ولد ميشال المّر في بتغرين في 29 أيلول عام 1932، ووالده الياس المّر متعهّد للأشغال العامة، ووالدته روز صليبا. لديه شقيق واحد هو غبريال المّر وأربع شقيقات .

 

 

   تعلم ميشال المر في  مدرسة الأباء اليسوعيين, منهيا" دراسته الثانوية، ومنها انتقل الى جامعة القديس يوسف حيث تخرج في العام 1955 وهو يحمل شهادة الهندسة المدنية.

    عام 1958، تزوج ميشال المّر سيلفي ابوجودة، "تعرفوا على بعض وهم على مقاعد الدراسة، هو كان في السنة الرابعة هندسة وهي في السنة الأولى حقوق. وبعد قصة غرام دامت زهاء عامين تزوجا وانجبا 3 أولاد هم: الياس ، ميرنا ولانا".

 

 

   انتقال الوزير المّر من عالم الهندسة الى السياسة جاء بمبادرة منه وحده ومن دون تشجيع من أحد. كان غبريال المّر ابن عمّ والده نائبا" ووزيرا"، ولم يكن لديه أولاد، فتوطدت علاقته بالمّر. لكن خلافا" عائليا" نشب ودفع المّر الى الترشح ضد غبريال عام 1960 وهو لا يتجاوز ال27 عاما". فنال 15 ألف صوت ونال غبريال 2000 صوت، وحصل البير مخيبر على 15200 صوت فنجح, وسقط المّر." منذ ذلك الوقت دخل ميشال المر الى السياسية ولم يستطع الهروب منها لأنه احب السياسة ولعبتها ."

 

 

    بعد سقوطه في الأنتخابات، وجد المّر نفسه من دون أي رأسمال مادي وليس له سوى شهادة الهندسة، فسافر الى افريقيا حيث بدأ العمل في شركة، "كان يتقاضى راتبا" مقداره 3000 دولار، ولكي يزيد من راتبه عمل سائق تراكتور وجرافة يشقّ الطرقات في الصحراء ليلا"، اذ علم  ان السائق يجني أكثر من المهندس، هكذا بلغ راتبه 9000 دولار شهريا"، واظب على هذا المنوال 3 أعوام متواصلة حتى جنى ثروة وصار غنيا". فأسس شركة والتزم أشغالا" في افريقيا، وانتشرت مشاريعه في ليبيا، الجزائر، نيجيريا، شاطىء العاج، الغابون، زائير، وبعض الدول العربية. وكان يعود الى لبنان من وقت الى آخر، وصارت أعماله تزدهر حتى بات لديه 4000 موظف وزهاء 17 شركة، تم تقليصها منذ عام 1990 حتى صارت 7 وعدد قليل من الموظفين بسبب انهماكه في العمل السياسي.

 

دخل ميشال المّر المجلس النيابي للمرة الاولى في العام 1968. ولم تفصل بين وقوفه تحت قبعة البرلمان وحصوله على اللقب معالي الوزير سوى بضعة أشهر برز خلالها المّر بقوة على الساحة السياسية.

 

وهكذا عين وزيرا" للبريد والبرق والهاتف في حكومة الرئيس الراحل رشيد كرامي عام 1969 ووزيرا" للبريد والاسكان عام 1977 في الحكومة الرئيس سليم الحص ووزيرا" للبريد في حكومة الرئيس الراحل شفيق الوزان عام 1980 والافت ان المّر بقي خارج اللجنة الحكومية في عهد الرئيس سليمان فرنجية بسبب تصويته للمرشح المنافس الياس سركيس وفي عهد الرئيس امين الجميل.

وقد نجح المّر في المناصب الوزارية التي تسلمها قبل الطائف في تحقيق انجازات بارزة خصوصا" على صعيد الهاتف. واذا كان المّر ابتعد عن المناصب الوزارية معظم سنوات الثمانينات فهو لعب بتلك الفترة دورا" سياسيا" بارزا"، هندس الكثير من اللقاءات ومشاريع الاتفاقات والتحالفات، اهمها لقاء اهدن الشهير عام 1985 بين الرئيس فرنجية والقوات اللبنانية.  وكان مؤيدا" للأتفاق الثلاثي كمدخل لأنهاء الحرب اللبنانية.

وبعد ذلك تعرض للكثير من المضايقات مثل تفجير قصره في بتغرين واشياء كثيرة.

يرفض الوزير المّر القول انه رجل معظم العهود ويتكيّف مع مختلف السياسات.

 

 

يرى المّر ان الياس سركيس تفوق خبرته جميع الرؤساء اللبنانيين لانه عمل مديرا" عاما" لرئاسة الجمهورية طيلة عهد فؤاد شهاب قبل تسلمه الحكم.

ويصفه برجل القيّم والاخلاق وطالما اهتم بالحفاظ على سلامة النقد.

