حكم الإعدام كان مُنتظراً ومُؤكّداً حتّى من أصحاب العلاقة
 

طوتِ المحكمةُ العسكريّة صفحة الأسيرِ يوم الأوّل من أمس بإصدارِ حُكمِ الإعدام بحقّه، وهو الحكمُ الذي سرى كالهشيمِ في النار الافتراضيّة. وفي عمليّة رصدٍ صغيرةٍ لمواقعِ التواصل الاجتماعيّ، نرى أنّ البعض لم يخجل من دماءِ العسكريّينَ الذين سقطوا في معركة عبرا، فراحوا يحملونَ سيف الدفاعِ عن الإرهابيّ أحمد الأسير، كلّ من على مِنبرِهِ الافتراضيّ.

ووسط كلّ هذا الأخذ والردّ بين مُهلّلٍ وآخرَ مُمتعضٍ من الحكم، تردّد سؤالٌ يجب التوقّف عنده، وهو ما تداعيات هذا الحكم في الشارعِ السنّي، وهل يمكن أن تشهد الساحة اللّبنانيّة ردّاتُ فعلٍ أمنيّةٍ على قرار المحكمة العسكريّة من مُتطرّفينَ لبنانيّينَ أو غير لبنانيين؟

يؤكّدُ العميدُ المتقاعد والخبيرُ الاستراتيجيّ أمين حطيط في حديثِهِ لـ"ليبانون ديبايت" أنّ الحكمَ كان مُنتظرَاً ومُؤكَّداً حتّى من أصحابِ العلاقة، فما كانَ بيدِ القضاء من قرائن وأدلّة تُدينُ المُحالين على المحاكمة، يقطع بالنسبةِ للجميع أنّ الحكمَ لا يمكن أن يقلّ عن هذا المستوى.

بدليلِ أنّ المُماطلةَ التي قادها مُحامو الأسير خلال السنتينِ الماضيتين، كانت تهدفُ إلى أحد أمرين: إمّا منع إصدارِ حُكمٍ يلائِم الجريمة، وإمّا تمكين الأسير من أن يستفيدَ من أيّ صفقةِ تبادلٍ مع الإرهابيّينَ التي شَهِدَتها السّاحة اللّبنانيّة والسوريّة خلال المرحلةِ الماضية.

ورأى حطيط أنّ حكمَ الإعدام كان مسلمة بالنسبةِ للجميع، لأنّ القرائنَ القاطعة بالصوتِ والصّورة لا يمكن أن يتفلّت منها أحد كائناً من كان سواء رئيس المحكمة، أعضاؤها، أو هيئة الدفاع، إضافةً إلى أنّه لم يكن هناك إمكانيّة للتسوياتِ السياسيّةِ في هذا الشأن بسببِ وجودِ كُتلةٍ ضاغطةٍ هي كتلةُ أهالي العسكريّينَ الشهداء، والتي كانت تمنعُ مقاربة الموضوع سياسيّاً وإبرامُ عقد أيّ صفقةٍ سياسيّةٍ حول الموضوع.

ولذلك لا يجد حطيط فيما صدر عن المحكمةِ العسكريّة أيّ مُفاجأة لأيّ أحد، سواء أكان من أصدقاءِ الأسير أم من أعدائه.

أمّا بالنسبةِ للتداعياتِ فحالةُ الأسيرِ الحقيقيّة انتهت عند وقفِ إطلاق النّار في عبرا، فـ"هذه الحالة انتهت ميدانيّاً باجتثاثِهَا من قِبَلِ الجيش اللّبنانيّ، وانتهت سياسيّاً لأنّ الذين دفعوا الأسير إلى هذا الوضع رفعوا أيديهم عنه وتنصّلوا منه وأسقطوهُ سياسيّاً، وحتّى على مستوى المتطرّفين لم يستطع الأسير في مخبئِهِ أن يُشكّلَ حالةً مهمّةً تدفعُ القِوى الإرهابيّة في سوريا لتبنّيه، واعتمادهِ، ولذلك تنصّلت الفئات الإرهابيّة منه، ما دفعهُ إلى الهربِ بمفردِهِ عبر مطار بيروت، وهذا دليلُ ضعف، فلا جهة راعية له، ولو كان كذلكَ لكانت استطاعت تلك الجهة تهريبهُ بأمان".

وانطلاقاً من كلّ ما سبق ذِكره، يستبعدُ حطيط أن نرى في الشّارعِ السنّيّ أيّ انعكاسٍ لحكمِ الإعدامِ بحقّ الأسير، وتجلّى ذلك يوم صدور الحكم فـ"من نزل إلى ساحة النجمة في صيدا اعتراضاً على الحكم لا يتجاوز عددهم الـ34 امرأة وطفل، كما أحصتهمُ المخابرات، ولم يصمدوا أكثر من ساعةٍ قبل التوجّه للانسحابِ بمجرّدِ حضورِ دوريّةٍ من قِوى الأمن الداخليّ".

إذاً، كلّ ما في الأجواء يُوحي أنّ الأسيرَ بات ورقةً محروقةً، استغلّتها أوساط سياسيّة في ظلّ غيابِ الحريري القسريّ عن لبنان ونثرت رمادها بعيداً عن الشارعِ السنّيّ الذي لا بدّ أنّهُ تعلّمَ من تجربةِ الأسيرِ درساً لن يعمدَ إلى تقليبِ صفحاتِهِ للوراء في الأيّام المُقبلة.

 

 


ليبانون ديبايت