هل هناك تفاهمات على مستقبل سورية السياسي دون لحوظ أيّ دور للأسد فيه؟
 

ثمّة حملة إعلامية وسياسية منظمة من قبل الموالين والمؤيدين لسياسات المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بمواقفها الخارجية وخاصة في حربيّ اليمن وسورية على ضوء زيارة الملك سلمان لروسيا بعد أن أصبحت دولة وازنة في منطقة الشرق الأوسط نتيجة تهاون الرئيس الأميركي السابق أوباما وتركه المنطقة لصالح الملاحة الجوية الروسية التي فعلت فعلها في ميزان النفوذ داخل الساحة السورية.
تشير هذه الحملة إلى أهمية الزيارة التي يرأس فيها الملك وفداً كبيراً لاستكمال توقيع عقود واتفاقيات تعاون بين البلدين تعطي روسيا حصة لا بأس بها لتحسين أوضاعها الاقتصادية المُزرية مقابل تفاهمات على مستقبل سورية السياسي دون لحوظ أيّ دور للأسد فيه. 
ويبدو أن المتفائلين في الزيارة مؤمنين بتجاوب القيصر الروسي مع مواقف المملكة من الأزمة السورية اعتقاداً منهم بالتحضيرات التي حصلت بين قيادتيّ الدولتين والتي مهدت الطريق لقدوم الملك إلى روسيا لا كزائر أو كضيف أو كرجل سياسي لبحث ما يجري في منطقة الشرق الأوسط لأن الملك عادة يُزارُ ولا يزور إلاّ من باب الضرورة القصوى كي يتوج تفاهماً منجزاً لا لكي يبحث عن حلّ ما للمشاكل القائمة لأن هذه مهمة الآخرين في قيادة المملكة لا من وظيفة الملك وخاصة أن الملك الحالي لا حول له ولا قوّة على المجادلة مع روس لا يجيدون فنّ الدبلوماسية بالقدر الذي يستجيبون فيه لرغبات القوّة العسكرية مع الدول التي لا تملك مثل هذه القوة.

إقرا أيضا: أمل تسيطر على المجالس الحسينية

إن الملك السعودي وفي وضعه الصحي غير مؤهل للجدل والمجادلة والبحث في المشاكل العالقة في المنطقة بالقدر الذي يستطيع فيه مباركة أي خطوة ناجحة وفرها الملك الفعلي محمد ابن سلمان والذي تربطه علاقة خاصة بالقيادة الروسية من خلال الشبكات التجارية ذات النفوذ القوي في القرار الروسي كما يرى المتحمسون لزيارة الملك السعودي إلى القيصر الروسي ومن هنا يشير البعض إلى طبيعة الممهدين لهذا اللقاء الإستثنائي لملك قلّ ما يزور أحداً ولمملكة مرتبطة منذ نشأتها بالغرب ولا تفرط بعلاقاتها الثابتة بالولايات المتحدة الأمريكية ولا تحيد قيد أنملة عن المواقف الأمريكية، ويعتبرهم وسطاء نافذين لا مجرد تجار في الأسواق الإقليمية ولذلك نجحت خطوات التحضير لزيارة سوف تنجز الكثير من الأمور الخلافية القائمة بين البلدين.

إقرا أيضا: سوريا وسواقة المرأة للسيارة

في محاولته الأولى نجح الملك الشاب عندما كان ولي ولي العهد في تشجيع البلدين على الإستثمار المتبادل في المجال الإقتصادي والعسكري في محاولة منه لكسب ثقة القيادة الروسية ولم يخفق في التوصل مع الروس إلى إتفاق سياسي في المسألة السورية لأن السعودية لم تكن تريد تسوية مع الروس لأن ما يحصل في سورية يصب في مصلحة السعودية لجهة تخلصها المباشر من الإسلاميين المهددين لنظامها وخاصة من التنظيمات المتطرفة أمثال "داعش" ومن عدوتها إيران من خلال إستنزافها الكبير في سوريا وهذان هدفان كبيران بالنسبة للمملكة وقد ساعدها على تحقيقهما القيصر الروسي الذي حمى التوازنات القائمة في سورية لإبقاء الحرب على قدم وساق.
يبدو أن في محاولة الملك الابن تكملة لما اتفق عليه مع القيادة الروسية في الشأن السوري وفي وقوفها المحايد في اليمن وعدم دعم حليفتها إيران خصم المملكة ومن هنا تأتي زيارة الملك الأب لإعطاء التفاهمات السعودية - الروسية  المنجزة ما بين الإبن والقيصر بركات الكرم الملكي لا بالحجم الذي بُذل لترامب ولكن بالقدر الذي يوفر للشركة الروسية ما تحتاجه من سلع أساسية بإعتبار أن ما يغذي مصالح القيصر يسهل السياسة الروسية أو يصعبها بعد أن تحولت روسيا من إيديولوجية إشتراكية إلى إيديولوجية مالية ومن نظام حزب الطبقة العاملة إلى شركة مملوكة من قبل المافيات الروسية والتي يشكل القيصر بوتين رمزاً لها ورافعة أساسية لمصالحها في العالم .