 

ندم الوزير المّر على أمور كثيرة في حياته السياسية :

في السياسة لا يجب ان يكون الشخص صادقا" كليا" بل عليه أن يكذب 50في المئة ويصدق 50 في المئة. فكان يردد : أنا ندمت لانني كنت رجلا" صادقا".

 

ويعتبر الوزير المّر أنه دفع غاليا" ثمن وفائه واندفاعه واخلاصه لا سيما بعد محاولة اغتياله عام 1991 " فكان يرى وجوب اعادة بناء البلد وحّل الميليشيات.لكن لم يجدر به أن يقف في وجهها دائما" ويتلقى كل الضربات، ندم على ذلك رغم انني في الواجهة حتى اليوم، ومن يفعل ذلك يدفع الثمن."

 

 

بعد محاولة اغتياله في انطلياس وفقده نصف سمعه ، فقد المّر الشعور بالخوف :

" لم يعد الموت يعني له شيئا" لأنه عرف ان قدره لم يأت بعد، ولم يعد يخاف شيئا" صار مسلمها ربانية" يذهب الى أي مكان .

 

شخصية دولة الرئيس ميشال المرّ

 مرّ باسمه وبحزمه، وحلو مع سكر زيادة في شخصيته.

هكذا هو وزير الداخلية والبلديات ميشال المّر . يجمع التناقضات ويدمج الأضداد في مهارة قلّ نظيرها. لكن الرجل خطر. وهذا الشعور يستولي عليك منذ اللقاء الاول معه. وتنبع خطورة الرجل من دهائه وتمرسه في السياسة طوال خمسة وثلاثين عاما"، ومن خبرته الطويلة في شؤون البلاد والعباد التي تجعله يتخلص من المواقف الحرجة.

وكما يقول دائما" ان حفظ الامن يرتب على وزير الداخلية ابراز صرامته على الشاشة، فيظهر للناس وجهه القاسي والمخيف كطريقة فضلة لتخفيف المشاغبات عن كاهل رجال الشرطة، فيرتدع المجرمون عن مخططاتهم. وأعترف ان هذا الوجه هو من سيئات حياته السياسية. ويبدو أنه اعجب الدور كوزير الداخلية، فلم يعاودو يفكرون باراحته من هذه الوزارة، كان يتمنى أن يستلم حقبة وزارة الخارجية.

   عند الزيارة الاخيرة التي قام بها باسكو(وزير الداخلية الفرنسي) شكي له المّر من أن نصف الناس لا يحبون وجهه القاسي، لكن الوزير الفرنسي نصحه بعدم استبداله بوجه الطف وحذره قائلا" : سوف تتضاعف مشاكلك وقد تفرجت عليك على التلفزيون وقد اعجبتني.

 

 

 يلفت  نظرك في مكتب الوزير المّر مكتبة ضخمة، منوعة ومكتملة تضم كتب هندسية وحقوقية، كون الوزير المّر درس الاختصاصين وهو متابع دائم في كل تطور في عالم الهندسة، ولقضايا القانون الدستوري.

أخيرا" استعان مجلس النواب اللبناني بمكتبته كونه الوحيد الذي يملك محاضر مجلس النواب منذ العام 1926. والوزير المّر الذي يعمل 18 ساعة متواصلة يجد دائما" وقتا" للقراءة وهو مغرم بسيرة  الرجال العظام الذين طبعوا التاريخ، وهو يكره خط هتلر الجنوني في السياسة، كما يقرأ القضايا الاجتماعية لكي يستطيع حلّ مشاكل الناس وتقديم المشورة لهم حين يراجعوه في مسائل حياتية وعائلية. يتوخى الحذر الدائم في ايجابته وهو صريح جدا" في ابداء رأيه في أشخاص سياسيين عاصرهم وعمل معهم ولكنه يرفض نشر أرائه حرصا" على عدم جرح مشاعر هؤلاء الاشخاص.

محبوب من الجميع

أصبح دولة الرئيس اللقب الاحب الى قلبه سيد الشاشات وصاحب المبادرات والدرع الذي يرد سهام منتقدي الرئيسين الياس الهراوي واميل لحود. والأهم أن دولة الرئيس أصبح صاحب أهم قاعدة خدماتية على كامل الأراضي الجمهورية اللبنانية، يقصده عشرات النواب والشخصياتللحصول على خدمات لمناطقهم، ويقصده أبناء المتن يوميا" ليلبي حاجاتهم. حقق ميشال المّر ما يطمح لتحقيقه كل رجل سياسي، وما لم تتمكن من تحقيقه أي شخصية أورتودوكسية أخرى، ولعله من أكثر الاشخاص الذين ظلمتهم التركيبة الطائفية للسلطة اللبنانية. لم يرث ميشال المر السياسة والمال، بل كان عصاميا" في السياسة والعامل الخاص وأثبت أن الطموح قادر على تحقيق ما هو،في السياسة اللبنانية في مرتبة المعجزات.

 

كثيرون اليوم من الناس يسألون، هل سيكون الوزير الياس المر وريث ميشال المر بالسياسة والمال، الزعيم المتني وتحبه الناس كما احبت والده .