلُه، لأنّ الاقتصارَ على الاجتماعات «من فوق» لا يغني عن التواصل مع القواعد الشعبية ومع النخب الشيعية التي تريد التقاط أوّل فرصة أو مؤشر للتغيير، وهذا التغيير بات ممكناً، ولن يكون إقفال الطائفة الشيعية على ثنائية حركة «أمل» و«حزب الله» ممكناً خصوصاً في ظل قانون الانتخاب الجديد، الذي يمكن أن يكسر هذا الإقفال للمرة الأولى منذ التسعينات.