أمير قطر يأمر بملاحقة من يدعم مواقف الدول المقاطعة، والاعتقالات تضاعفت وارتفعت بشكل كبير منذ 5 يونيو الماضي
 

كشفت مجلة “لو بوان” الفرنسية عن تصاعد حملة اعتقالات طالت شخصيات معارضة لنظام الحكم في قطر. وقالت المجلة إنها حصلت على هذه المعلومات في اتصال مباشر مع أحد المواطنين الفرنسيين المعتقلين بسبب اتهام تلفيقي ضده والذي لم يمانع بنشر اسمه، وهو رجل أعمال.

وكشفت أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمر شخصيا بسجن نحو 20 من أفراد العائلة الحاكمة في البلاد عقابا لهم على مواقفهم الداعمة لدول المقاطعة وجهرهم بعدم رضاهم عن السياسة المتبعة من قبل الأمير وحكومته.

ونقلت المجلة واسعة الانتشار في تحقيق نشرته الجمعة بعنوان “أمير قطر أمر بالزج بأفراد من عائلته الحاكمة في السجن” عن جان بيار مارونغي رجل أعمال فرنسي ويرأس مجلس إدارة شركة فرنسية للإدارة والتكوين قوله إنه أثناء اعتقاله في الدوحة -بتهمة إصدار شيك من دون رصيد لم يرتكبها أبدا واستغرب اعتقاله من قبل الشرطة القطرية ترضية لرجل أعمال قطري- التقى في السجن بنحو عشرين من أفراد العائلة الحاكمة في قطر أخبروه بأنهم سجنوا بأمر من أمير البلاد عقابا على مواقفهم الداعمة لدول المقاطعة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.

وأضاف أن السجناء القطريين طلبوا منه إيصال صوتهم وقضيتهم للخارج حين يتم إطلاق سراحه، مؤكدين له أنهم معتقلون بسبب مواقفهم المختلفة من النظام القطري وتوافقهم مع مواقف دول المقاطعة.

وأكد رجل الأعمال الفرنسي أن السجناء يعانون من ظروف صحية متدهورة جدا بسبب الإهمال وانتشار الحشرات إضافة إلى وجود بلطجية يمارسون الترهيب عليهم.

وبحسب المجلة التي تواصلت مع السجين الفرنسي عبر الهاتف فإن أربعة من أفراد الأسرة الحاكمة كشفوا له أسماءهم بينما فضل الآخرون عدم كشفها خوفا من أعمال انتقامية ضدهم.

وأضاف مارونغي أن جميع أفرد العائلة الحاكمة المعتقلين أكدوا له أن الاعتقالات تضاعفت وارتفعت بشكل أكبر منذ يوم 5 يونيو الماضي بعد قرار دول المقاطعة تجميد علاقاتها مع الدوحة بسبب تمويلها للإرهاب.

وقال مارونغي إنه تعرف ضمن المعتقلين على كل من الشيخ طلال بن عبدالعزيز بن أحمد بن علي آل ثاني، الشيخ عبدالله بن خليفة بن جاسم بن علي آل ثاني، الشيخ علي بن فهد بن جاسم بن علي آل ثاني، الشيخ ناصر بن عبدالله بن خليفة بن علي آل ثاني، وهم جميعا من فرع بن علي في عائلة آل ثاني الذي وقع إقصاؤه عن السلطة منذ عقود.

وأضاف مارونغي أن التهم جاهزة كالعادة: شيكات بلا رصيد، ونهب أموال وفساد، فيما يلصق بالشيوخ الشبان تهم التجارة بالمخدرات، وأنها لا تشير إلى حقيقية الاعتقال من قريب أو بعيد باعتبارها قضية سياسية.

وحسب مارونغي ونقلا عن المعتقلين فإن استهداف فرع بن علي من الأسرة الحاكمة على صلة بموقف الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني والذي التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في السعودية في أغسطس الماضي قبل أن يجتمع بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في مقر تواجده آنذاك في طنجة في المغرب.

ويعتبر المراقبون للشؤون القطرية أن النظام السياسي في الدوحة يعاني من حالة توتر شديد منذ قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر اتخاذ تدابير لمقاطعة قطر، وأن الأمر تجاوز التعاطف مع دول المقاطعة إلى دعوات علنية إلى التغيير في قطر.

ويضيف هؤلاء أن قضية الاعتقالات التي كشفت عنها المجلة الفرنسية هي جزء بسيط من حملة اعتقالات تطال شخصيات معارضة باتت تنتقد الموقف الذي وصلت إليه قطر بسبب القيادة الحالية للبلاد.

وتؤكد مراجع خليجية مراقبة أن الحراك المعارض الذي عبر عنه كل من الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني والشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، والذي يضاف إلى حراك معارض نشط في الداخل كما في الخارج، خصوصا من خلال المؤتمر الذي نظمته شخصيات معارضة في لندن قبل أسبوعين، رفع من سقف القلق الذي يعاني منه قادة الدوحة من إمكانية حصول انقلاب داخلي يطيح بالقيادة الحالية.

وتنقل معلومات من قطر عن حالة تململ واسعة في صفوف القطريين تطالب بتحرك ما لتخليص قطر من سياسات عدوانية أوصلت البلاد إلى حالة عزلة داخل نسيج الخليج الاجتماعي والسياسي، وحالة مقاطعة تسلط مجهرا على الدور المشبوه الذي تقوم به قطر في دعم جماعات الإرهاب وتمويلها كما في خدمة الأجندة الإيرانية في المنطقة.

وتكشف “لو بوان” الفرنسية أن تيارا كبيرا داخل العائلة الحاكمة يعتبر نفسه قريبا من المملكة العربية السعودية، إضافة إلى أن الكثير من القطريين فخورون بامتداداتهم القبلية والاجتماعية نحو السعودية، وأن ضيقا اجتماعيا في هذا الشأن جراء حالة المقاطعة قد يدفع إلى حراك داخلي يحاول نظام الدوحة التصدي له من خلال سياسة الاعتقال والترهيب في البلاد.